بالرغم من انتشارها في كامل أرجاء مدينة
حلب منذ أواخر العام الماضي 2016، لم تنه الشرطة العسكرية الروسية حالة الفلتان الأمني التي تشهدها المدينة التي يسيطر عليها بالنظام بالكامل.
فبعد مرور قرابة العام على سيطرة النظام على الأحياء الشرقية منها بدعم روسي، لا زال الأهالي يعانون من سطوة المليشيات (
الشبيحة) ومن غياب القانون ومن انتشار الجريمة والمخدرات، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن دور الشرطة العسكرية الروسية في فرض القانون، رغم الترويج حين انتشارها بأنها تسعى لضبط الأمن.
وناهيك عن الانتهاكات الأمنية من جانب أجهزة نظام بشار الأسد، تتنوع الجرائم بين السطو المسلح والاختطاف والاغتصاب، شرق وغرب المدينة.
ويرى الناشط الإعلامي أحمد محمد؛ أن
روسيا لم تنشر شرطتها العسكرية في مدينة حلب بهدف فرض الأمن أو لتخليص الأهالي من سطوة الشبيحة من الأصل، وإنما لأهداف إعلامية بحتة.
ويضيف لـ"
عربي21": "كان هدف روسيا من نشر صور دورياتها وهي تتجول في شوارع حلب بعد انسحاب المعارضة منها؛ أن يقتنع العالم بأن الإرهاب قد دحر من حلب، وهي التي كانت حينها بأمس الحاجة إلى انتصارات لتقنع بها الشعب الروسي والمجتمع الدولي بأن حصيلة تدخلها العسكري والكلفة المرتفعة له بدأت بالظهور"، كما قال.
وبحسب محمد، فإن من بين أهداف انتشار الشرطة العسكرية الروسية في حلب، أيضا؛ "عدم إفساح المجال وتركه مفتوحا أمام إيران ومليشياتها التي تغزو حلب، وهو الأمر الذي يمس مصالح روسيا الحالية والمستقبلية".
ويكمل الناشط الإعلامي: "في حلب ساد شعور مع بداية انتشار الشرطة العسكرية أن الوضع الأمني يتجه للتحسن، لكن ومع مرور الوقت، بدأت حالة من الإحباط تنتاب الأهالي"، وفق قوله.
ويبرز التساؤل: "هل بمقدور الشرطة العسكرية الروسية فرض الأمن في حلب، ولم تفعل؟".
وإجابة على هذا السؤال، تجزم الصحفية نسرين أنابلي، من مدينة حلب، أن "الشرطة العسكرية الروسية قادرة على فرض الأمن برفع إشارة إصبع من أصغر جندي لديها متواجد في
سوريا"، وتستدرك: "لكن لا إرادة لديها؛ لأن الملف الأمني ليس من أولويات روسيا في سوريا على الأقل في الوقت الراهن"، وفق تقديرها.
وتنقل أنابلي، في حديثها لـ"
عربي21"، مشاهدات من داخل مدينة حلب لدور الشرطة العسكرية الروسية، فتقول ساخرة نقلا عن الأهالي من هناك: "تتجول دوريات الشرطة العسكرية الروسية بشكل مكثف في أحياء حلب، وخصوصا الشعبية منها، لكن ليست لأهداف أمنية، وإنما لكسر الملل الذي يعتري أفراد الشرطة"، بحسب تعبيرها.
وتتابع بلهجتها الحلبية: "ما لهم علاقة باللياقة"، وتؤكد أن "أهالي حلب ينظرون إلى عناصر الشرطة الروسية نظرة ثانوية".
ويتفق محمد مع ما ذهبت إليه أنابلي، من أن الملف الأمني ليس على سلم أولويات روسيا في سوريا، لكنه بالمقابل يرى أن السيطرة على المليشيات "ليس بالأمر بالسهل، في مدينة تعج وتموج بالشبيحة، كما هو حال حلب".
ويشير إلى أن معدلات الجريمة ارتفعت مع دخول أول دورية للشرطة العسكرية الروسية لحلب، ويقول في هذا الصدد: "للآن نسمع عن حوادث اغتصاب وسرقة من دون أن يتم محاسبة الجناة، لا من النظام ولا من الروس".
وكما هو واضح لمحمد، فإن مصالح روسيا المرحلية التي يخدمها الحفاظ على النظام ولو شكلا، هي تحقيق مكاسبها الاقتصادية بعيدا عن احتياجات الأهالي، في حين يتركز عمل الشرطة العسكرية الروسية الآن على إزالة الألغام ومخلفات الحرب، كما قال.