هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
منذ إعلان وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، برعاية أردنية أمريكية روسية، تتزايد الضغوط على الفصائل العاملة في المنطقة للامتناع عن قتال قوات النظام السوري، مع تلويح بإجراءات ضدها في حال مخالفتها الطلبات بهذا الصدد.
وقبل شهرين تقريبا، هدد التحالف الدولي فصيل "لواء شهداء القريتين" بقصف مقراته إن لم يعد الأسلحة التي منحه إياها التحالف، وذلك بعد أن خالف هذا الفصل "التعليمات" للفصائل بالالتزام بقتال تنظيم الدولة فقط دون النظام أو الأطراف الأخرى، كالمليشيات الشيعية المدعومة من إيران، والتي تمكنت من السيطرة على معظم البادية السورية، تلا ذلك تعليمات من التحالف وغرفة الموك للفصائل بالانسحاب من ريف السويداء الشرقي ومناطق أخرى جنوب غربي تدمر لصالح المليشيات الموالية للنظام السوري.
من جهته، قال محمد أبو المثنى، القيادي العسكري في "كتائب أحمد العبدو"، إحدى الفصائل المقاتلة في القلمون الشرقي والبادية السورية، إن "الخلافات بدأت منذ فترة المعارك بين المعارضة من جهة وقوات النظام ومليشياته من جهة أخرى، عندما أمر التحالف الدولي الذي يقود المعارك هناك، انطلاقا من قاعدة التنف والأراضي الأردنية، فصائل المعارضة بالانسحاب من ريف السويداء الشرقي وتسليمه لقوات النظام"، وفق قوله لـ"عربي21".
ولفت إلى أن "التحالف مارس ضغوطا كبيرة على الفصائل وأجبرها على الانسحاب، ولكن لم تنسحب كما خطط، بل خاضت مواجهات عنيفة ضد المليشيات في المنطقة قبل أن يعود ريف السويداء الشرقي للنظام؛ الذي امتدت سيطرته حتى خطوط إمداد مخيم الرقبان على الحدود الأردنية السورية".
ويضيف: "قبيل سقوط البادية بأسبوع، اجتمع ضباط أمريكيون بقادة الفصائل التي تقود معارك البادية؛ بقاعدة التنف العسكرية على الحدود العراقية، وأخبروهم بضرورة تهدئة الوضع ضد المليشيات الشيعية، والالتفات لقتال تنظيم الدولة والقضاء عليه، وترك قتال النظام على الأقل في الوقت الراهن"، كما قال.
وبيّن أن طلب واشنطن مبني على اتفاقيات مع موسكو، خلال اجتماع جرى بين الطرفين في العاصمة الأردنية، "وقد أدى رفض فصيل لواء شهداء القريتين الأوامر لوضع واشنطن في مأزق أمام الروس، فقطعت الدعم عنه وهددت بقصف مقراته وطالبته بإعادة سلاحه، فقام الفصيل بإعلان انشقاقه عن التحالف والعمل منفردا"، على حد قوله.
اقرا أيضا : روسيا تضغط لإخراج المعارضة من القلمون الشرقي دون شروط
وأوضح أبو المثنى أن سلوك "لواء شهداء القريتين" كان حافزا كبيرا لفصائل أخرى للقيام بالشيء ذاته، وعلى رأسها "أسود الشرقية" و"كتائب أحمد العبدو"، حيث "رفضت هذه الفصائل الانسحاب من القلمون الشرقي رغم طلب واشنطن منهم ذلك عدة مرات، إضافة للاشتباكات الأخيرة بين فصائل "البنيان المرصوص" في حي المنشية وبين قوات النظام.
وتحدث أبو المثنى عن "مخطط للموك يهدف لتفكيك غرفة عمليات البنيان المرصوص التي حققت تقدما واسعا؛ وسيطرت على نحو 90 في المئة من حي المنشية بدرعا البلد"، مشيرا إلى أن الموك تحضر لإعلان وقف الدعم وإعادة هيكلة الفصائل بعد رفض عدة فصائل وقف قتال النظام.
واستطرد أبو المثنى قائلا: "الوضع في الجنوب بلغ مرحلة الغليان، والتركيز الدولي الآن ينصب على مكافحة تنظيم الدولة، ممثلا بـ"جيش خالد" بريف درعا الغربي، فقط"، مضيفا: "أما الفصائل الأخرى التي كانت تقاتل النظام وتوقفت بسبب فرض خفض التصعيد، فلن تبقى صامتة طويلا".
وتحدث عن "عمل عسكري يحضر له النظام، ويرتبط ارتباطا وثيقا بمعبر نصيب الحدودي، وتقدم المفاوضات بين الجانب الأردني بوصفه وسيطا بين النظام والمعارضة"، مؤكدا أن "المعارضة هي الأخرى تستعد، بل وترى أن المعارك في المنطقة قادمة لا محالة، وأنها لا تأمن جانب النظام على الإطلاق"، بحسب تعبيره.
وفي هذا السياق، يرى الناشط عبد الرزاق النعيمي؛ أن مناطق الجنوب السوري، وبخاصة محافظة درعا، "لها وضعها الخاص، لا سيما في ظل دخوله بعدة اتفاقيات وهدن، السرية منها والعلنية"، معتبرا أن مفاوضات معبر نصيب وتسليمه للنظام أو لإدارة مشتركة "هو حد الفصل للوضع الميداني هناك"، وفق تقديره.