هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت رئيسة المجلس الثوري المصري، مها عزام، إن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها منتصف العام المقبل، ما هي إلا جزء من "مخطط للعسكر والدولة العميقة، الهدف منه محاولة استدراج بعض القوى المعارضة للمشاركة في هذه العملية"، مؤكدة أن تلك الانتخابات ستكون بمنزلة "قبلة حياة للثورة المضادة".
وأكدت، في مقابلة مع "عربي 21"، أن "سلطة الانقلاب تهدف من وراء هذا المخطط إلى شرعنة النظام والثورة المضادة، بالإضافة إلى الزعم بأن النظام سيبدأ بالسير تدريجيا تجاه شيء من المشاركة السياسية، بغض النظر عن أن العسكر والدولة العميقة سيبقون في الحكم وبالكم نفسه من الهيمنة على السياسة والاقتصاد".
وشدّدت "عزام" على عدم اعترافهم بهذه "المنظومة أو بشرعيتها، ولا نقبل أبدا النظر إلى هذه العملية كانتخابات رئاسية، لأن لمصر رئيسا منتخبا شرعيا، وهو د. محمد مرسي، وأي محاولة لإضفاء أي شرعية لمن يتجاهل هذه الحقيقة، ليست إلا خذلانا لحق الشعب في أن يختار رئيسه، وتخليا عن الثورة التي كان من أهم نتائجها خمسة استحقاقات انتخابية أبدى الشعب فيها إرادته".
وأردفت: "كل محاولات التعاطي مع هذه الانتخابات سواء من قبل الطغمة العسكرية أو من قبل معارضيها، ليست إلا محاولة للبحث عن نتيجة أخرى وللالتفاف ليس فقط على شخص الرئيس مرسي، لكن أيضا لتقديم أجندة بعيدة تماما عن أي تغيير جذري، هدفها الحفاظ على النظام السياسي والاقتصادي الحالي بكل فساده وجبروته".
وأضافت أن "ما يحدث الآن هو أن بعض الأفراد إما بخدمة المخابرات بشكل مباشر، أو متأثر بتوجيهاتها بشكل غير مباشر، تشارك في هذه المسرحية المسماة بالانتخابات، بينما آخرون يأملون في لقيمات ومكان صغير في المشهد السياسي مقابل تجميل النظام. كما أن هناك من يندفع من أجل الحصول على شيء من المساحة السياسية، لكنه من الواضح أيضا أنه لن تكون هناك أي مساحة سياسية لأي شخص لا يطأطئ رأسه للنظام".
وأكملت: "أذكركم بخارطة الطريق إلى الديمقراطية التي ينتظرها الغرب من العسكر من أجل تمكين النظام الخادم لهم، وهذا المسار مهما كان مشوها سيعطيهم، أي الدول الغربية، الفرصة أن يزعموا أن النظام العسكري الذي يتعاملون معه نظام شرعي. إذن هل نحن فعلا كثوار ومعارضين، مهما اختلفت انتماءاتنا، متوقع منا أن نطالب أهالينا في الداخل والخارج أن يساهموا في عملية شرعنة الإجرام والخيانة التي تشهدها مصر منذ الانقلاب؟ أستطيع الجزم تماما أن المجلس الثوري المصري لن يرضى أبدا أن يكون طرفا لمثل هذا المخطط بأي شكل كان".
ورفضت بشكل تام دعوات البعض التي تنادي بدعم ترشح أحمد شفيق في الانتخابات للإطاحة بالسيسي، متسائلة: "هل تناسى هؤلاء أن شفيق كان مرشح الدولة العميقة والعسكر في انتخابات 2012؟ هل تناسوا مسؤوليته عن مقتل عشرات الشباب في موقعة الجمل في أثناء ثورة يناير 2011؟ هل وصل بنا الحال إلى أن نخدع أنفسنا للإيمان بأن رجلا يحميه نظام الإمارات، المناهض الأساسي للمسار الديمقراطي في المنطقة والمؤيد للانقلاب العسكري في مصر، سيسمح له حكام الإمارات إذا جاء للحكم أن يبدي أي لينة تجاه الأحرار؟".
