في مدينة أوفا في روسيا وما بين الـ 8 إلى الـ10 يوليو/ تموز 2015 اجتمع قادة وزعماء دول منظمة شنغهاي للتعاون (روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وأوزبكستان، والتي تتمتع كل من منغوليا والهند وإيران وباكستان وأفغانستان بصفة مراقب فيها، كما تتمتع بيلاروس وسريلانكا وتركيا بصفة "شريك في الحوار") في القمة الخامسة عشرة لهم، وكذلك اجتمع في نفس الوقت والزمان قادة مجموعة بريكس (روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا) في القمة السابعة لهم، لمناقشة جميع القضايا الدولية والإقليمية، والعلاقات الثنائية بين كل من المنظمتين والدول والهيئات الأخرى المشابه.
ويعد هذا اللقاء من اللقاءات النادرة التي تكون فيها المنظمتين في بلد واحد في روسيا، وحيث أن روسيا والصين هما البلدان الوحيدان اللذان يشتركان في المنظمتين معا، فهناك مؤشرات إلى أن هناك أهدافا لإيجاد حلف قوي يجابه القطبية الوحيدة بالعالم المتمثل بالولايات المتحدة وحلف الناتو الذي تقوده مع أوروبا وإنشاء حلف متعدد القارات، وحيث أن البرازيل وجنوب إفريقيا يمثلان أمريكا الجنوبية وإفريقيا إلى الآن مع وجود إشارات عبر بعض المواقع بإمكانية زيادة بعض الدول إلى البريكس.
في نظرة سريعة للمنظمتين، فمنظمة شنغهاي تأسست في 15 يونيو 2001 في شنغهاي، وتشمل ست دول هي:
الصين، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وروسيا، وطاجيكستان، وأوزبكستان وتم توقيع ميثاق المنظمة في يونيو 2002، ودخل حيز التنفيذ عام 2003. ويعود تأسيس المنظمة إلى عام 1996 حيث كانت تضم هذه البلدان ما عدا أوزبكستان تحت اسم «مجموعة شانغهاي الخماسية»، ثم انضمت كل من الهند وباكستان إلى المنظمة كعضوين كاملي العضوية في 9 يونيو 2017 في قمة أستانا، ومن خلال ميثاقها فهناك عدة رتب للدول التي تنظم لها، فهناك الدول المراقبة مثل أفغانستان وروسيا البيضاء ومنغوليا وإيران، وهناك شركاء الحوار أرمينيا أذربيجان كمبوديا نيبال سريلانكا وتركيا التي طلبت مؤخرا عام 2017 أن تكون عضوا أساسيا في المنظمة.
تتميز المنظمة بإمكانية انضمام الدول إليها وتوسيع نطاقها ضمن كافة المستويات وتتمحور أهداف المنظمة حول تعزيز سياسات الثقة المتبادلة وحسن الجوار بين دول الأعضاء، ومحاربة الإرهاب وتدعيم الأمن ومكافحة الجريمة وتجارة المخدرات ومواجهة حركات الانفصال والتطرف الديني أو العرقي. والتعاون في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية وكذلك النقل والتعليم والطاقة والسياحة وحماية البيئة، وتوفير السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
أما منظمة بريكس فقد عقدت أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول "بركس" في يوليو/تموز عام 2008، وذلك في اليابان حيث اجتمعت آنذاك "قمة الثماني"، ثم كانت القمة الأولى التي جمعت أربع دول هي روسيا والصين والبرازيل والهند عام 2009 في روسيا في قمة ييكاتيرينبرغ عام 2009، ثم في عام 2010 انضمت جنوب إفريقيا ليتغير الاسم المختصر إلى بريكس من بريك. وتشكل مساحة دول المنظمة ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب 40 % من سكان العالم.
ومن أهم المعطيات التي طرأت على الساحة نذكر حضور الرئيس الإيراني حسن روحاني القمة وتقديم بلاده طلب عضوية كاملة للمنظمة عام 2008، وكذلك في إعلان الرئيس التركي أردوغان عام 2017 عن رغبته في الانضمام إلى دول اتفاقية «شنغهاي ردا على مماطلة الاتحاد الأوروبي بانضمام تركيا إليه منذ الثمانينات.
إن الناظر لأهداف المنظمتين بعمق وتفكر يجد أنهما يسيران على طريق واحد يكمل أحدهما الآخر، بشكل يضمن انتهاء القطبية الواحدة العالمية التي تقودها الولايات المتحدة. فمنظمة شنغهاي تخطط لتوسيع منظمتها بعدد أكبر من الدول والمساحة والسكان والاقتصاد وأيضا في مجالات التعاون بينها، بينما بريكس تركز على الاقتصاد، فخلال القمة السادسة للمجموعة في مدينة فورتاليزا البرازيلية 2014، تم التوقيع على وثيقة لتأسيس بنك التنمية الجديد برأسمال قدره 100 مليار دولار ليكون منافسا بشكل معين لصندوق النقد الدولي، وليقوم بتقديم التمويل لمشروعات البنية التحتية لدول للمجموعة. كما يتم دراسة إمكانية تأسيس وكالة تصنيف ائتماني مستقلة داخل المجموعة لتقييم الاقتصادات بشكل مستقل وموضوعي بعيدا عن التسييس. أما فيما يخص توسيع المنظمة فهناك إشارات لتوسعها، ففي قمة شيامين 2017 تم دعوة رؤساء خمس دول للمشاركة في القمة، دعتها الصين المستضيفة، وهي طاجيكستان وتايلاند من آسيا، مصر وغينيا من إفريقيا، والمكسيك من أمريكا الوسطى، وكان شعار القمة "علاقات شراكة أقوى لمستقبل أكثر سطوعا".
وسبق ذلك عام 2016 في قمة غوام الهندية التي استضافت القمة إلى جانب قمة بريكس قادة دول BIMSTEC، وهي مبادرة خليج البنغال للتعاون التقني والاقتصادي المتعدد القطاعات هي منظمة دولية تضم مجموعة من دول جنوب آسيا ودول جنوب شرق آسيا وهي: بنغلاديش, ميانمار, سريلانكا, تايلاند, بوتان نيبال، إلى جانب الهند العضو في بريكس.
وهناك دول محتمله لتكون من الدول التي تدخل ضمن أعضاء المنظمة مثل تركيا والمكسيك وأندونيسيا واليونان الأرجنتين وإيران وغيرها من الدول.
نعود إلى السؤال الذي طرحناه في مقالنا هذا، هل هناك أمل في اندماج المنظمتين بشكل كلي؟ باعتقادي أن الاندماج الكلي بين المنظمتين سيكون بشكل تدريجي وجزئي، وهو الذي بدأ منذ عام 2015 تقريبا بتقارب سواء بالتنسيق الأمني والاقتصادي والاجتماعات المشتركة للقمتين وحشد الدول لتوسعة التحالف، وهو اندماج وتقارب يستمر في كل عام، وننتظر قمة بريكس في جوهانسبيرغ في جنوب إفريقيا عام 2018، والتي قد يكون منها الكثير مثل انضمام دول أخرى للبريكس أو أن يكون هناك استضافة دول تنضوي تحت مجموعة ما في إفريقيا. أو أن يكون تعاون أكبر مع منظمة شنغهاي التي ستكون قمتها عام 2018 في الصين الدولة المشتركة بين المنظمتين إلى جانب روسيا كما ذكرنا.