نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن التوجهات
الاقتصادية الجديدة للمملكة العربية
السعودية، التي كان من المفترض أن تثير أطماع
رجال الأعمال من جميع أنحاء العالم، ولكن يبدو أنها لم تلق الترحيب الذي توقع ولي العهد رغم الضمانات المقدمة.
وقالت الصحيفة، في هذا
التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن السعودية التي عرفت بثروتها النفطية الهائلة ورؤيتها المتشددة للإسلام، تضع رهانا كبيرا على إنتاج الطاقة الشمسية في المستقبل، والتكنولوجيا المتطورة ووسائل الترفيه.
واعتبرت الصحيفة أن هذا الرهان يعكس توجهات القيادة في السعودية والمفهوم الذي تحمله عن الحداثة. ومع ذلك، تبقى بعض الأسئلة التي يجب الإجابة عنها مرتبطة أساسا بكيفية تنفيذ هذه
المشاريع في المملكة، خاصة وأنها تحتاج إلى تضافر الجهود الدولية وتوفر المال العالمي.
وأكدت الصحيفة أن المستثمرين يرفضون وضع أموالهم في بلد لا يعرف مسبقا ماهية القرارات التي يمكن أن تصدر عن نظامها الملكي، في حال عصفت بالبلاد تغيرات اقتصادية واجتماعية مفاجئة، بما في ذلك القرار الأخير الذي منحت بموجبه المرأة السعودية الحق في قيادة السيارة.
ونقلت الصحيفة عن جيمس دورسي، زميل أول في مدرسة راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، قولا أفاد فيه بأن قراءته للوضع في المملكة تشير إلى أن ما يحدث في السعودية في الوقت الحالي يغري المستثمرين الرئيسيين، بيد أنهم غير مقتنعين بعد بضرورة الاستثمار في هذا البلد الخليجي. ورغم تعدد الاحتمالات، إلا أنه لم ينكشف بعد أيها الأكثر حدوثا.
وأشارت الصحيفة إلى أن المشاريع الكبرى الثلاثة التي عرضتها المملكة على المستثمرين هي من بنات أفكار ولي العهد محمد بن سلمان، الذي اقترح إجراء إصلاحات شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، فضلا عن جعل المجتمع السعودي أكثر انفتاحا على العالم.
في هذا الصدد، استضاف الأمير هذا الأسبوع أكثر من 3500 مستثمر دولي، ومصرفي، ومديري شركات، في مؤتمر فاخر عقد في الرياض. وكان الهدف من هذا المؤتمر إغراء رجال الأعمال للاستثمار في المملكة. وتجدر الإشارة إلى أن صندوق
الاستثمارات العامة في المملكة قد خصص خلال السنوات الأخيرة عشرات المليارات لتمويل عدة مشاريع، على غرار سوفت بانك، وبلاك ستون، وصندوق الحكومة الروسية، فضلا عن شركة أوبر.
وذكرت الصحيفة أن بعض المستثمرين يعيدون النظر في المشاريع المتاحة، بينما لم يقدم البعض الآخر حتى الآن التزامات استثمارية ملموسة إلى المملكة. في المقابل، قد يقتصر نشاط بعض الشركات على بيع السلع والخدمات إلى المملكة العربية السعودية لا غير، وتحقيق الأرباح بغض النظر عن تأثير تلك المشاريع في نهاية المطاف على المملكة.
وأمام التصريحات الطموحة لولي العهد الشاب، الذي توقع تدفق الاستثمارات من كل حدب وصوب بعد مؤتمر الاستثمار، فإن النتائج المأمولة تتطلب وقتا وجهدا مضاعفا وميزانية خاصة. ولعل هذا ما أكده
ستيفن هيرتوغ، الأستاذ المساعد في كلية لندن للاقتصاد ومؤلف كتاب "البيروقراطية السعودية"، الذي قال "إذا كان لديهم ترف الانتظار لأكثر من 15 أو 20 عاما حتى توفر هذه المشاريع وظائف للسعوديين، فلا بأس بذلك. ولكن "نيوم"، أبرز المشاريع الطموحة والواعدة، ليس أكثر من مجرد مشروع مضاربة، ولن يساعد في حد ذاته على مجابهة المشاكل التي ستواجهها البلاد خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة".
كما أشارت الصحيفة إلى أن السعودية راوحت فيما مضى بين النجاح والإخفاق في تنفيذ عدة مشاريع كبرى. ففي حين نجحت في إنشاء مناطق خاصة عززت الصناعات الثقيلة، فشلت مشاريع أخرى مثل شبكة "المدن الاقتصادية"، والمنطقة المالية في الرياض، في تحقيق الأهداف المرجوة.
وبينت الصحيفة أن الفرق بين الماضي والحاضر يكمن في أن الأمير محمد بن سلمان، الذي يجمع السلطة في يديه، هو من يقف وراء هذه المشاريع. وفي هذا السياق، أورد الرئيس التنفيذي لشركة بلاكستون، ستيفن شوارزمان، أن "ما نشهده الآن ليس أمرا عاديا، بل هي نتيجة ثانوية لتغيير كبير يحدث في المملكة العربية السعودية". وعلى الرغم من هذا رفض ستيفن التعليق عن إمكانية مشاركة شركته في هذا التيار الجديد.
كما أوردت الصحيفة أن نجاح مشروع نيوم يمكن أن يكون بداية لتكون منطقة أشبه بوادي السيليكون في الشرق الأوسط، أما مدينة القدية الترفيهية فقد تكون أشبه بعالم والت ديزني. وفي هذا الإطار، عرض في المؤتمر صورة ثلاثية الأبعاد للأسد، فضلا عن محاكاة قيادة سيارات السباق وركوب الأفعوانيات.
وفي الختام، قال أرييل إيمانويل، مؤسس وكالة المواهب إنديفور، "أعتقد أنه يمكننا أن نلعب دورا مهما جدا في جلب وسائل الترفيه بأشكالها المختلفة للمملكة". والجدير بالذكر أن إنديفور هي شركة قابضة مقرها بيفرلي هيلز بكاليفورنيا، وتسيطر على مجال الرياضة والتلفزيون والأزياء وغيرها من شركات الترفيه، وقد التقى مؤسسها منذ ستة أشهر بولي العهد في جدة لمناقشة رؤية المملكة لمدينة "نيوم".