وقالت: "هل نخدع أنفسنا الآن بأن نصدق أن هذا الفريق (شفيق) ومؤيديه سيسمحون لأي جهة ولو بسيطة من أهداف الثورة من أن تتحقق؟ الواقع يبين العكس تماما، فنجاح شفيق سيعطي الثورة المضادة والدولة العميقة نفسا جديدا من الحياة، وسيسمح للدول الغربية أن تزعم أنها تتعاطى وقتها مع شخص لا علاقة له بانتهاكات الحقوق في مصر في الأربع سنوات الماضية، التي تمثل مصدر حرج لهم أمام المجتمع المدني في بلادهم".
وأردفت: "هذه انتخابات مشوهة بأي معيار دولي لمفهوم الانتخابات. نحن لن نعترف مطلقا بهذا النظام أو بهذه الانتخابات. مصر لديها رئيس منتخب، وهو الوحيد الذي من حقه الدستوري أن يدعو لانتخابات بعد عودته للرئاسة، ومن حق الشعب المصري الشرعي والدستوري أن يستكمل هذا الرئيس المنتخب مدته".
ورأت أن السيناريو المناسب للتعاطي مع انتخابات الرئاسة المقبلة هو أن "يُعبر الشعب عن موقفه الرافض لتلك المهزلة، عبر عصيان مدني يرفض الطغمة الانقلابية، من خلال رفضه للاعتراف بما تسمى زورا انتخابات أو الاشتراك فيها. ولا يجوز أن ننسى أنه خلال ما سمي بالانتخابات التي تلت الانقلاب رفض الشعب الخروج، رغم حث أبواق النظام الإعلامي لهم للتصويت، ولم يستجب".
وأضافت: "أعتقد أن المنظومة الانقلابية تحاول هذه المرة ألا تعيد المشهد نفسه الذي جرى عام 2014، لكي تعطي قشرة من المصداقية لهذه التمثيلية التي لن تنجح في أي تغيير حقيقي، ولذا تسعى إلى تحقيق مشاركة أوسع. لكن لابد أن يعلم الجميع أنه على أي معيار دولي لا يمكن لانتخابات أن تتضمن أي مصداقية، بينما يقبع 60 ألف معتقل سياسي في السجون، وفي جو ليس فيه أي حرية للتجمع أو حرية للتعبير".
واستطردت "عزام" قائلة: "في الحالة المصرية من السخف أن نظن أنه من الممكن أن تقوم انتخابات حرة وعادلة، بينما يقبع الرئيس المنتخب شرعيا وراء القضبان. نحن نضحك على أنفسنا ونحط من قدر قضيتنا إذا تحدثنا عمّا يسمى انتخابات 2018 بجدية".
وقالت: "في مهزلة انتخابات العسكر، وفي غيرها، الضعف المتجذر في صراعنا ضد الانقلاب، مصدره أن البعض إما يرفض أو يحاول الالتفاف حول صدارة هذه الحقيقة في اختلافنا الأيديولوجي مع الانقلاب. وأقول وبكل وضوح، إنه كلما اجتمعنا حول المبدأ الأساسي لأهمية احترام الإرادة الشعبية وخيارها في توجهنا، ازدادت فرص النجاح للثورة".
وذكرت: "علينا أن ندرك أن الثورة أضعفها الذين رفضوا الالتفاف حول الرئيس المنتخب ويستمرون في التمسك بموقف مبهم تجاهه. سواء أنت كمواطن كنت مع الرئيس أو ضده، لو أن كل القوى السياسية تجمعت حول فكرة أنه لابد أن نحترم آلية الاستحقاقات الخمس النزيهة، لكنّا في موقف أقوى بكثير الآن".
