هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خصصت صحيفة "الغارديان" افتتاحيتها للأزمة التي تعيشها حكومة تيريزا ماي بعد الكشف عن زيارات وزيرة التنمية الدولية بريتا باتل لإسرائيل، وعقدها اجتماعات غير مرخصة مع مسؤولين إسرائيليين، بالإضافة إلى الهجوم الذي تعرض له وزير الخارجية بوريس جونسون الذي انتقد لتعليقات تخص معتقلة بريطانية إيرانية في إيران، حيث قال إن المعتقلة كانت تدرب صحافيين مع أن عائلتها تصر على أنها كانت في زيارة عائلية، واضطر جونسون وباتل للاعتذار عن سلوكهما.
لكن الصحيفة ترى أن ماي تحاول الحفاظ على وحدة الحزب وسلطتها المتراجعة، وبات نواب حزب المحافظين الطامحين للسلطة قادرين على التصرف دون عقاب أو محاسبة.
وتقول الافتتاحية: "تبدو تصريحات جونسون حول إيران، وما قامت به باتل من تصرفات في الشرق الأوسط عرضية، إلا أن هناك رابطة بين وزارة الخارجية ووزارة التنمية الدولية، فكل من باتل وجونسون استطاعا التصرف؛ نظرا لعدم وجود انضباط داخل الحكومة، أو أنه لم يعد يطبق، وتخشى رئيسة الوزراء من معاقبة الوزراء أو عزلهم، ما ترك كل وزير يتصرف وفقا لرغبته".
وتستدرك الصحيفة بأن "تصرف جونسون بصفته مسؤولا كبيرا يظل خطيرا، فقبل أسبوع أخبر مجلس العموم أن نازنين زغاري رادكليف، التي لا تزال معتقلة في إيران، بأنها (كانت ببساطة تدرب صحافيين هناك، كما أفهم)، والتعليق ليس صحيحا، ولم يمنع هذا المتشددين الإيرانيين من استخدام تعليقاته، ويقول موقع قانوني إيراني: (تظهر تعليقاته أن نازنين لم تزر البلاد للعطلة)، واتهمها بنشر الدعاية المضادة لإيران، ونتيجة لهذا تواجه زغاري-رادكليف، المعتقلة منذ 19 شهرا، اتهامات أخرى، بالإضافة إلى تهم قلب النظام الموجهة".
وتعلق الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، قائلة: "لو قام وزير بهذا المستوى بخطأ كهذا فيجب تصحيحه، لكن اقتضى الأمر ستة أيام وحملة من زوج المعتقلة لعمل هذا الأمر، وعندما فعل هذا كان اعتذاره غير كامل، واتصل جونسون في يوم الثلاثاء بنظيره الإيراني ليصحح الخطأ، ووجد في مجلس العموم كل شيء ليقوله غير تصحيح الخطأ، وكل ما قاله إنه (لم يكن واضحا بما فيه الكفاية)، فجونسون ليس رجل كلمات ولا اعتذارات أيضا، لكن كلامه عرض حياة مواطنة بريطانية للخطر، وأضيف ذلك لسمعته كونه ممثلا لبريطانيا على الساحة الدولية، وكانت ماي تفكر في هذا الصيف بعزل جونسون، لكنها لم تفعل، إلا أن لديها الآن سببا قويا لعمل هذا".
وتجد الصحيفة أن "تصرفات باتل أكثر خطورة، ففي آب/ أغسطس، وخلال العطلة قامت وزيرة التنمية الدولية بعقد 12 لقاء مع مسؤولين إسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، دون إخبار وزارة الخارجية، ولا السفير البريطاني في تل أبيب، أو رئيسة الوزراء مقدما، ولأن فعلها بصفتها تابعة لرئيسة الوزراء، فإن هذا التصرف لا يمكن الدفاع عنه، وحتى باتل كان يجب أن تعلم ذلك، ومع ذلك مضت في تصرفاتها، فالشرق الأوسط ليس نيوزلندا أو الدانمارك تتم فيه زيارات صداقة أو غير رسمية، فهو أكثر مكان تنافسا ومنقسما سياسيا على وجه الأرض، ومن الصعب السيطرة عليه، ودبلوماسية سرية من الوزيرة لا تعني إلا العصيان".
وترى الافتتاحية أنه "في حالة باتل قام نائبها أليستر بيرت بتمثيلها في البرلمان، ولم يقم بيرت، الذي خدم في الخارجية، بالدفاع عنها، وقال إن الموضوع تم النظر إليه وأغلق ويجب ألا يكون، فلم ترتكب باتل خطأ كسولا، وقامت بعمل شيء مقصود عدة مرات في مقابلات، وحاولت بعد ذلك تغيير السياسة البريطانية".
وتشير الصحيفة إلى أن "هناك خلافا بين باتل وجونسون، فهي تشكك بشأن حل الدولتين في الشرق الأوسط، أما جونسون فيدعمه، وهي تلميذة لمارغريت تاتشر، أما هو فلا يخدم إلا نفسه، وما يجمعهما أنهما دعما الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتعيينهما في الحكومة محاولة للحفاظ على حزب المحافظين ووحدته بعد عملية الاستفتاء، وكلاهما الآن لديهما سجل في تجاوز سياسة الحكومة، وكلاهما طامح بأن يخلف ماي، وشخصية جونسون الأنانية والمغرورة معروفة، أما باتل فإنها ذكرت في خطابها أمام حزب المحافظين هذا العام كلمة (أنا) أكثر من 35 مرة".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "كلا الوزيرين لا يستحقان أن يكون لهما مكان في حكومة حزب المحافظين، بناء على القدرة والولاء وأجندة تيريزا ماي، التي تقول إنها عادلة ونزيهة وللجميع، لكنها تركت هذا كله خلف الرماد منذ وقت طويل، وربما لا تزال رئيسة الوزراء إلا أن التابعين لها من يملكون القوة".