هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق المعروف ديفيد إغناطيوس، يقول فيه إنه بعد أسبوعين تقريبا من التفجير السياسي المزدوج الذي وقع في الرياض، فإن ولي العهد السعودي يحاول أن يحد من الأضرار، بطريقة قد تساعد في جلب الاستقرار إلى السعودية والمنطقة.
ويشير الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أول انفجار في السعودية كان في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، حيث تم اعتقال 201 شخصية سعودية مهمة، من بينهم أمراء ووزراء، لافتا إلى أن الأمير بدأ الآن عملية حل قد تنهي كثيرا من هذه القضايا خارج المحاكم.
ويقول إغناطيوس: "قال لي مسؤول سعودي كبير إن لجنة مكافحة الفساد في السعودية ستتبع (عملية التفاوض بخصوص الاعتراف بالتهمة) المتعارف عليها، وهي ما يقوم بها عادة المدعي العام قبل أن يحول القضية إلى المحكمة المعنية، وقال إن هدف اللجنة هو إرسال رسالة قوية بأن الفساد لن يسمح به (بغض النظر عن المنصب أو المكانة)".
ويعلق الكاتب قائلا: "قد تكون الحملة حققت دعما لمحمد بن سلمان بين الشباب السعوديين المستائين من الأمراء الكبار الأثرياء، لكن المخاطرة في هذه اللعبة هو ردة فعل العائلة المالكة؛ لأنها خالفت السياسة التقليدية المتوافق عليها، وحل قضايا الفساد خارج المحاكم قد يخفف من المعارضة على هذا المستوى العالي".
ويلفت إغناطيوس إلى أن "الانفجار الثاني، الذي وقع يوم 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، كان إعلان سعد الحريري استقالته من رئاسة وزراء لبنان من الرياض، وكانت هناك خطورة من أن تتسبب استقالة الحريري، التي قال لي مصدر لبناني إنها جاءت بضغط من محمد بن سلمان، بزعزعة الاستقرار في لبنان ما يساعد على تقوية حزب الله هناك، وهو عكس ما يريده السعوديون، ووافق السعوديون يوم الخميس على السماح للحريري للسفر إلى باريس، وقال مصدر لبناني إن الحريري سيعود بعد ذلك إلى لبنان".
ويقول الكاتب: "يبدو أن قصة الحريري أقنعت واشنطن والرياض بأن مصلحتهما تكمن في استقرار لبنان أكثر من عدم استقراره، وحتى إن كان يعني هذا التعاون مع حزب الله، الذي يمثل الحزب المهيمن، وقال لي مسؤول سعودي إن السعودية تسعى للعمل مع أمريكا لدعم المؤسسات اللبنانية، مثل الجيش، وهو ما من شأنه أن يضعف من حزب الله وداعمته، إيران، ويبدو أن محمد بن سلمان أدرك أن محاربة حزب الله لعبة طويلة الأمد وليست قصيرة".
وينوه إغناطيوس إلى أن "استقالة الحريري وما ظهر أنه إقامة جبرية فرضت عليه أدت إلى جعله بطلا في لبنان، ورمزا لطموح البلد للسيادة، وهذا قد يعطيه نفوذا أوسع عندما يعود إلى بيروت، وفالت لي مصادر لبنانية يوم الخميس، إن مؤيدي الحريري قد يحثون حزب الله على سحب مقاتليه من اليمن كبادرة تضامن، وسيعمل الحريري من جديد على حشد الدعم الدولي للاقتصاد والجيش اللبناني".
ويبين الكاتب أن "حملة الاعتقالات الشاملة، التي قام بها الأمير محمد بن سلمان، بعثت موجات هزت المملكة والمنطقة، وفاجأت حتى بعض المقربين من ولي العهد، لكن التحذيرات كانت موجودة؛ حيث قال الملك سلمان في 10 آذار/ مارس 2015، في أول خطاب رئيسي له بعد أن استلم العرش، بأنه (أمر الحكومة بمراجعة إجراءاتها لتساعد في اجتثاث الفساد)، بحسب تقرير لـ(رويترز) في ذلك الوقت".
ويفيد إغناطيوس بأن "سمعة الأمير محمد بن سلمان أنه كان رجل أعمال حرة قبل أن ينضم للقصر الملكي، لكنه شدد على مكافحة الفساد في مقابلة في أيار/ مايو 2017 مع قناة (العربية)، حيث قال: (إن لم تكن مكافحة الفساد على رأس الأجندة، فإن ذلك يعني أن الحرب لم تنجح.. وأنا أكرر بأنه لن ينجو أي شخص متورط في الفساد)".
ويورد الكاتب مثالا على الصفقات الفاسدة التي أدت إلى اعتقالات 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، ما ذكره مسؤول سعودي كبير، من بيع أرض في جدة، حيث دفعت الحكومة ضعف سعر السوق؛ وذلك لدفع رشوة كبيرة لمسؤول كبير، مشيرا إلى أنه في حالة أخرى اشترت وزارة التعليم تذاكر طيران بمبالغ كبيرة لمئات آلاف الطلاب الذين يدرسون في الخارج؛ لتوفير رشاوى للمسؤولين.
ويذهب إغناطيوس إلى أن "الفساد في السعودية تفشى إلى درجة بعيدة، ما جعل بعض المراقبين يفترض أنه جزء من طريقة حكم آل سعود، وبعد أن زرت السعودية أول مرة عام 1981، كتبت سلسلة من المقالات لـ(وول ستريت جورنال) حول تقويض الرشاوى لقطاعي النفط والدفاع، وفي العقود التي تلت ذلك كانت عمليات التطهير أقل ظهورا، لكن الفساد استمر".
ويؤكد الكاتب أن "عملية التطهير التي قام بها محمد بن سلمان ظهرت للعديد من المراقبين الخارجيين كأنها تحرك سياسي، يحمل معه مخاطرة كبيرة، لكن أميرا كبيرا نبهني قائلا إن البلد ليست بالهشاشة التي تبدو عليها، ورأى أحد مؤيدي محمد بن سلمان أنه (لا يمكن للفساد أن يبقي البلد مستقرة، لكن تطهير البلد من الفساد سيجعلنا مستقرين)".
ويخلص إغناطيوس إلى القول: "هذا طموح قيم، لكن على محمد بن سلمان أن يكون حذرا عندما يفجر قنابله بألا يفجر نفسه".