وقالت إن "الذين أضعفوا الثورة في 30 يونيو، والذين بعد أربع سنوات من الانقلاب ما زالوا مترددين في الوقوف مع الشرعية، ويحاولون إيجاد طرق أخرى لحل الأزمة أو حلحلة الوضع، إنما يخدمون مصالح النظام ويهدرون وحدة نضالنا، بعكس ما رأيناه تماما في تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة هناك، حيث التف حتى مناهضو أردوغان للدفاع عن الديمقراطية. لقد آن الأوان لكل من يناهض النظام أن يدرك أن أي مسار بعيد عن هذا المبدأ الأساسي، أي العودة الكاملة للديمقراطية، لن ينتج إلا استمرارية لحكم العسكر المسيطر على مصر منذ 65 عاما".
وردا على تقارير تتحدث عن وجود خلافات داخل سلطة الانقلاب، استطردت قائلة: "في مثل هذا النوع من الأنظمة العسكرية الديكتاتورية هناك مسلكان أساسيان يمكن تصورهما؛ إما أن تكون هنالك جبهة موحدة من جهة الطغمة العسكرية ضد الشعب، أو أن رئيس الطغمة بدأ يُنظر إليه كعائق متزايد لمصالح الطغمة أو كنتيجة لطموحات شخصية، وفي هذه الحالة قد تتطور العلاقة إلى محاولات لنزعه أو إزاحته من مكانه".
وأضافت: "اليوم، هناك تخمينات كثيرة حول شروخ محتملة في صفوف النخبة العسكرية، لكن علينا أن نكون على دراية بالحقيقة أن صعود أي من هذه النخبة -بما فيهم أحمد شفيق- لن يكون سوى انقلابا على انقلاب هدفه أن يسمح للمنظومة والهيكل السياسي بالبقاء، لذا وجب على القوى الثورية على الأرض أن تعد العدة لاستغلال أي فرصة، نتيجة تطور الشروخ بين صفوف النخبة الحاكمة للسيطرة على مفاصل الدولة، لكن هذا المسار مختلف تماما عن التراجع إلى سراب خادع، قد يوحي بأن وجها جديدا للطغمة، وإن كان وجها مدنيا، سيوفر بديلا أفضل لأغلبية الشعب المصري".
وذكرت أن "مؤسسات الدولة والمؤسسة العسكرية مستمرة بالتداعي والتراجع، لأنها تعاني من فساد متراكم منذ عقود، سعت خلالها أن تضمن أن تكون هذه المؤسسات خاضعة للنظام العسكري الحاكم، وأن تفتقد أي قدر من الاستقلالية لتكون وظيفتها الأساسية خدمة النظام العسكري الحاكم قبل تقديم أي خدمة للشعب أو الوطن".
ورأت أن "مؤسسات الدولة المصرية فشلت في وظيفتها الأساسية طوال العقود الماضية، وأن هذا الفشل لا يضر فقط بمن هم خارج هذه المؤسسات من الشعب ومن يتعامل معها، بل يضر بمن يعمل فيها أيضا، وسيبقى الحال على ذلك إلا إذا تحالف العاملون فيها مع الشعب في السعي لتأسيس عقد اجتماعي جديد، يضمن استقلالية مؤسسات الدولة من هيمنة وفساد النظام العسكري، ويتحد العاملون فيها مع الشعب في بناء دولة مدنية دستورية تخدم الأغلبية بدل الأقلية".
وأكدت أن "جميع مؤسسات الدولة المصرية مهدّدة بوجود النظام العسكري الحالي، وبالرغم من هذا لم نر حتى الآن تحركا ملموسا من قبل هذه المؤسسات ضد السيسي أو الدولة العسكرية، لأنها كمؤسسات رهنت مستقبلها ببقاء النظام الفاسد. وهذا التحالف المنشود لن يحدث حتى يتحرك الشعب ومن ثم يجد التأييد من قبل أفراد وطنيين داخل هذه المؤسسات، ويتحدوا في تلك اللحظة للسيطرة على مفاصل الدولة، مما سيمكن شعب مصر من إنقاذ مصر من الخطر الناتج عن هيمنة الطغمة ونقلها نحو نظام سياسي يمثل الشعب، ويخدم مصالحه ويخضع لمساءلة القانون".
