هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استبعد خبراء ومراقبون أن يسهم دخول الجيش المصري مجال المنافسة في زراعة وإنتاج السمك لسد الفجوة مابين الإنتاج والاستهلاك في زيادة الإنتاج وخفض الأسعار في الأسواق.
ويعود ذلك إلى أن إنتاج المرحلة الأولى من المشروع لا يتجاوز السبعة آلاف طن سنويا، وسط تحذيرات من تأثير هذا التدخل من الجيش على المزارع الصغرى، التي تنتج معظم إنتاج مصر من الأسماك، ومزاحمتهم في مجال عملهم، ولقمة عيشهم.
وتستهلك مصر نحو مليوني طن من الأسمك سنويا، ويصل إنتاجها من الأسماك إلى نحو 1.6 مليون طن، منه 1.2 مليون طن من إنتاج الاستزراع السمكي، 400 ألف طن من نهر النيل والترع والمصارف، في حين تستورد أكثر من 300 ألف طن من الخارج لتلبية الاحتياجات من الأسماك.
الجيش يرمي بثقله
وافتتح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، السبت، المرحلة الأولى من مشروع بركة غليون للاستزراع السمكي في محافظة كفر الشيخ على البحر المتوسط شمال العاصمة، وتتولاه الشركة الوطنية للمقاولات التابعة للجيش المصري بالتعاون مع شركة "إيفرغرين" الصينية.
وتبلغ الكلفة الإجمالية للمشروع أربعة مليارات جنيه، ويقع على مساحة 13 ألف فدان، وبطاقة إنتاجية مبدئية 7 آلاف طن سنويا، ويعمل فيه نحو 5 آلاف عامل من المجندين والمدنيين ويحتوي على أربعة مصانع لتعبئة الأسماك والأعلاف وإنتاج الثلج والفوم.
وعلّق عضو لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى السابق، ثروت نافع، على مشروع الجيش للاستزراع السمكي في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قائلا: "ثبت علميا أن المزارع السمكية ليست صحية، وتنتج أسماكا تتغذى على ملوثاتها العضوية".
وأوضح أن "الدول المتقدمة تتجنبها الآن، وتحاول التخلص مما بقي لديها، بل إن بعض منظمات حماية المستهلك في كندا تدفع بفرض قانون يضع علامة واضحة لهذه الأسماك، حتى يتجنبها المستهلك".
الجيش ينافس مزارع المدنيين
وقلل رجل الأعمال المصري-الأمريكي محمد رزق من حجم إنتاج مثل تلك المزارع، قائلا: "عندما تستمع إلى إعلام الجيش، تشعر أن إنتاج المزرعة سيجعل هناك اكتفاء ذاتيا في الأسماء، لكن عندما تمحص الأرقام كرجل اقتصاد، تجد أن إنتاج مزرعة غليون أقل من 1% من الاستهلاك المحلي".
وأضاف لـ"عربي21": "كان من الأجدى صرف تكلفة المزرعة لعمل ميناء صيد مثلا، في عزبة البرج، التي فيها ثلثا أسطول الصيد المصري، ولا توجد فيها أي خدمات".
وحذّر من تأثير مثل تلك المزارع الكبرى، قائلا: "الجيش يجني عوائد كبيرة من تلك المزارع، لكنه يدمر المزارع الصغرى، وهنا تكمن المشكلة"، مشيرا إلى أن "استهلاك مصر من الأسماء في العام مليون و900 ألف طن، تنتج منها مليونا و600 ألف طن، والباقي يتم تدبيره عن طريق الاستيراد".
وتابع: "في حين تنتج المزارع الصغرى مليونا و 200 ألف طن سنويا، ما يعني أن دخول الجيش في المجال سيخل بالتكلفة لصالحه على حساب تلك المزارع؛ لأنه لا يدفع ضرائب أو رسوما أو عمالة، بجانب أنه يستغل مرافق الدولة ببلاش (دون مقابل)، ومن ثم سيدفع المزارع الخاصة لإغلاق أبوابها".
دخول الجيش يحسن الأداء
على الجانب الآخر، استبعد رئيس جمعية الصيادين في عزبة البرج على البحر المتوسط، حسام خليل، أن تؤثر مزارع الجيش على صغار المزارعين، قائلا: "هو مشروع عملاق، وسيفتح المجال للمنافسة في مجال الأسماك، وجودة الإنتاج ستدفع المزارعين الآخرين لتحسين جودتهم".
ولكنه توقع أن يذهب إنتاج الجيش من الأسماك عالية الجودة للتصدير للخارج، وليس للسوق المحلي، وبرر ذلك بأن "العالم يبحث عن الأسماك ذات الجودة العالية، بالتالي فهو لن يمثل ضغطا على أصحاب المزارع الصغيرة في مصر".
وعزا اعتماد مصر على الاستزراع السمكي بالرغم مما تملكه من سواحل طويلة على البحرين الأحمر والمتوسط، بالإضافة إلى نهر النيل وخمس بحيرات، إلى "حجم التلوث الكبير على السواحل والشواطئ الذي لا يمكن إصلاح ضرره ومعالجته؛ لذلك يهرب الصيادون إلى البحار البكر التي لم تلوث، ويحافظ أهلها على البيئة الطبيعية للأسماك، بالإضافة إلى وجود مافيا مجرمة تصطاد الزرعية (السمك الصغير) وتقضي على النسل والنوع للسمك".
دعم الدولة غائب
وعن تأثير دخول الجيش المنافسة في مجال الاستزراع السمكي، طالب مصطفى عزوز السويركي، وهو صاحب مزرعة سمكية "بتوفير دعم للمزارعين؛ بسبب زيادة الأسعار، وارتفاع التكلفة".
وأضاف لـ"عربي21": "المزارع السمكية أصبحت مكلفة ومجهدة، فالعامل يحصل على 150 جنيها في اليوم، ونشتري كل مواد الإنتاج من السوق الحر بدون دعم، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود وأجور الماكينات".
ودعا الدولة إلى "دعم المزارعين سواء بالعلف أم بالوقود؛ لزيادة التنافسية، وأن تتولى تسويق أو شراء المنتج بشكل مباشر حتى تستفيد الحكومة والشعب على حد سواء".