أعلن وزير الدولة لشؤون الخليج العربي في المملكة العربية السعودية، ثامر السبهان، الأسبوع الماضي، أنّ السعودية ستعامل حكومة لبنان كحكومة إعلان حرب، مضيفا أنه قد تم إبلاغ الحريري بأن الأعمال التي يقوم بها حزب الله تعد بمثابة إعلان حرب على المملكة العربية السعودية.
وبعدها بأيّام فقط، أوضح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن الأزمة في لبنان "أساسها حزب الله، الذي اختطف النظام اللبناني" مشيرا إلى أن الحزب هو أداة في يد حرس الثورة الإيراني، وأنّ طهران تستخدم حزب الله من أجل بسط نفوذها في لبنان وتنفيذ أعمال الشغب في البحرين وكذلك دعم الحوثيين"، مؤكّدا في تصريح آخر له أن "لبنان لن ينعم بالسلام إلا بنزع سلاح حزب الله".
لا يمكن لعاقل أن يجادل فيما قاله وزير الخارجية السعودي أعلاه. فما ذكره عن الحزب ودوره في لبنان صحيح تماما، لكن المشكلة مع السياسات السعودية الجديدة أنها سياسات عشوائية وارتجالية، وهي متهوّرة ومتناقضة في آنٍ معا.
والاهم من كل ذلك، أنها أشبه بقنبلة دخانية مصحوبة بزوبعة إعلامية تهدف إلى إخفاء الهدف الحقيقي، وهو هدف يتعلّق بالوضع الداخلي في المملكة وتحديدا بتغيير طبيعة وشكل النظام السياسي تمهيدا لتولي محمد بن سلمان الحكم.
ومن باب التناقض على سبيل المثال، نجد أن التصريحات السعودية عن مواجهة إيران وأذرعها غير مسبوقة، في حين أنّ كل طاقات المملكة موجّهة فعليا في هذه اللحظة لفتح معارك عربية- عربية وسنيّة- سنيّة بشكل لا يفيد إلا إيران حصرا، وهذا هو ما يدعو للاستغراب والاستهجان.
لا يدرك المسؤولون السعوديون على ما يبدو أن ما يفعلونه هو عكس ما يقولونه تماما. لكن هناك من يجادل بأن المسؤولين السعوديين أصبحوا في حقيقة الأمر في السجون، وأن المملكة تقاد من الخارج من أشخاص يعلمون تماما ما يقومون به.
سنفترض أن كل ذلك غير صحيح. كيف تريد المملكة العربية السعودية مواجهة إيران وأذرعها؟ وبمن أو عبر من؟ لن تقوم المملكة بهذه المهمّة بنفسها، فهذا أمر شبه مؤكّد.
التجربة الفاشلة التي خاضتها في اليمن على رأس تحالف عسكري، أثبتت ذلك بشكل قاطع وحاسم. لا شك بأن الجانب السعودي لديه حسابات أخرى، فهو يراهن على مصر وإسرائيل في مثل هذه المواجهة.
فيما يتعلق بمصر، أنفقت السعودية والإمارات عشرات المليارات من الدولارات لدعم نظام السيسي وإيقافه على قدميه، وأقل ما يتوقعانه منه أن يقف معهما في مثل هذه اللحظات الحرجة.
لكن سبق للسيسي أنّ خذل السعودية مرات عدّة في سوريا وفي اليمن وفي العلاقة مع إيران، ومن الواضح أنه يستخدمهما بدوره عبر الابتزاز لأهدافه الخاصة.
أمّا إسرائيل، فالمراهنة عليها هنا هو من باب التلاقي في العنصر المشترك أي الخطر الإيراني، أو هكذا يقال.
لتحقيق تقدم في مجال الانفتاح على إسرائيل، أشارت تقارير عدة إلى انخراط السعودية في تقديم تنازلات غير مسبوقة للتقرب من تل أبيب على أمل أن يكون ذلك بمثابة حافز للتعاون ضد إيران.
لكن ما حصل هو أن مصر وإسرائيل وجّهتا في الأيام القليلة الماضية صفعة مزدوجة للسياسات السعودية الجديدة في لبنان، التي يقال إن الهدف منها ضرب النفوذ الإيراني في المنطقة.
إذ سارع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي -الذي وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري دعمته السعودية والإمارات- للقول إن بلاده لن تفكر في اتخاذ أي إجراءات ضد حزب الله، على الرغم من الدعوات السعودية لفرض عقوبات على الحزب.
وأكد في مقابلة على شبكة "سي أن بي سي" الأمريكية أن الاستقرار في المنطقة هش، وأنّ المنطقة تحتاج إلى مزيد من الاستقرار، ولا يمكن لها أن تتحمل المزيد من الاضطرابات.
أمّا الجانب الإسرائيلي، فقد عبّر هو الآخر بشكل صريح عن التوجه ذاته الرافض للإغراءات السعودية لشن حرب على لبنان.
لكن من السخرية بمكان، أن موقف إسرائيل هذا جاء في أول مقابلة من نوعها مع موقع سعودي، حيث نفى رئيس الأركان الإسرائيلي في مقابلته مع إيلاف وجود أي نيّة لدى الجيش الإسرائيلي لمهاجمة حزب الله في لبنان.
ومن الغباء بمكان أيضا، أن تفكر مصر أو إسرائيل بخوض معارك أو حروب بالنيابة عن السعودية، في ظل التخبّط الداخلي والخارجي الذي تقوم به وتعاني منه.
ولا شك من أن في موقف البلدين -الأقرب للسعودية إقليميا في الوقت الراهن- رسالة مفادها بأن الحلفاء المفترضين لا يثقون لا بالسعودية، ولا بأدائها أو مستواها، ولهذا السبب بالتحديد، فهم غير مستعدين لخوض معاركها، إذ لكل معركته وحساباته.
الصفعة اسرائيلية بالدرجة الأولي ، فالسيسي بالرغم من مليارات السعودية والإمارات ، إلا أن كل مايتخذه السيسي من قرارات مصدرها و مرجعيتها من الموساد مباشرة ، بل يمكن القول ان هذة المليارات جاءته ايضا بسبب التوصيات الإسرائيلية لهذة الدول التي يحكمها ايضا عملاء تابعين للموساد من آل نهيان و آل سعود ، وهذا هو واقع الحال العربي وواقع الشعوب العربية المتخاذلة .