هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تتواصل الإجراءات الدراماتيكية في العربية السعودية، بعد الاعتقالات والتوقيفات والإقالات التي طالت أمراء ورجال أعمال ومسؤولين، تطبيقا لما قالت عنه السلطات بأنها حملة تستهدف الفاسدين.
ولم يتوقف الأمر عند من أعلن عن اعتقالهم قبل يومين، بل طالت الاعتقالات حتى اللحظة ما يزيد عن 201 شخص تم توقيفهم للمساءلة وفقا لما أعلنته الحكومة السعودية الخميس.
وقال النائب العام السعودي، سعود المعجب، إنه تم الإفراج عن سبعة أشخاص من أصل 208 أوقفوا بقضايا فساد دون توجيه اتهامات لهم، مشيرا إلى أن حجم الاختلاسات في القضايا المنظورة بلغ 100 مليار دولار.
وأشار المعجب إلى أنه تم استدعاء 208 أشخاص في المجمل لاستجوابهم فيما يتعلق بتحقيقات الفساد.
وأكد النائب العام أن النشاط التجاري العادي لم يتأثر بالتحقيقات ولم يتم تجميد سوى حسابات مصرفية شخصية.
وقال: "السلطات لن تكشف النقاب عن أي تفاصيل شخصية أخرى في الوقت الحالي لحماية الحقوق القانونية للمشتبه بهم".
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال الأمريكية" عن مصدر وصفته بالمقرب من الحكومة أن السلطات السعودية تعتزم من خلال الإجراءات الأخيرة التي تمت بحق أمراء ورجال أعمال تحصيل مبالغ ضخمة ستودع بخزينة الدولة.
وكشفت الصحيفة أن المبلغ المرتقب استرجاعه يتراوح ما بين 2 إلى 3 تريليونات ريال سعودي أي ما يعادل نحو 800 مليار دولار.
وأشارت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إلى أن الأموال سيجري تحصيلها من المحتجزين والمتهمين بالفساد.
وقالت مصادر حكومية إنها أوقفت 201 شخص للمساءلة في إطار حملة مكافحة الفساد الواسعة النطاق التي شملت أمراء وشخصيات بارزة، كاشفة أن عمليات الاختلاس والفساد على مدى عقود أدت إلى خسارة مئة مليار دولار على الأقل.
وأوقف نهاية الأسبوع 11 أميرا وعشرات الوزراء الحاليين والسابقين في السعودية بينهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال في حملة تطهير غير مسبوقة في المملكة من شأنها أن تعزز سلطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وجرت هذه الحملة وسط تصاعد التوتر الإقليمي وتبادل السعودية وإيران تصريحات نارية بشأن صاروخ أطلق من اليمن وعلى وقع أزمة سياسية في لبنان بعد إعلان رئيس وزرائه سعد الحريري استقالته المفاجئة من الرياض.
وقالت وزارة الإعلام السعودية في بيان: "إن 208 أشخاص استدعوا للمساءلة حتى الآن بينهم سبعة تم الإفراج عنهم بدون توجيه التهم لهم. إن حجم ممارسات الفساد الذي كشف عنه كبير جدا".
وجمدت السلطات حسابات مصرفية للموقوفين. وقالت وزارة الإعلام عبر "مركز التواصل الدولي" المخول التواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية إن المبالغ التي يتضح أنها مرتبطة بقضايا فساد ستتم إعادتها إلى الخزينة العامة للدولة السعودية.
وقالت الوزارة الخميس إن "الحجم المحتمل لممارسات الفساد التي كشف عنها كبير جدا".
اقرأ أيضا : صحيفة أمريكية: هذا ما سيتم تحصيله من موقوفي الرياض
وأضافت: "استنادا إلى تحقيقاتنا في السنوات الثلاث الماضية نقدر أن مئة مليار دولار على الأقل أسيء استخدامها عبر عمليات فساد واختلاس ممنهجة على مدى عدة عقود".
وجرى توقيف أو إعفاء شخصيات معروفة في نهاية الأسبوع بعد ساعات من تشكيل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لجنة لمكافحة الفساد أسند رئاستها إلى نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وتؤكد حملة التطهير وجود خطط غير مسبوقة لإعادة هيكلة المملكة فيما يعمد الأمير محمد إلى تفكيك نموذج حكم قائم على التوافق ضمن العائلة المالكة سعيا إلى تعزيز سلطته في شكل محكم.
كما تأتي تزامنا مع تسريع الأمير الشاب تنفيذ خطته الاقتصادية الشاملة التي تسمى "رؤية 2030" لتنويع موارد الاقتصاد السعودي وقيادة المملكة نحو حقبة ما بعد النفط، فيما تتخذ المملكة مواقف أكثر حدة على صعيد قضايا المنطقة.
توتر متصاعد
يأتي ذلك كله على وقع تصاعد التوتر بين المملكة السنية وإيران الشيعية، خصمها الأكبر في المنطقة.
ففي أعقاب اعتراض القوات السعودية السبت فوق مطار الرياض صاروخا بالستيا أطلقه المتمردون الحوثيون في اليمن الذين تؤكد إيران دعمهم سياسيا وليس عسكريا، اعتبر ولي العهد السعودي أن ذلك "قد يرقى إلى اعتباره عملاً من أعمال الحرب ضد المملكة"، متهما إيران بتزويد الحوثيين بالصواريخ.
وفيما نفت إيران بشكل قاطع هذه الاتهامات، حذر رئيسها حسن روحاني القادة السعوديين من الاستخفاف بـ"قوة ومكانة الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
وجرى هذا التصعيد في موازاة اندلاع أزمة جديدة في لبنان.
ففي 4 تشرين الثاني/نوفمبر أعلن رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته المفاجئة من الرياض وأرفقها بحملة شديدة على حزب الله الممثل في الحكومة وعلى إيران، متحدثا عن إحباط محاولة لاغتياله ومخاوف على حياته، ما ضاعف التوتر في البلد.
اقرأ أيضا : بلومبيرغ: أثرياء السعودية يحاولون نقل أموالهم للخارج
ولم يقبل رئيس الجمهورية ميشال عون حتى الآن استقالة الحريري وأكدت أوساطه أنه ينتظر عودته من السعودية لاستيضاح الأسباب، ويبني بالتالي "على الشيء مقتضاه".
ودعت الرياض الخميس مواطنيها إلى مغادرة لبنان "في أقرب فرصة"، وإلى عدم السفر إليه، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، بدون تحديد طبيعة الأخطار التي تهددهم.
من جهته، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من دبي الخميس أنه سيتوجه مساء إلى السعودية لإجراء محادثات مع ولي العهد تتناول ملفات إيران واليمن ولبنان.