هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا لمراسلها راف سانشيز، يعلق فيه على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قرار ترامب حول القدس هز الحرس القديم في القيادة الفلسطينية، الذي عول طوال السنوات الماضية على فكرة الحل السلمي، ورفض خيار المقاومة المسلحة.
ويقول سانشيز إن "كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، ظل يلاحق حلم الدولة الفلسطينية لعشرين عاما، ولاحقه في البيت الأبيض في ظل أربع إدارات أمريكية، وناقش في السر والعلن المفاوضين الإسرائيليين المتصلبين، ودافع عن موقفه أمام المتشككين الفلسطينيين في شوارع غزة".
وتستدرك الصحيفة بأن عريقات أعلن بصوت مرتجف، وبعد دقائق من إعلان ترامب عن القدس عاصمة إسرائيلية، عن نهاية حل الدولتين، قائلا: "لسوء الحظ، دمر الرئيس ترامب إمكانية حل الدولتين".
ويلفت التقرير إلى أن "قرار ترامب هز عريقات والحرس القديم من القيادة الفلسطينية، تاركا إياهم أمام وضع غير واضح حول الكيفية التي سيقودون فيها شعبهم، مشيرا إلى أن هؤلاء هم جيل من الكبار في العمر، الذين سافروا كثيرا، ويرتدون البدلات، ويقودوهم الرئيس محمود عباس، البالغ من العمر 82 عاما، ورفضوا المقاومة المسلحة من الشارع، ورفضوا الخطط التي تدعم المقاطعة على طريقة مكافحة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، وتمسكوا على اعتقاد أن بقاءهم على طاولة المفاوضات وتعاونهم مع الولايات المتحدة سيجعل الأخيرة تضغط يوما على إسرائيل لتسمح للفلسطينيين بدولة عاصمتها القدس الشرقية، وفي خطاب لم يستمر سوى 11 دقيقة اختطف الرئيس الحلم منهم".
وينقل الكاتب عن المحامية الفلسطينية التي عملت مستشارة قانونية لعباس، ديانا بطو، قولها: "يواجه عباس شيئا مثل يوم الحساب، فليس لديه ما يظهره عن 25 عاما من المفاوضات".
وتنوه الصحيفة إلى أن عباس، الذي يعرف بأبي مازن، انتخب رئيسا للسلطة في عام 2005، بعد وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، لكنه "رجل كئيب، ويدخن كثيرا، ولا يملك كاريزما وحضور عباس".
ويفيد التقرير بأنه "في الوقت الذي كان فيه عرفات يتحرك بين المقاومة والسلام، البندقية وغصن الزيتون، ظل عباس ملتزما بالمفاوضات، وأمر قواته بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي لمواجهة أي مظاهر عنف، وبسبب عدم التقدم في المفاوضات خلال 12 عاما من حكمه، فإنه خسر شعبيته، وطلبت منه نسبة 67%في استطلاع جرى في أيلول/ سبتمبر الاستقالة".
ويجد سانشيز أن الفجوة تبدو بين القائد وشعبه واسعة، خاصة بين الشباب الذين ولد معظهم بعد محادثات أوسلو عام 1993، حيث قال ناصر (35 عاما)، الذي كان يشارك في المواجهات على الحواجز: "يجب على عباس الرحيل؛ لأنه مع الاحتلال وليس مع الشعب".
وتبين الصحيفة أنه في الوقت الذي قال فيه عباس والحلقة المحيطة به إن الولايات المتحدة فقدت الأهلية لقيادة المفاوضات، إلا أنهم لم يوضحوا الطريقة التي سيتحركون فيها ردا على هذا الوضع، ويقولون إنهم سيحاولون الاعتماد على الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي على المدى القريب، ولا يتوقعون أن يكون لدى الولايات المتحدة النفوذ الكافي للضغط على إسرائيل.
وبحسب التقرير، فإن الحرس القديم قد يتخلى عن حل الدولتين ومحاولة التأكيد على حل الدولة الواحدة، التي يتزايد زخمها بين الجيل الجديد، ومن خلالها يقوم الفلسطينيون بكفاح للحصول على الحقوق المدنية المتساوية في داخل دولة واحدة، حيث قال عريقات إنه قد يدعم هذه الفكرة، "وقد حان الوقت لتحويل الكفاح إلى حل الدولة الواحدة والحقوق المتساوية"، بحسب ما نقلت عنه صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.
ويعلق الكاتب قائلا إن "إسرائيل لن تقبل بالفكرة؛ لأنها تعني خسارة الغالبية اليهودية في الدولة، ولن يقبل العجوز عباس بالتخلي عن حل الدولتين، بحسب مؤلف كتاب عن رئيس السلطة الفلسطينية غرانت روملي، الذي قال: (كان أبو مازن هو السبب الذي دفع الفلسطينيين لتبني حل الدولتين، وتبناه لمدة طويلة، وبنى مستقبله السياسي عليه، ودافع عنه داخل حركته، ولعقود طويلة.. ولن يكون قادرا على إعادة تكييف البنية الوطنية تجاه حل الدولة، وهذا يعني هدم كل ما بناه)".
وترجح الصحيفة أن عباس سيحاول في الوقت الحالي تجنب العاصفة؛ بانتظار خطة ترامب التي سيعلن عنها العام المقبل، ويتفق المحللون على أن قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هز القيادة الفلسطينية، وجعل من حل الدولتين أمرا غير ممكن، حيث قالت نسبة 57% شاركت في استطلاع قريب، إن الفكرة لم تعد ممكنة أصلا؛ بسبب التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.
وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى قول بطو إن الدعم لحل الدولة الواحدة يتزايد، رغم عدم وجود أي حزب سياسي يتبناه، بالإضافة إلى أن حركة الناس التي تقول إن المفاوضات قد انتهت في نمو مطرد.