وحول توقع مدير مركز ابن خلدون سعد الدين إبراهيم بأن السيسي قد يحاول المصالحة مع الإخوان وأطياف أخرى من المعارضة عقب إجراء الانتخابات الرئاسية، قالت: "المسألة بالنسبة لنا مسألة عدالة ومحاسبة وقصاص عادل لما حدث. لماذا؟ لأنه حق، وحتى نتأكد أن الجرائم التي اُرتكبت لن تتكرر في المستقبل، وحتى نستطيع بناء نظام سياسي مستقبلي يضمن حماية وحقوق كل مواطن".
ولفتت إلى أن "المصالحة المجتمعية ضرورة، ونحن سنسعى لها بين كل أطياف الشعب المصري، لكن مثل هذه المصالحة لا يمكن أن تتم من قبل من يجب محاكمتهم، فهذه لن تكون مصالحة بل ستكون اعترافا من طرف بالهزيمة والاستسلام لما تعرضه الطغمة الحاكمة، وهي الطغمة نفسها التي خلقت من خلال مؤسساتها وقضائها وأبواقها الإعلامية الفتنة في مصر في الأربع سنوات الماضية، ودعت لقتل الأبرياء واستخدام الاٍرهاب ضد مواطنيها".
وأكدت "عزام" أنه "يجب على المصريين أن يعملوا لبناء مجتمع ملتحم وقوي، لكن عليه أن يكون مجتمعا يضمن تحقيق العدالة ضد المجرمين الذين أخطأوا في حقه. لذلك علينا واجب أخلاقي ووطني أن نعمل لتحقيق هذا الهدف".
وأردفت: "نحن لا نعترف بالطغمة الحاكمة اليوم أو بإلغاء خمس استحقاقات ودستور صوت له شعبنا بحرية في انتخابات حرة ونزيهه. كثير ممن يرفض الوقوف معنا في هذا المطلب، هم من يسعى لإيجاد بديل لاختيار الأغلبية ولإيجاد تسوية مع الدولة العميقة والثورة المضادة".
وتابعت: "المشكلة في مثل هذا الموقف أنه يسمح للدولة العميقة في البقاء حتى لو فتح المجال لنخبة صغيرة أن تعبر عن استيائها تحت الرقابة وضمن إطار محدد. لكن السؤال هنا: ما هي المكاسب للشعب؟ وماذا تستحق الأغلبية؟ هل يقترح مثل هؤلاء أن نبيعهم؟ مقابل ماذا؟ حتى تستطيع النخبة أن تلعب سياسة؟".
وشدّدت "عزام" على أن "الأوضاع في مصر لن تتغير إلا إذا استكملنا ثورتنا كاملة. كل الانتهاكات التي نريد إنهاءها، وكل الآمال التي نرجوها لمصر، لا يمكن أن تتحقق إذا لم نستبدل ليس السيسي فقط، بل هذا النظام السياسي الذي أنتج السيسي".
وانتقدت الوثيقة التأسيسية للكيان المعارض المرتقب داخل مصر، التي تقول إن الشعب وحده صاحب السيادة والشرعية، قائلة: "هذا ليس تجاوزا للشرعية الدستورية فحسب، لكنه أيضا يحتوي على تناقض داخلي. فأصحاب 30 يونيو يتعدون على إرادة الشعب في الوقت نفسه الذي يتحدثون فيه على أن الشعب صاحب السلطة والشرعية، إذ إن هدفهم فرض إرادتهم على الأغلبية في اتباع مسار معاكس لما اختارته الأغلبية في 2012، ولكنه مقبول لدى الغرب وحلفائهم في الخليج".
واستنكرت "عزام" بشدة ما وصفته بتقديم مصالح نخبة صغيرة تضررت من الانقلاب في السنوات الأربع الماضية، وتود العودة لنظام أشبه بما كان عليه الوضع خلال فترة حكم المخلوع مبارك"، متسائلة: "أمن أجل هؤلاء نتراجع في حين أن النظام العسكري ينكشف يوما بعد يوم أمام أغلبية الشعب؟".
