هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للصحافية نسرين مالك، تعلق فيه على تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مؤتمر اقتصادي يوم الثلاثاء في العاصمة الرياض، قائلة إنها تعبير عن حالة إنكار يعيشها آل سعود، وطريقة للترويج لمواقفهم وتقربهم من الغرب.
وتقول مالك، التي عاشت وعملت في السعودية، إن "شيئا ما يوشك على الحدوث في السعودية، فعلى مدار عقود اتبعت العائلة المالكة في السعودية سياسة تقديم وعود دون الوفاء بها، حيث يقومون بإحداث صخب معهود، في محاولة لصقل صورة البلد المشوهة عالميا، لكن عندما يحين موعد التنفيذ، لا يقدمون البضاعة التي وعدوا بها".
وتضيف الكاتبة في مقالها، الذي ترجمته "عربي21"، أن "هذه المرة قد يختلف الحال، ففي مقابلة مع (الغارديان) تحدث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في تصريحات تجذب انتباه الجميع، حتى أكثر المتشككين، حيث قال إن الثورة الإيرانية أدت إلى محاولات تقليد لها في المنطقة، وحان الوقت (للتخلص منها في السعودية)".
وتورد الصحيفة نقلا عن ابن سلمان، قوله: "سنعود إلى ما كنا عليه ببساطة، الإسلام المعتدل المنفتح على العالم والديانات الأخرى، تقل أعمار 70 في المئة من السعوديين عن الثلاثين، لن نضيع 30 عاما من عمرنا في مكافحة الأفكار المتطرفة، سنقضي عليها الآن وحالا".
وتعلق مالك قائلة إن: "ولي العهد مسوّق ماهر لفكره، وصار محبوبا من وسائل الإعلام الغربية، لدرجة أنه صار يشير إليه بـ(أم بي أس)، ونجح في تقديم نفسه على أنه محور التغيير منذ أمد طويل في المملكة، وبدا لبعض الوقت أن ولي العهد لا يقدم غير الكلمات والوعود ليس إلا".
وتستدرك الكاتبة بأن "التعليقات الأخيرة جاءت مصحوبة برفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات، وهي التي كنت متشككة بها، إلا أنها نفذت، ما يشير إلى أن ولي العهد وعددا من أفراد الأسرة المالكة جادون في التغيير".
وترى مالك أن "العائلة الحاكمة مضطرة لفعل هذا الأمر، فهناك بعد اقتصادي للإصلاح، يترافق على ما يظهر حسن نية، حيث اكتشفت العائلة عبر السنين أن انخفاض أسعار النفط في اقتصاد غير متنوع لا يمكنه حمايتها في الوقت الحالي، ولهذا فهي مضطرة للتغير والتخلص من العادات القديمة، وكانت استراتيجية العائلة في الماضي تقوم على حماية نفسها في المدى القريب من ناحية مد يدها الكريمة للسكان، وإطلاق يد المؤسسة الدينية حرة لعمل ما تريد".
وتشير الكاتبة إلى أنها عاشت في السعودية أثناء التسعينيات من القرن الماضي وبداية القرن الحالي، وكانت فترة شهدت فيها البلد مرحلة من الهجمات الإرهابية، و"مع ذلك كان من المثير للإحباط رؤية الشرطة الدينية وهي تستفز وتتحرش بالناس، وتفرض عليهم قوانين دينية متشددة، في وقت كانت تحاول فيه الحكومة البحث عن طرق لمواجهة الإرهاب، وفشلت في الربط بين الاثنين، إلا أن يد الرجال الذين كانوا يجرون الناس للصلاة، ويصرخون على النساء أن يغطين أنفسهن، قد أضعفت منذ ذلك الوقت".
وتجد مالك أن "من أكثر الأشياء إثارة للدهشة التصريحات الاخيرة من آل سعود، التي أشارت إلى حالة الملل والقلق بين الشباب السعودي، وبأن البلد لا يفهم حالة الاختناق التي يعيشونها، وربما كان الأمير محمد بن سلمان داعيا للتحول الاجتماعي، مؤكدا أنه دون عقد اجتماعي جديد بين الدولة ومواطنيها فإن عملية إعادة تأهيل الاقتصاد ستفشل".
وتورد الصحيفة نقلا عن عضو بارز في العائلة المالكة، قوله: "إن الأمر يتعلق بمنح أطفالنا حياة اجتماعية"، وأضاف: "ضرورات الترفيه يجب أن تكون خيارا لهم، ويشعرون بالملل والحنق، والمرأة تحتاج لقيادة سيارتها للعمل، ودون ذلك فقد انتهينا، الكل يفهم هذا باستثناء الناس في البلدات الصغيرة، لكنهم سيفهمون".
وتفيد الكاتبة بأن "الإشارات إلى وجود انقسام بين السعوديين (في البلدات الصغيرة) والعائلة الحاكمة لم يسمع بها أحد، ويبدو أن الحكومة بدأت تتغلب على مخاوفها من تهميش رجال الدين التقليديين، وخلافهم مع العائلة المالكة والنخبة، الذين يراهم المتشددون فاسدين وتحت تأثير الغرب الكافر".
وتذهب مالك إلى أنه رغم ما يبدو من تغييرات، فإن المملكة ما تزال تعاني من حالة إنكار، وترى أن حالة التطرف في السعودية لم تبدأ بالثورة الإيرانية عام 1979، وتقول إن التطرف في السعودية بدأ بإطلاق يد رجال الدين المتشددين في التحكم في كل شيء، بدءا من المناهج المدرسية إلى قوانين النظام العام.
وتخلص الكاتبة إلى القول إن "إطلاق يد رجال الدين المتشددين في السعودية كان يعني بالنسبة للعائلة المالكة تهدئة مؤسسة دينية قد تتسبب محاولة تحجيمها بالكثير من المشكلات داخل البلاد، مثل احتلال الحرم عام 1979، بالإضافة إلى أنه كان يعني تمكين النظام من توطيد حكم استبدادي لا يمكن مساءلته".