هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
طرحت التصريحات الروسية المتكررة عن سحب قواتها من سوريا تساؤلات عن مدى واقعيتها على ضوء المعطيات الراهنة التي تؤكد عكس هذه التصريحات.
ووفق ما قالته وسائل إعلام روسية، فإن سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف أكد أن "التحضيرات جارية لسحب قوات من سوريا، وأنها ستتم بمجرد تحقيق الجاهزية لذلك".
وكان رئيس هيئة الأركان الروسية، فاليري غيراسيموف، أعلن في وقت سابق عن نية موسكو تخفيض عدد قواتها حتى نهاية العام.
تصريحات غامضة
واعتبر محللون أن تصريحات مجلس الأمن الروسي تصريحات غامضة، بسبب عدم معرفة حجم القوات الروسية الموجودة في سوريا.
وقال الخبير العسكري العقيد أديب عليوي: في أيلول/ سبتمر 2015 حدد مجلس الدوما الروسي مدة تدخل القوات الروسية في سوريا بمدة لا تزيد عن نصف عام، والآن بعد مضي كل هذه المدة لم تسحب روسيا قواتها من سوريا.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "التصريحات الروسية لا مصداقية لها، لأن روسيا تحولت إلى قوة احتلال، وأنشأت قواعد عسكرية في مختلف أرجاء الأراضي السورية من حميميم إلى طرطوس والبادية وتدمر وحماة، لا يمكن تحريكها".
واعتبر عليوي التصريحات "ذر الرماد في العيون"، مشيرا إلى أنها تأتي في سياق استعداد بوتين للاستحقاق الانتخابي الداخلي.
والملفت بحسب الخبير العسكري، هو تزامن تصريحات مجلس الأمن الروسي مع وصول قوات صينية إلى سوريا، الذي أشار إلى وجود لعبة روسية جديدة في سوريا.
وأوضح العليوي قائلا: "روسيا تحاول جر الصين إلى سوريا بذريعة التهديدات من الحزب الإسلامي التركستاني، لمواجهة المخطط الأمريكي الذي يهدف إلى تطويق الصين، كما تشير الدراسات الدولية".
واستطرد: "الولايات المتحدة تسعى من تعزيز وجودها في المنطقة إلى أكثر من هدف، من أهمها تحجيم قدرة العملاق الصيني من خلال السيطرة على نفط المنطقة".
وبحسب العليوي، فإن روسيا تحاول خلط الأوراق على تلك المخططات الأمريكية، من خلال جعل الصين جزءا من اللعبة بدل أن تكون أحد المستهدفين منها، على حد تعبيره.
ورفض الخبير العسكري، ما ذهب إليه بعض المراقبين من تفسير للتصريحات الروسية على أنها ضغط من موسكو على نظام الأسد، في سبيل الحصول على تنازلات من شأنها التقدم في العملية السياسية السورية، معتبرا في هذا الجانب أن النظام أضعف من تضغط عليه روسيا.
من جانبه ميّز الباحث بالشؤون التركية والروسية الدكتور باسل الحاج جاسم، بين التصريحات الروسية السابقة المماثلة والتصريح الأخير.
وقال: "يبدو أن التصريحات جدية هذه المرة، وهي أشبه ما تكون بالرسالة الروسية بأن تدخلها في سوريا قد يحقق الأهداف المرجوة منه".
وأضاف لـ"عربي21"، يبدو أن روسيا تركز على الجانب السياسي للحل في سوريا، بدلا من التركيز على الجوانب العسكرية كما فعلت منذ بداية الثورة السورية، ومنذ تدخلها المباشر في سوريا أواخر عام 2015.
لكن بالمقابل، رأى الحاج جاسم، أنه "دون النظر إلى المقصود بالتصريحات أو إلى جديتها، فإن روسيا لن
تترك روسيا بعد كل الذي قدمته، بل قد تريد إشراك آخرين في هذه المعضلة"، واستدرك: "لهذا دخلت تركيا بقواتها إلى سوريا، وكذلك اليوم ما نراه من محاولات لجر الصين إلى سوريا".
وقال: "الآن تتجه الأنظار إلى جنوب سوريا، وعلينا مراقبة الطرف الذي سيكون شريكا هناك، لتحقيق التوازن المطلوب في كل الجبهات من الشمال إلى الجنوب".
وبحسب أنباء متداولة إعلاميا، فإن روسيا لن تترك من قواتها سوى قوات كافية للحفاظ على قاعدة جوية وقاعدة بحرية في سوريا.