هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار تدخل فريق الاتصالات الروسي حول ليبيا، بين قبائل في الجنوب الليبي من الطوارق والتبو من جهة وحكومة الوفاق الليبية من جهة أخرى، للصلح بينهما، ردود فعل حول دلالة هذا التدخل وعلاقة موسكو بأزمة داخلية بين حكومة الوفاق وبعض الأقليات.
وقال رئيس الفريق الروسي التابع لوزارة الخارجية الروسية ليف دينغوف، إن "ممثلي قبائل أوباري (جنوب غرب ليبيا) طلبوا من روسيا المساعدة في حل المشاكل العالقة في حوارهم مع حكومة الوفاق، وبتقديم مساعدات إنسانية لسكان المنطقة الذين يعانون من نقص الأدوية والبضائع الأولية".
وأضاف: "أجرينا محادثات مع حكومة الوفاق، وقدمنا المساعدة في تسوية هذه المشكلة، علما بأن فريقنا على اتصال مع جميع أطراف الصراع الليبي"، بحسب تصريحات صحفية.
وشهدت المنطقة حالة من التوتر السياسي بعد رفض حكومة الوفاق الاعتراف بنتائج انتخاب أحمد المرتضى أبو سيف عميدا لبلدية أوباري، وكذلك شكاوى أهالي المنطقة من التهميش ونقص الأدوية.
استغلال ورقة القبائل
ورأى نشطاء أن روسيا تنافس بعض دول المجتمع الدولي ومنها فرنسا في محاولة التدخل في الملف الليبي عبر الجنوب الغني بالموارد الطبيعية، كما أنها ستستغل ورقة القبائل هناك لمحاولة الضغط على حكومة الوفاق الليبية لتحقيق مكاسب تصب في مصلحة موسكو.
وأثار الأمر تساؤلا حول علاقة روسيا بأزمة القبائل ومشاكلها مع حكومة البلاد، إن كان تدخلها يعد انتهاكا للسيادة الليبية، أم لا.
من جهته، أكد الصحفي الليبي عبد الله الكبير، أن "تدخل موسكو الأخير يعد التدخل الدولي الثالث بشكل مباشر في الجنوب الليبي بعد تدخل فرنسا وإيطاليا، ولا شك أنه مؤشر خطير حول ما يدور في استراتيجيات الدول الكبرى".
وأضاف لـ"عربي21"، أن "الأمر لا يتعلق بوساطة أو ضغط على حكومة الوفاق وإنما بتفكك الكيان الليبي إلي مكوناته الأساسية ولابد لروسيا أن يكون لديها موطئ قدم ونفوذ كما هو الحال في الشرق والغرب الليبيين، فالجنوب واعد بثرواته الهائلة وإطلالته على وسط أفريقيا"، وفق قوله.
النفط والغاز
ورأى الكاتب والأكاديمي الليبي، جبريل العبيدي، أن "التدخل الروسي لا يختلف عن التدخل الفرنسي في الجنوب الليبي، فالجميع يريد العبور إلى بوابة النفط والغاز وإقامة قاعدة مجتمعية من خلال المساعدات، لكن ستنتهي مساعي موسكو إلى الفشل مثلما حدث مع إيطاليا التي تبنت اجتماعا بين قبائل التبو والطوارق".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"، أن "روسيا ليست هي التي تسعى إلى التقارب مع حكومة السراج، بل العكس هو الصحيح، فقد سبق أن سافر النائب الأول لرئيس الحكومة أحمد معيتيق إلى روسيا طالبا القرب عبر وساطة رجل أعمال روسي، وانتهت سفارته بالفشل"، بحسب تقديره.
وتابع: "من جانب آخر، فإن المشكلة بين التبو والطوارق مشكلة مزمنة وليست وليدة اليوم، ولكن الفتنة والمتاجرة السياسية هي التي فاقمت الأزمة بينهما، ووسعت الفجوة أمام أي محاولة تقارب حقيقية".
وقال المحامي من الجنوب الليبي، طاهر النغنوغي، لـ"عربي21" إن "روسيا لها امتداد عسكري كبير في ليبيا، ولها مصالح عريقة بالسلاح الليبي، وبما أن الجنوب الليبي ساحة صراعات قبلية فإن دعم الذخائر سيكون روسيّا".
وتابع بأن "الفتنة العالقة بين القبائل في الجنوب وبين الحكومة في طرابلس أيضا تعلمها روسيا بتفاصيلها، بما أن كل الأطراف تتواصل معها، وتطلب دعما مباشرا".
ضغط على "الوفاق"
وقال مدير منظمة "تبادل" الليبية (مجتمع مدني مستقلة)، إبراهيم الأصيفر، إن "روسيا لا تريد أن تكون خارج الخارطة السياسية في ليبيا في المستقبل لذا فهي ترعى المصالحة بين قبائل الجنوب وبين الحكومة، وهي تحاول الإبقاء علي هذه الورقة بيدها للضغط علي حكومة الوفاق وتكون مفتاحا من مفاتيح الأزمة الليبية".
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "في ظل انتشار السلاح وعدم سيطرة حكومة الوفاق على الجنوب الليبي فسوف نشاهد تدخلا كهذا بين القبائل والدول التي تحاول تمرير أجنداتها واستغلال الأزمة الليبية لتحقيق مصالحها ومشروعاتها"، حسب رأيه.