أصدر الداعية
المصري المعروف
محمد حسان بيانا حول اعتراف الرئيس الأمريكي
ترامب بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الشيخ في بيانه: "القرار الأمريكي (الترامبي) بنقل السفارة الأمريكية إلى
القدس وإعلان المدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل قرار غاشم ومجازفة خطيرة، وله تداعيات مريرة وسيؤجج مشاعر الحقد والكراهية والانتقام ويُغذي العنصرية البغيضة والتطرف المقيت في أنحاء الأرض، وواهم من يتجاهل مشاعر المسلمين تجاه القدس والأقصى المبارك حتى وإن كانت الأمة تمر بمرحلة من أخطر المراحل الوهن والضعف."
وأضاف البيان مستعرضا التاريخ: "ولأولئك الذين لا يعرفون الدين والتاريخ والجغرافيا أقول: القدس تاريخ طويل متجذر في عمق الحضارات التي عرفها العالم على مر التاريخ. فقبل الميلاد بثلاثة آلاف عام تقريبا هاجرت قبائل الكنعانيين من شبه الجزيرة العربية بسبب القحط والجدب واستقرت على ضفة نهر الأردن من الناحية الغربية وسميت هذه الأرض بأرض كنعان. وفي هذه الأرض ولد خليل الله إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وعاش فيها ثم هاجر بعد ذلك إلى مكة شرفها الله بولده إسماعيل وأمه هاجر. وظل يتردد بين أهله في مكة التي رفع فيها قواعد البيت الحرام وبين أرض كنعان التي بنى فيها أيضا بيتا لعبادة الله وهو مكان المسجد الأقصى كما يقول شيخ الإسلام بن تيمية: (فالمسجد الأقصى كان من عهد إبراهيم عليه السلام، لكن سليمان عليه السلام هو الذي بناه بناءً عظيما) مجموع الفتاوى 351/17."
وواصل البيان سرده التاريخي بالقول: "وعُرفت مدينة القدس عبادة الله الواحد الأحد وكانت تُسمى حين إذ "ساليم". وظلت القدس في أيدي الكنعانيين حتى قدم أبناء يعقوب إلى مصر بدعوةٍ من نبي الله يوسف عليه السلام، وظلوا بها إلى عهد نبي الله موسى عليه السلام الذي أمر بني إسرائيل أن يخرجوا معه ليدخلوا الأرض المقدسة، ولكنهم عاندوا وأعرضوا وجَبُنُوا وقالوا لموسى "إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون"، فعاقبهم الله بالتيه في أرض سيناء 40 سنة محرومين من دخول الأرض المقدسة تأديبا لهم."
وتابع البيان السرد التاريخي قائلا: "ثم فتح نبي الله داود عليه السلام مدينة القدس التي ولد فيها نبي الله سليمان، وبنى المسجد الأقصى وشيّده بناءً عظيما، ثم تمضي القرون ويحتل الرومان هذه الأرض المباركة ويهدمون مدينة القدس التي كانت تسمى يومها (أورشليم)، ويبنون مكانها مدينة (إيليا). وظلت القدس تُعرف بهذا الإسم إلى أن فتحها المسلمون بقيادة إبي عبيدة بن الجراح في عهد عمر بن الخطاب الذي كتب لأهلها وثيقة أمان تُسمى بالعهده العٌمرية. وظلت القدس مُكرمة في عهد الخلفاء وفي العهد الأموي الذي أعيد فيه بناء المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة وكذلك في العهد العباسي إلى أن بدأت الحروب الصليبية وتم الاستيلاء على القدس عام 1099م حتى حررها صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين عام 1187م. ثم وقعت القدس في الأسر مرة أخرى بعد أن تنازل عنها السلطان الكامل الأيوبي عام 1228م. ثم استردها المسلمون بقيادة المصريين عام 1239م، وظلت القدس في أيدي المسلمين حتى صدر وعد بلفور المشؤوم عام 1917م بإنشاء وطن قومي لليهود في
فلسطين ووافقت عليه فرنسا وأمريكا ثم اعترفت به بعد ذلك سائر الدول، وفي عام 1948م احتل اليهود معظم أرض فلسطين وأسسوا دولتهم ووقف رئيس الوزراء الاسرائيلى بن غوريون في الأمم المتحدة ليقول (لا معنى لفلسطين بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل ولا معنى لقيام إسرائيل على غير أرض الميعاد)؟".
وأضاف البيان: "في عام 1979م أعلن مناحم بيجن أن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل. ثم جاء نتنياهو ليؤكد أنه لا مجال مطلقا للحديث عن تقسيم القدس في أيَة مفاوضات مع الفلسطينيين فالقدس عاصمة أبدية لاسرائيل. ثم جاء هذا القرار الأمريكي يجسد هذا الظلم الذي لم ولن يغير التاريخ والجغرافيا فضلا عن عقيدة مليار وسبعمائة مليون مسلم تجاه القدس المدينة المقدسة ومسجدها المبارك الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشد الرحال إليه، ولن يفرّط المسلمون- وإن ضعفوا- فيها أبدا وسيروون ترابها بدمائهم زودا عنها وحمايةً لها، فهم يعلمون إن الصراع بينهم وبين اليهود ليس صراع أرض وحدود ولكنه صراع عقيدة ووجود."
وختم البيان بالقول: "وواهم من يظن أن القدس التي جعلها الله سكنا للأنبياء أن يديمها سكنا لقتلة الأنبياء، ووالله إننا لنرى من وراء هذا الليل الذي طال ظلامه فجرا مشرقا قريبا قد توهجت أنواره لتكشف عن رايات أمل سترفرف من جديد في سماء مدينة السلام. وفي الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وغيره "أن النبي صل الله عليه وسلم وضع يده يوما على رأس أبى حوالة الأزدي وقال: يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك"، فالأمل في الله ثم في الشعوب المسلمة الأبية لا ينقطع."