هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تدور أسئلة كثيرة حول مآلات المعركة الدائرة بين قوات الحليفين؛ جماعة
"أنصارالله" (الحوثي)، والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في العاصمة اليمنية
صنعاء منذ فجر السبت.
وكان صالح قد دعا في خطاب متلفز له، السبت، إلى انتفاضة ضد الحوثيين،
بينما حثه عبدالملك الحوثي، زعيم الجماعة، في ظهورين متتالين عبر فضائية "المسيرة"
التابعة لها، إلى عدم التهور، وإلى العدول عن الخيانة.
معركة وجود
وفي هذا السياق، يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن
الحوثيين وصالح يخوضون في هذه الأثناء معركة وجود لا مكان بعدها لأحدهما في صنعاء وفي
الدولة.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن هذه المعركة لم تشكل مفاجأة
للمتابعين لها؛ لأن شراكة حليفي الانقلاب باتت هشة، وكان على أحدهما أن يتخلص من الآخر؛
بسبب التناقض الصارخ في الأهداف.
وبحسب التميمي، فإن صالح يقوم حاليا بمغامرة خطيرة للغاية، وهو عمليا
ينوب عن التحالف العربي، الذي ظل لأكثر من عامين يدعي أنه يحاربه، في مهمة دحر الحوثيين
من صنعاء. مؤكدا أن هذه المعركة تبعاتها خطيرة على مستقبله السياسي، وعلى وجوده، إذا
لم تتوفر له الإمكانيات للحسم السريع والخروج من مستنقع المواجهة المسلحة والحرب الأهلية
في أحياء أكبر مدن البلاد.
وأشار إلى أن صالح ومعه التحالف العربي بقيادة السعودية، ساهما معا في
تحويل حياة اليمنيين إلى جحيم، في تقديم صالح على أنه القائد الضرورة الذي يحررهم من
المليشيا، ومما جلبته من عنف وحروب، وفشل اقتصادي، وضيق معيشي.
ووفقا للكاتب اليمني، "فإنهم أمام محاولة مكشوفة لإعادة تصميم واجهة
الانقلاب في صنعاء على نحو يفضي إلى شكل جديد من التحالفات السياسية في صنعاء، التي
تتطابق مع أولويات التحالف، وقطعا لن تحقق أهداف اليمنيين في إقامة دولتهم الاتحادية
الديمقراطية"، على حد قوله.
ولفت إلى أن التحالف أصر من خلال موقفه السياسي والدعم الإعلامي، الذي
يقدمه للمخلوع صالح باسم المؤتمر الشعبي العام، على إظهار ما يجري في صنعاء بأنه جزء
أصيل من معركته ضد حلفاء إيران ومليشياتها في اليمن، على نحو لا يترك لصالح مساحة الادعاء
بأنه يزج مهمته في منأى عن التدخلات الخارجية.
وأوضح السياسي التميمي أنه ليس هناك وضوح فيما يتعلق بقوة الحوثيين، وعما
إذا كانوا على استعداد لإغراق صالح، لكن تهديداتهم والظروف الموضوعية تشير إلى قدرتهم
على مواجهته، أو تعقيد مهمته إلى حد كبير.
"معركة الشعب"
من جهته، قال القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام (الجناح الموالي لصالح)،
عادل الشجاع، إن المعركة ليست بين المؤتمر والحوثيين، بل المعركة بين جماعة الحوثي
والشعب اليمني.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن حزب المؤتمر بارز في الواجهة،
لكن اليمنيين يتكلمون اليوم بصوت واحد، رافضين هذه الجماعة التي تتغذى من قوته وصادرت
كل ممتلكاته.
وحول مآلات المعركة بين الحزب والجماعة، أكد أن المعركة تجري لصالح الشعب
اليمني، ولا يمكن لجماعة عنصرية تعادي البشرية أن تنتصر. مشيرا إلى أنها دخلت صنعاء
تحت ذريعة الجرعة، وها هي اليوم صادرت كل شيء، فمن الطبيعي أن تهزم.
ولفت القيادي بحزب صالح إلى أن الحوثيين غرسوا كراهيتهم في نفوس اليمنيين،
وخلقوا لهم عداوة مع الداخل والخارج. مبينا أن اليمنيين صبروا كثيرا عليهم، ومُدّدت
لهم الفرص، لكنهم أعطوا ظهرهم للجميع. داعيا إياهم إلى احترام الإرادة الشعبية الرافضة
لهم.
وإزاء موقف التحالف الذي تقوده الرياض، الداعم لصالح الذي كان يصفه بـ"العدوان"،
أفاد بأن هذا الموقف يؤكد أن الجميع استشعر خطورة الحوثيين، وأنها جماعة غير مرغوب
فيها.
انتهاء شهر العسل
من جهته، وصف الصحفي والمحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة، المعركة بين
صالح والحوثي بأنها معركة كسر عظم هذه المرة، ولا مكان للعودة إلى ما قبل بداية كانون
الثاني/ ديسمبر.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن شهر العسل الذي استمر لأكثر
من ثلاثة أعوام انتهى، ولن تتوقف المعركة إلا بإزاحة طرف منهما على الأقل، ما لم تتدخل
طهران على خط وساطة بين الطرفين، كما حدث خلال المرات السابقة عن طريق زعيم حزب الله
اللبناني، حسن نصر الله.
ووفقا للزرقة، فإنه حتى الآن، ما زال مواقف الحلفاء المشتركين للانقلابين
"روسيا والصين وإيران"، غير واضحة.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي تركز مليشيا الحوثي على صنعاء، سيحاول المخلوع
صالح تشتيت ساحة المعركة والمواجهات؛ عبر نقلها إلى المحافظات الموالية لها، كالمحويت
(غربي صنعاء) وحجة وإب وريمة ( شمال غرب ووسط البلاد).
واعتبر الصحفي الزرقة أنها معركة مصالح ونفوذ، وما زالت في مربعات يسيطر
عليها المخلوع وحزبه، فيما لا تزال مليشيا الحوثي في حالة صدمة؛ بسبب عدم استيعابها
لتسارع الأحداث، فضلا عن عدم توقعها بأن صالح ما زال بإمكانه المقاومة، ورفع السلاح
في وجه قياداتها.
وقال المحلل الزرقة: "يبدو أن المخلوع نجح في إحداث اختراقات في
صف الحوثي عبر المنتمين والمنظمين لمكوناته المختلفة العسكرية والسياسية، بالإضافة
إلى الاستفادة من حالة السخط الشعبي الكبيرة والمتنامية ضد المليشيا".
وبحسب المتحدث ذاته، فإن علي صالح يسعى للعودة إلى الواجهة كطرف فاعل
في مستقبل البلاد؛ عبر فتح جسور للتواصل مع التحالف ومع أطراف داخل الشرعية، وهو ما
عكست عنه بيانات التأييد من قبل التحالف وقيادات في الشرعية.
وكان التحالف العربي بقيادة المملكة قد دعا السبت إلى الالتفاف حول الانتفاضة
التي يقودها حزب صالح في صنعاء، فيما أعلن صالح استعداده لفتح صفحة جديدة، والتعامل
معهم بإيجابية.