وأضافت: "كل الظروف في مصر تدعو للحاجة لتغيير عميق في النظام الحاكم. والتاريخ يعلمنا أن هذه الأنظمة حتما ستسقط في النهاية، ولكن سقوطها يحتاج وقتا. فربّ شرارة صغيرة قد تؤدي لموجة مقاومة تسقط النظام بأكمله، ولذلك دور الأحرار داخل مصر أن يعدوا لاستغلال إمكانياتهم كافة للسيطرة والحفاظ على مفاصل الدولة متى اندلعت هذه الشرارة حتى تسلم للحكومة الشرعية".
وتابعت: "لابد لنا أن نؤمن كشعب أن باستطاعتنا أن نُحدث تغييرا جذريا في بلدنا. أنظمة مثل النظام العسكري، تبقى على قيد الحياة بخلق حالة من اليأس وإقناع الشعب أن ليس هنالك أي بديل لما هم عليه الآن، هذا ما نسمعه حتى من بعض مناهضي الانقلاب حين يتساءلون (ما البديل؟)، وكأنهم صدى لصوت النظام".
وذكرت: "نقول لهم وللشعب نعم هناك بديل بدأنا تأسيسه في 2011، وأخذنا أول خطوات تجاهه في 2012. وأهداف ثورة يناير والانتخابات الحرة التي تلتها كانت بداية نهج يعطينا الفرصة لإمكانية تأسيس قضاء مستقل، وتأسيس دولة القانون التي تمكننا من محاسبة من أجرم بحق الشعب، ومن بناء نظام سياسي حر منتخب، يمكننا من تنظيف مؤسسات الدولة من الفساد المالي ومُساءلتها".
وشدّدت على ضرورة "فك يد العسكر الخانقة للاقتصاد حتى نستطيع توجيه هذه الموارد الاقتصادية فورا لإصلاح مستشفياتنا ومدارسنا، بالإضافة إلى توفير الضمانات اللازمة التي تٌلزم الأثرياء بدفع الضريبة القانونية المستحقة عليهم بالكامل، مع ضمان إحياء القطاع السياحي في مصر في جو خال من التدهور الأمني الذي ازداد خمسة أضعاف؛ نتيجة الفشل الأمني في سيناء وباقي مصر تحت حكم العسكر الفاشل".
ونوهت إلى أن "مصر مليئة بالمواهب في الداخل والخارج، لكن هذه المواهب لم تعط الفرصة أن تُسخر لخدمة مصر وشعبها، وشباب مصر -والشباب أكبر مورد اقتصادي لأي بلد- خاضع للقمع ولم يعط أي دور لبناء المستقبل"، مضيفة: "كل هذه التغييرات الجذرية لحياتنا اليومية كمواطنين نستطيع عملها إذا خلصنا أنفسنا من هذا النظام الفاسد، الذي طالما خدم مصالح الأقلية على حساب مصالح الأغلبية".
وبشأن الموقف الإقليمي والدولي من استمرار السيسي في سدة الحكم، قالت: "السيسي لم يصبح ورقة محروقة بعد، لكنه أصبح عبئا متزايد، خاصة إذا استمر الوضع السياسي والأمني بالتدهور، وهذا هو المتوقع، لكنه حتى الآن يقدم خدمات جليلة للكيان الصهيوني، أقرب حليف له، ليس في المجال الأمني وحسب، لكن ضمن المخطط الاستراتيجي الأكبر للغرب وللكيان الصهيوني لتغيير الهوية المصرية، من خلال إعادة تركيب التعليم والثقافة، كعنصر أساسي في إنتاج ثقافة مصرية تقوض قيمها الدينية؛ من أجل ضمان أن أي نظام مستقبلي في مصر سيتخذ مواقفا في السياسة الداخلية والخارجية والاقتصاد تخدم مصالحهم لأجيال، وهو الدور نفسه الذي سيتطلبه الغرب وسيقدمه أي بديل للسيسي يختاره ويقبل به النظام، ومن هنا إصرارنا على التغيير الجذري للنظام السياسي الحالي في مصر".
