شرت صحيفة "سفابودنايابراسا" تقريرا؛ تحدثت فيه عن اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود، على عقد صفقة شراء أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات طراز "إس-400".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الجيش السعودي سيحصل على أنظمة صواريخ مضادة للطائرات تقدر بحوالي ملياري دولار، مع العلم أنه لم يتم مناقشة المعايير الدقيقة للاتفاق. وفي حال تمكن الطرفان من الاتفاق حول شروط الصفقة في فترة قصيرة وتوقيع العقود، ستصبح
السعودية ثالث بلد يتم تزويده بأنظمة إس-400. وتجدر الإشارة إلى أن أول عميل لروسيا كان الصين، إذ وقعت العقد في أيلول/ سبتمبر سنة 2014، ثم تركيا التي أبرمت العقد في / سبتمبر سنة 2017. وفي حين ستبدأ بكين في تلقي هذه الأنظمة بعد سنة 2018، ستصل أول دفعة لتركيا بعد سنة 2019.
وأفادت الصحيفة بأنه عقب اجتماع كل من بوتين والملك سلمان، وقع المدير العام لشركة روسوبورونيكسورت الروسية، ألكسندر ميخييف، ورئيس مجلس إدارة الصناعات العسكرية السعودية، أحمد الخطيب، عقدا بحضور الرئيس الروسي والعاهل السعودي، يسمح بتجميع بنادق كلاشينكوف في المملكة.
وأكدت الصحيفة أن البنتاغون أعرب عن قلقه إزاء اهتمام عدد من حلفاء الولايات المتحدة باقتناء أنظمة صواريخ إس-400 الروسية، وذلك وفقا لما صرحت به المتحدثة باسم البنتاغون، ميشيل بالدانزا. وتجدر الإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية تعتقد أنه من المهم الحفاظ على التناسق بين
الأسلحة الأمريكية وأسلحة حلفائها؛ لأن ذلك من الممكن أن يهدد مصالحها.
وأوضحت الصحيفة أن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، لم يقدم أي تفاصيل حول تسليم أنظمة الدفاع الصاروخي إس-400 إلى الرياض. في المقابل، أكد بيسكوف أن مثل هذا التعاون "ليس موجها ضد أي طرف ثالث، ونحن نعتبر أن التصريحات القلقة من قبل البنتاغون ليس لها أي داع".
ولكن لماذا تقوم
روسيا بتسليح السعودية، المملكة التي تعتبر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة، وماذا ستقدم الرياض لموسكو مقابل هذه الصفقة؟
توضح الصحيفة أن الصناعة الدفاعية الروسية حققت أرباحا مادية ومعنوية كبيرة، بفضل أنظمة الدفاع الصاروخي إس-400. ففي السابق، قدمت روسيا منظومة الدفاع الصاروخي طراز إس-300 لإيران، كما وقعت عقودا مع أنقرة بشأن أنظمة الدفاع الصاروخي إس-400، ومن الواضح أنه حان دور السعودية. ووفق مدير مركز أبحاث الشرق الأوسط والقوقاز التابع للمعهد الدولي، ستانيسلاف تاراسوف، فإن هذا الاتفاق سيساهم في توسيع التعاون العسكري والتقني بين السعودية وروسيا.
وتطرقت الصحيفة للحديث عن أهم الأسباب التي دفعت الرياض إلى شراء الأسلحة الروسية. وحسب الخبير السياسي تاراسوف، فإنه "من غير المرجح أن تهاجم الرياض إسرائيل. أما فيما يتعلق بإيران، فيبدو أن الرياض تدعم الجهود الإيرانية بموضوعية في الشأن السوري، كما من الممكن إقامة تحالف تكتيكي بين إيران والمملكة العربية السعودية". ووفقا لتاراسوف، فإنه "في حال لعبت موسكو دور الوساطة، فستكون قادرة على تقليص حجم التناقضات بين الرياض وطهران، وستعزز إقامة التحالف التكتيكي".
وحيال هذا الشأن، يعتقد تاراسوف أن "شراء أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية المضادة للطائرات من قبل تركيا والسعودية في هذا الوقت بالذات يعد بمثابة إشارة إلى الولايات المتحدة، أي محاولة لإظهار مدى استياء أنقرة والرياض من واشنطن".
وأشارت الصحيفة إلى صفقة الأسلحة التي أبرمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته للمملكة. ووفق تاراسوف، فلكل طرف لعبته ومصالحه الخاصة، ويبدو أن مصلحة روسيا تكمن في النجاح في توسيع سوق الأسلحة الأجنبية، والدخول بموازين القوى في الشرق الأوسط.
في سبيل تحقيق هذه الغاية، تمكنت روسيا من التأثير على الأتراك لتغيير موقفهم تجاه بشار الأسد، ناهيك عن وجود بوادر تؤكد تغير موقف السعودية حيال المشهد السوري. من جهة أخرى، بدأت أنقرة في إقامة تحالف مع طهران فيما يتعلق بالمسألة السورية والقطرية. ونتيجة لذلك، شعر الأمريكيون بأنهم يفقدون سيطرتهم على المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن تاراسوف بأن "الفاعلين الرئيسيين في اللعبة الاستراتيجية في الشرق الأوسط وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، بدأوا يتجهون نحو روسيا. وأعتقد أن حملة ترامب المناهضة لإيران لن تحظى بدعم من أنقرة والرياض. وهذا يعني أن محاولة ترامب لإقامة تحالف مناهض لإيران فشلت تماما".
واعتبر تاراسوف أن "الزعيم التركي رجب طيب أردوغان والملك سلمان؛ قد أيقنا أنه من الأجدر بهما بناء شراكة مع بوتين وليس مع ترامب. فخلافا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لن تتتلاعب روسيا بمصالح تركيا".
ويقول تاراسوف: "في الوقت الراهن، تم إعادة تشكيل نظام جديد للعلاقات في الشرق الأوسط. وبناء عليه، أصبحت روسيا اللاعب الرئيسي في المنطقة، بينما تعاني الولايات المتحدة من فشل ذريع".