لم يترك الشباب في قطاع
غزة نافذة أمل إلا وسعوا للمرور عبرها متحدين معاناتهم الممتدة لعشرات السنوات بفعل
البطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية، ومنها نافذة "التواصل الاجتماعي".
وحرص الشباب الغزي على استغلال كل الخيارات لتحدي الواقع المرير وخلق آفاق جديدة تمكنهم من الخروج من دائرة الإحباط وصولاً إلى مرحلة الإنجاز والإبداع، وواكبوا تطورات العصر رغم تواضع الإمكانات، فخاض العديد منهم تجربة التسويق عبر منصات التواصل الاجتماعي، مستثمرين الإقبال عليها والتفاعل الملحوظ معها، فساهمت تلك المنصات في توفير فرص عمل بديلة أعانتهم على تحدي "البطالة"، ووفّرت لهم أرضية خصبة للانطلاق والإبداع في عالم لا تحده حدود.
التسويق الرقمي
الشاب محمد القطراوي، بدأ مشواره في مواقع التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي في عام 2012، وحصل على خبرة في صناعة الحملات الإعلانية والتسويق الإلكتروني.
وضاقت السبل بالقطراوي خلال محاولته الحصول على فرصة عمل في قطاع غزة فقرر في العام 2015 أن يفتتح شركة خاصة في مجال التسويق الرقمي وإدارة وصناعة المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي .
وقال القطراوي لموقع "
عربي21": " القرار لم يكن سهلًا في البداية، ففكرة التوجه للعمل الحر بمقومات بسيطة، تحمل مخاطر كبيرة، وتحتاج إلى شخص يصبر على التعب والعمل المتواصل، لكني نجحت بعد مشوار طويل وأضحى اسم شركتي معروفاً ونجحت في تكوين شبكة عملاء محلية ودولية".
وأكد القطراوي على أهمية استخدام منصات مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج للأفكار والسلع والمشاريع الصغيرة المتنوعة.
وأضاف "هناك نماذج وأمثلة كثيرة لشباب نجحوا في تسويق أنفسهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ثم أًصبحوا يظهرون على شاشات الفضائيات، ومنهم من يكتب الآن في صحف دولية كبيرة ".
الخروج عن المألوف
الصحفي أحمد صالحة لم يجد فرصة عمل في مجال الإعلام بعد أن تخرج من الجامعة ورفض الانضمام إلى طوابير العاطلين عن العمل، فافتتح شركة صرافة واتصالات خلوية، وحرص أن يخرج عن المألوف، فبدأ بالترويج لشركته الخاصة عبر حملات إعلانية مكثفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن نسبة 99% من نجاح أي مشروع أو فكرة مرتبطة بالاستغلال الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعي، وبالتزامن مع "المد السوشلجي" المشهود في المنطقة.
ولفت صالحة إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، ساهمت في نقل فكرة مشروعه للمجتمع بشكل سلس ومبسط، من خلال التسويق المُحكم والترويج المضبوط وفق قوانين ولوائح منظّمة تساهم في إنجاح الفكرة أو المشروع، وفق ما خُطط له من قبل.
وتابع صالحة لـ"
عربي21" أن مواقع التواصل الاجتماعي، لها دور مميز في تحقيق أرباح مادية تتوائم مع فكرته، وأسهمت بشكل ملحوظ في استكمال مسيرته العملية بشكل سليم، ناهيك عن الشهرة التي حصل عليها بين أوساط المجتمع المختلفة، لافتاً إلى أن نجاح العمل في المنصات الاجتماعية، يكمن "بالقدرة على إقناع العملاء بالحصول على خدمة ما، وتوفير أفضل جودة بسعر مناسب في ظل المنافسة الشديدة".
ظروف اقتصادية صعبة
وبيّن الناشط في مجال مواقع التواصل الاجتماعي مؤمن نصار أن تدهور ظروف الشباب الاقتصادية، دفعهم إلى ترويج منتجاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موضحاً أن تلك المواقع سهلة الاستخدام ورخيصة التكلفة وفرت لعديد الشباب مصدر دخل مباشر وساهمت في التخفيف من حدة البطالة المستشرية في قطاع غزة.
ولفت في حديث مع "
عربي21" إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي من خلال سرعة انتشارها وقوة تأثيرها أفسحت المجال أمام الشباب لتطوير وابتكار أفكار جديدة لكسب الرزق وخلق فرص عمل بديلة في ظل الأوضاع الاقتصادية المأساوية بفعل
الحصار الذي فرضته
إسرائيل على قطاع غزة منذ أكثر من 11 عاماً.
استثمار
أمثل
ودعا الناشط الإعلامي داوود أبو ضلفة الشباب الفلسطيني إلى استثمار مواقع التواصل الاجتماعي في الحصول على فرص عمل نوعية مؤكداً أن كماً كبيراً من الشباب الذين خاضوا تلك التجارب استفادوا على الصعيد المهني والمادي.
وقال أبو ضلفة لـ"
عربي21": "إن منصات التواصل الاجتماعي، أضحت في الآونة الأخيرة فرصة ثمينة لترويح وتسويق المنتجات التي تستغلها الشركات الكبيرة، وتعمل على توفير فرص عمل للمسوقين من خلال عرض سلعهم وأفكارهم وترويجها لأكبر عدد ممكن من الناس".
وحول إيجابيات العمل في فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، تابع أبو ضلفة:" إن منصات التواصل الاجتماعي، لا تميّز بين فئات وطبقات المجتمع، فتتنوع أطياف العاملين فيها، فتجد من بينهم صاحب رأس المال المرتفع والمتدني، والمتسوّق الغني، والمشتري صاحب الدخل البسيط"، مضيفًا :"أنها لا تقيّد المستخدمين بمكان وزمان معينين، وتفسح المجال لكل من أراد النهوض والارتقاء بذاته ومواجهة تحديات الحياة".
ويُثبت المجتمع الفلسطيني في كل محطة من محطاته عبر الزمن أنه قادر على قهر الصعاب وصُنع إرادة الحياة، فالعمل الممزوج بالأمل يصنع المستحيل.