ودعت لتصحيح "مفهوم خاطئ متداول ومحبط للغاية لمصلحة الثورة، وهو أن الثورة لم تحقق أي نجاح ملموس، وأن هذا يعود ربما لحد كبير لفشل قوى المعارضة في التوحد والتوافق على رؤية لبديل لسلطة الانقلاب"، لافتة إلى أن "الثورات تأخذ وقتها، والقدرة على التمسك بالمبادئ والنفس الطويل مكونات أساسية للنجاح على المدى البعيد".
وقالت: "الثورة ما زالت في مرحلة البناء، لكنها تواجه تحديات ضخمة من القمع والانتهاكات غير المسبوقة من النظام، ومن معارضة القوى الإقليمية والدولية لها، بالإضافة إلى تحديات من بعض القوى المعارضة للنظام التي تسعى لها وليست مستعدة لنضال أطول. ولمثل هؤلاء نقول، إن التجربة التاريخية تدل على أن أي موقف أقل من الالتزام الكامل لتغيير حقيقي وعميق، سيعني إعطاء قبلة الحياة للنظام الحالي وترسيخه ليستمر في استغلاله وقمعه لأغلبية الشعب المصري".
وأردفت: "من العناصر الناجحة والمهمة التي حققتها الثورة، أننا لم نقبل بشرعنة هذه المنظومة، وأننا نستمر بالعمل لتقويضها وإزالتها، بينما نعمل أيضا لخلق حالة من الوعي داخل وخارج مصر في أن للشعب الحق في اختيار رئيسه، وأننا كمواطنين نرفض تضييع مكتسبات ثورة يناير، وهي الاستحقاقات الخمس الانتخابية، وعلى رأسها تمسكنا بشرعية رئاسة د. محمد مرسي".
وأكملت: "نرى بوضوح أنه بالرغم من الحرب التي يشنها النظام على القوى الثورية وبشراسة وبغض النظر عن أن هناك أطرافا مستعدة للتساوم أو التفاوض معه والتنازل له، إلا أنه لم يحدث مسبقا أن سمعنا من عموم الشعب المصري انتقادا للنظام مثل الآن، أو هجوما بهذا المستوى على المؤسسة العسكرية الحاكمة منذ 1952، وهذا بحد ذاته تطور جذري ونجاح مهم للثورة، ونرى أن هذا التطور يتكثف ولن يتوقف تحت هذا النظام".
واستطردت قائلة: "لم ولن نخون العهد مع الأحرار في الداخل من خلال تمسكنا بثوابتنا، لأننا رأينا أهمية التمسك بموقف واضح يعبر عمّا قاتل واستشهد من أجله الثوار، ولأننا نوقن أن النصر آت لا محالة بإذن الله، أقول هذا لأن الإيمان بحتمية النصر يعبئ الروح المعنوية، مما سيساعدنا في الانتصار على دولة العسكر".
وردا على عدم توحد القوى الثورية حتى الآن، قالت رئيسة المجلس الثوري: "المشكلة أن هناك تناقضا جذريا في الرؤية السياسية، بين ما يمكن أن يسمى بقوى المعارضة وقوى الثورة".
واستدركت: "ما يجب أن نتحد عليه هو التركيز على الهدف الاستراتيجي في إنشاء مصر حرة تماما من العسكر وأعوانهم، وإقامة دولة تحترم إرادة الأغلبية وتخدمها وليس السعي لإيجاد حل مؤقت من خلال تسوية سياسية، تسمح للعسكر أن يستمروا في البقاء في السلطة، وتحقيق هذا الهدف باعتقادنا لن يأتي إلا بالتمسك بشرعية الإرادة الشعبية المتمثّلة في عودة الرئيس مرسي والمسار الديمقراطي".
واختتمت "عزام" قائلة: "صحيح أن هذا ليس طريقا سهلا، لكن معيار نجاح أو فشل الثورة سيكون على مدى تمسكنا بأهدافنا ومبادئنا وبإذن الله نجاحنا بتحقيقهم. أما الفشل فسيأتي في تخلينا عن أهدافنا ومبادئنا، وهذا ما لن نفعله أبدا".