هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "تاغس شبيغل" الألمانية تقريرا، تطرقت فيه إلى أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا. في الحقيقة، تمكن السوريون من الانصهار في صلب الدولة التركية بسرعة كبيرة، دون الحاجة إلى سياسة اندماج في المجتمع، على غرار ألمانيا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الشاب السوري ياسر حداد، البالغ من العمر 32 سنة، وصل إلى تركيا منذ ست سنوات، مع بداية الحرب في سوريا. في الواقع، كان ياسر لا يملك في جيبه سوى 20 يورو، ولكن كان لديه حلم يسعى وراءه؛ لذلك قبل بكل الوظائف التي عرضت عليه.
وقبل ثلاث سنوات، قام بادخار مبلغ من المال؛ بهدف العمل مرشدا سياحيا مستقلا للعرب الذين يزورون إسطنبول.
وفي حوار مع صحيفة "حريت" التركية، قال ياسر: "لقد قمت بالترويج لنفسي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي". وفي الوقت الحالي، يمتلك ياسر شركة سياحة تقوم باستقطاب حوالي 150 سائحا عربيا إلى تركيا شهريا، ويعمل في الشركة 45 موظفا، ما جعل من ياسر مليونيرا.
وتابعت الصحيفة بأن قصة ياسر لا تجسد روح المبادرة لدى ياسر فحسب، وإنما لدى ثلاثة ملايين لاجئ سوري قدموا إلى تركيا إبان الحرب السورية. في الواقع، لا يرغب هؤلاء السوريون في العودة إلى بلادهم مرة أخرى. علاوة على ذلك، يتمنى ثلاثة من بين كل أربعة سوريين في تركيا الحصول على الجنسية.
وأكدت الصحيفة أن تركيا باتت ترحب بالسوريين بشكل رسمي، خاصة بعد أن وفرت الشركات التي أسسوها قرابة 100 ألف فرصة عمل داخل تركيا.
أما فيما يتعلق بالحياة اليومية، فيتعرض السوريون غالبا للمضايقات من قبل الأتراك. في الأثناء، تتمتع تركيا بتاريخ حافل فيما يتعلق باستقبال المتضررين من الحروب. فبعد الحرب العالمية الأولى، نزح مئات الآلاف من المسلمين القادمين من دول البلقان والقوقاز، التابعة للمملكة العثمانية آنذاك، إلى تركيا.
ومؤخرا، استقبلت تركيا عددا كبيرا من مسلمي بلغاريا وأكراد العراق. لهذا السبب، تتسم تركيا بخبرة طويلة في التعامل مع اللاجئين، ما جعلها مؤهلة لاستقبال الملايين منهم من سوريا.
وأضافت الصحيفة أن أنقرة أنفقت بالفعل مليارات اليوروات؛ بهدف تقديم المساعدات للسوريين. وقد كسبت من خلال ذلك تعاطفا دوليا كبيرا، في حين التزمت أنقرة من جانبها بوقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
وفي الوقت الذي عاد فيه عشرات الآلاف من اللاجئين إلى مناطق هادئة في بلادهم مرة أخرى، بقي آلاف السوريين في تركيا.
في حقيقة الأمر، يعيش السوريون في كنف الأمان في تركيا نتيجة الحرب الدائرة رحاها إلى الآن في سوريا، التي كلفت آلاف السوريين حياتهم.
وأوضحت الصحيفة أن محمدا، وهو شاب في الـ20 من عمره، قدم إلى إسطنبول قبل سنتين من مدينة حلب شمال سورية. ويعمل محمد مع والده في محل لبيع الثلاجات. في الواقع، لا يفكر محمد في العودة مرة أخرى إلى حلب، مؤكدا أن "الحرب ما زالت قائمة وتمتد".
وفي السياق ذاته، يوجد الكثير من السوريين على عكس محمد، الذين قدموا من حلب، لكنهم لا يملكون عملا، ما اضطرهم في نهاية المطاف إلى الانخراط في قطاع البناء أو الفلاحة بأجر زهيد يقل عن 10 يوروات في اليوم.
وأفادت الصحيفة بأن هنالك -وفقا للأرقام الرسمية- 2.7 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا، بينما فرّ عدد كبير منهم إلى أوروبا. ومؤخرا، بادرت الحكومة التركية بتعقب مثيري الشغب منهم، ما أدى إلى اختفاء عدد كبير من الشحاذين السوريين في شوارع إسطنبول.
وفي سياق مغاير، أكدت الحكومة أن هناك بعض الأماكن في تركيا يمثل فيها السوريون غالبية مقارنة بالأتراك، على غرار مدينة "كلز" الحدودية، حيث يعيش ألف تركي، مقابل 131 ألف سوري.
ووفقا لاستطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة "إنغف"، يرى نصف السوريين في تركيا مستقبلا أفضل، بينما يرغب 74 بالمئة منهم في الحصول على جواز سفر تركي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يرغب بالفعل في منح السوريين الجنسية التركية. من جانبها، شككت المعارضة في نوايا الحكومة، معللة ذلك بأنها ترغب في كسب المزيد من الأصوات في الانتخابات القادمة.
وفي هذا الصدد، قال الخبير السياسي في جامعة مرمرة بإسطنبول، بهلول أوزكان، إنه "من المستبعد أن يكون الهدف من وراء تجنيس السوريين تجنيد المزيد من الموالين"، مؤكدا أن الأصوات التي ستكسبها الحكومة بفضل السوريين، ستخسر مقابلها أصوات الكثير من الأتراك من جانب آخر.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن غالبية الأتراك يعارضون في الوقت الحالي منح السوريين الجنسية التركية. انطلاقا من ذلك، بات حزب العدالة والتنمية التركي يخشى من خسارة أصوات ناخبيه في حال قيامه بعمليات تجنيس جماعية. وفي الأثناء، طالب أوزكان وخبراء سياسيون آخرون أنقرة بأن تبذل جهدا أكبر من أجل دمج السوريين في المجتمع التركي.