هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على أن بلاده التي تعاني أزمة اقتصادية حادة لن تعلن أبدا التوقف عن سداد ديونها.
ويتحضر مادورو للقاء الدائنين في كراكاس من أجل مناقشة إعادة جدولة جزء من ديون البلاد الهائلة البالغة 150 مليار دولار.
وقال مادورو في خطابه التلفزيوني الأسبوعي: "أبدا، لن يصل التوقف عن السداد إلى فنزويلا"، مضيفا أن "استراتيجيتنا هي إعادة التفاوض وإعادة تمويل كل الدين".
وأشار إلى المفاوضات المستمرة مع حليفتيه الصين وروسيا اللتين تدين لهما فنزويلا بنحو 28 مليار دولار وثماني مليارات تباعا.
وقال إن "المفاوضات مع الصين "تسير بشكل مثالي"، ومع موسكو تم التوصل إلى اتفاق لإعادة هيكلة ثلاثة مليارات دولار من الديون".
وينظر إلى هذا الأمر على أنه يعطي كراكاس مهلة عدة أسابيع لالتقاط أنفاسها من أجل إيجاد حلول لبقية الدفعات المتوجبة عليها.
معاناة متفاقمة
تعاني "لوبير فانييتي" من سرطان الرئة لكن الدواء لمعالجته غير متوفر، وهي بالكاد لديها ما يكفي من المال للعيش في حي تكثر فيه الجرائم.
وتخشى فانييتي من أن يؤدي تخلف فنزويلا عن سداد دينها العام البالغ 150 مليار دولار، الأمر الذي بات مرجحا، إلى ازدياد الأمور سوءا.
وتقطن فانييتي، التي تبلغ من العمر 56 عاما، الطابق الثامن عشر من مبنى متهالك في وسط مدينة كراكاس. وليس لديها في برادها إلا المياه. اللحوم أصبحت من الماضي بسبب التضخم الذي تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أنه سيبلغ 2,300 بالمائة في 2018.
وتقول فانييتي: "نحن نعيش على الحبوب، عندما نكون قادرين على الحصول عليها. نحن نجعل الكيلو الواحد يكفينا ليومين أو لثلاثة أيام".
وخسرت فانييتي عملها كموظفة حكومية وهي تعيش على مبلغ زهيد لا يتجاوز الـ 8.70 دولار شهريا.
وتعتمد على الأطعمة التي تبيعها الحكومة مرة واحدة شهريا بأسعار مدعومة لتعويض النقص الذي يطال تقريبا كل المواد.
وهي أحضرت إلى المنزل المرة السابقة كيلوغرامين اثنين من الحبوب، وكيلوغراما من الأرز، وليترين من زيت الطهي، وكيلوغراما من الحليب المجفف البودرة، وأربعة كيلوغرامات من الطحين.
إلا أن المواد استهلكت سريعا. وهي تعيش مع ابنتها وأربعة أحفاد. جميعهم يعتمدون على مدخولها.
غلاء فاحش
وتقول المنظمة غير الحكومية "سينداس" التي تعنى بمراقبة غلاء المعيشة في البلاد الغنية بالنفط والتي أصبحت معدمة، إنه في أيلول/ سبتمبر كان لا بد للأسر المتوسطة الحجم أن تحصل على ستة أضعاف الحد الأدنى للأجور للتمكن من العيش لشهر واحد.
المياه تقطر من الصنبور ليل نهار، إلا إنها لا تملك المال لإصلاحه، علما بأن المياه، كغيرها من الموارد، توفرها الحكومة.
أكثر جوعا وأكثر احتياجا
سياسيا، ينظر إلى إعلان فنزويلا عجزها عن تسديد الديون على أنه جرعة دعم قصير الأمد للرئيس نيكولاس مادورو الذي لا يحظى بالشعبية، والذي يسعى للفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات 2018.
ومع تدهور أسعار النفط الذي يشكل 96 بالمائة من إيرادات البلاد من العملات الصعبة، قلصت فنزويلا حجم وارداتها لتوفير الأموال من أجل خدمة الدين العام، ما جعل النقص في المواد الأساسية ولاسيما الصابون ومحارم المراحيض يزداد سوءا.
ومن شأن إعلان مادورو التخلف عن السداد تحرير أموال لشراء الواردات، وإجراء الحملات الانتخابية وبالتالي تقليص مخاطر قيام تظاهرات في الشارع.
وقال المحلل أليخاندرو غريسانتي من مركز الاستشارات "إيكواناليتيكا" إن "تأثير التخلف عن السداد على المدى البعيد سيكون كارثيا. ستغرق فنزويلا في دعاوى قضائية تقيمها الجهات الدائنة كما سيتم تجميد أصولها في الخارج".
وأوضح مادورو أنه "يريد إعادة تمويل الدين الفنزويلي وإعادة هيكلته. لكن يبدو أن فكرة التخلف عن السداد بدأت تلوح في الأفق".
وتقول فانييتي: "لا أعلم ما إذا كان هذا ما يتطلب لكي يفتح الفنزويليون عيونهم". وتضيف: "ما أعلمه الآن هو أننا سنصبح أكثر جوعا وأكثر احتياجا". وهي لا تدري كيف اتخذت الأمور منحى سيئا إلى هذا الحد لكنها بالتأكيد تشعر بالتداعيات.
خيار مؤلم
وأوقفت فانييت علاجها الكيميائي في كانون الثاني/ يناير بسبب النقص الحاد في الأدوية لمعالجة سرطان الرئة الذي تعاني منه.
واتخذت هذا الخيار الصعب بعد معضلة عاشتها على مدى سنوات للاختيار بين شراء الطعام أو علاج المرض.
ويقول الأطباء إنها تحتاج للعلاج الكيميائي، لكنا تستعيض عنه بخليط من الخمر المنزلي والعسل وبعض الأعشاب.
وتقول فانييتي: "أضع الخليط خارجا ليومين ثم أتناول ملعقة منه صباحا وأخرى ليلا. أعتقد أنني أتنفس بشكل أفضل عندما أتناوله".
وفانييتي تدخن منذ كان عمرها 15 عاما. هي تعاني من ضيق في التنفس عندما تتحدث أو تمشي. كما أنها تعرضت حتى الآن لثلاث نوبات قلبية.
وهي تستذكر كيف أن الرئيس السابق هوغو تشافيز اشتكى يوما من أن الفقراء في البلاد يضطرون إلى تناول طعام الكلاب. وتقول فانييتي متهكمة: "أود أن أتناول ذلك مجددا".
إلى كل ذلك تضاف الجرائم. لا شبكة إنترنت في الحي الذي تعيش فيه لأن اللصوص سرقوا كل الكابلات.
والمبنى الذي تعيش فيه تنخره آثار الرصاص جراء تبادل إطلاق النار بين العصابات. وقد أجبرتها أعمال العنف هذه على نقل الأسرة في شقتها بعيدا عن النوافذ.