نشر موقع "هافينغتون بوست" الناطق باللغة الفرنسية تقريرا، تطرق من خلاله إلى ضرورة اتخاذ الرئيس الفرنسي، إيمانويل
ماكرون، موقفا واضحا من نظام الرئيس
المصري، عبد الفتاح
السيسي، الذي يعدّ أبرز حلفائه في محاربة الإرهاب في المنطقة.
وقال الموقع في تقريره، الذي ترجمته "عربي21"، إن السيسي يمارس سياسة قمعية في حق شعبه والمنظمات الحقوقية الناشطة في بلده. وعلى الرغم من ذلك، لم تتوان الشركات الفرنسية عن توقيع صفقات عسكرية مع النظام المصري، ليصبح الأمر أشبه بمكافأة لحكومة السيسي على اضطهادها وتعذيبها للشعب المصري. وفي هذا الصدد، دعت منظمات حقوقية فرنسية الإليزيه لمراجعة حساباته بشأن علاقته بالنظام المصري.
وأكد الموقع أنه بتعلة مكافحة الإرهاب، يعيش المجتمع المدني في مصر تحت وطأة سياسة قمعية، حيث يدفع كل مناصري حقوق الإنسان، من محامين، وصحفيين، ومثقفين، ونقابيين، ثمن انتقادهم للنظام المصري. وفي الأثناء، اتخذت الحكومة المصرية إجراءات مقيدة للحرية، خصوصا ضد الناشطين النقابيين، على غرار محمد زارع، الذي وجهت له تهمة "التخابر مع كيانات أجنبية؛ بهدف المس بالأمن القومي"، بعد أن شارك في فعاليات ضبط الأمم المتحدة لآليات جديدة للدفاع عن حقوق الإنسان. وعلى ضوء ذلك، يواجه الزارع عقوبة تصل إلى المؤبد.
والجدير بالذكر أنه في الوقت الحاضر، يقبع قرابة 11 ناشطا في الدفاع عن حقوق الإنسان خلف القضبان، في حين تمّ تجميد ممتلكات عشرة آخرين، فيما منع 28 ناشطا آخر من مغادرة التراب المصري، دون الخوض في تفشي ظاهرتي الاختفاء القسري والتعذيب، علاوة على سوء المعاملة داخل السجون المصرية.
وذكر موقع أنه بغض النظر عن الأسباب التي تقف وراء موجة الاعتقالات في مصر، إلا أن تهمة "الإرهاب" تعد الأكثر تداولا. فقد باتت أشبه بسيف مسلط على رقبة المجتمع المدني المصري بمختلف أطيافه. إضافة إلى ذلك، يعدّ المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر من الأشخاص المستهدفين من قبل سياسة حكومية تقيد جل التحركات الصادقة في محاربة الأصولية، وتدعم انتشار الفكر الراديكالي، وتعزز الإحساس بفقدان الاستقرار في البلاد.
وأورد الموقع أن العديد من نشطاء المجتمع المدني، على غرار أحمد ماهر، أشاروا إلى عملية استقطاب تنظيم الدولة لعدة أشخاص في السجون المصرية. ويعزى ذلك بالأساس إلى السياسة المصرية التي تقوم على نظام المعتقلات، والتي تعدّ حليفا يخدم الإرهاب بشكل متزايد.
وأفاد الموقع بأن الوضع الحالي في شمال سيناء يثير الريبة، حيث ذكرت السلطات المصرية أنها قتلت قرابة "ستة آلاف إرهابي" خلال السنوات الأخيرة في هذه المنطقة، في حين أن عدد المنتمين لتنظيم الدولة في "ولاية سيناء" لا يتجاوز عتبة ألف مقاتل.
ويحيل ذلك إلى أن أغلب القتلى الذين سقطوا في حرب الحكومة على الإرهاب في سيناء، هم من المدنيين، علاوة على عمليات الإعدام الميداني، وظاهرة الاختفاء القسري التي تثير سؤالا محيرا حول مدى تورط قوات الأمن المصري. عموما، تجاوز عدد العمليات الإرهابية في شمال سيناء 681 عملية خلال سنة 2016، مقارنة بنحو 261 عملية إرهابية خلال سنة 2013.
وقال الموقع إن العامل الذي عمق الأزمة في مصر يتمثل في قانون أيلول/ سبتمبر 2013، الذي يجرم ويمنع التظاهر، كما تم إخضاع الصحافة المستقلة في مصر إلى إملاءات الحكومة بالإكراه. علاوة على ذلك، تنامى العنف ضد الأقليات، خصوصا الطائفة المسيحية القبطية، ما كشف حجم تقصير السلطات المصرية في حمايتهم.
وأضاف الموقع أن مصر تعيش في ظل عدة أزمات أخرى، لعل من أبرزها: التضخم المالي غير الخاضع للرقابة، والبطالة المستمرة، والفساد المستوطن، والاعتداءات الموسعة على الحرية. وأصبحت جل هذه المشاكل جزءا لا يتجزأ من الواقع اليومي للمصريين.
وعلى الرغم من كل ما يعانيه المصريون، تم الكشف خلال شهر تموز/ يوليو سنة 2017، عن صفقة وقعتها مؤسسة فرنسية سنة 2014 مع النظام المصري، تقتضي تزويد القاهرة بنظام استخباراتي يتكفل بمساعدة السلطات في تحديد، ومراقبة، وإيقاف، وتعذيب المعارضين السياسيين أو أنصار حقوق الإنسان، مع العلم أن الصفقة ذاتها وقعتها سابقا مؤسسة "إيغل" مع نظام الدكتاتور الليبي، معمر القذافي.
وفي الختام، ذكر الموقع أن الوقت حان للدبلوماسية الفرنسية أن تطور علاقة "متميزة" مع مصر ضمن مناخ شفاف، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة عدم توقيع أي اتفاق تجاري مع الطرف المصري دون أن يخضع لشروط حماية حقوق الإنسان.