هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، يقول فيه إنه يجب على أوروبا أن تعمل مع إيران.
ويقول ظريف: "قبل صيفين، وفي صباح يوم جميل من أيام فينا قبل عامين، وقبل ساعات من التوصل إلى الاتفاقية النووية مع أمريكا والاتحاد الأوروبي وخمس قوى عالمية أخرى، غردت على (تويتر) بأن الاتفاقية التاريخية (ليست سقفا لكنها أرضية صلبة)".
ويضيف الوزير: "للأسف، فإنه على مدى الأحد عشر شهرا الماضية كان الرد على الالتزام الإيراني نوبات غضب من إدارة ترامب، لكن عدم إمكانية الاعتماد على أمريكا -من التغيرات المناخية إلى فلسطين- أصبح متوقعا، وهمنا الرئيسي اليوم هو أن نحذر الدول الأوروبية من التردد في القضايا الخارجة عن نطاق الاتفاقية النووية واتباع خطوات البيت الأبيض، وفي الوقت الذي تدخل فيه الاتفاقية النووية والشرق الأوسط مناطق غير مرسومة وقابلة للاشتعال، فإنه من الضروري أن تقدم أوروبا المساعدة لئلا نجد أنفسنا في المستقبل القريب نعيد التاريخ".
ويعلق ظريف في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "قبل الاتفاق النووي عام 2015 بعقد من الزمان كانت إيران عقدت مفاوضات شبيهة مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ بهدف إقناع إدارة الرئيس جورج بوش الابن بإعطاء فرصة للدبلوماسية، وطلب منا وقف الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، كإجراء لبناء الثقة، ووافقنا على ذلك".
ويستدرك الوزير قائلا بأن "إرضاء الأمريكيين كان أمرا صعبا، وقام الأوربيون باتخاذ قرار خاطئ آخر، وبعد عامين من المفاوضات -وتحت ضغط من أمريكا- طلبت بريطانيا وفرنسا وألمانيا منا وقف أنشطة التخصيب كلها، وفشلت المفاوضات، وانتهى الأمر بالأوروبيين إلى عدم إيقاف برنامجنا النووي، وعدم إرضاء واشنطن".
ويشير ظريف إلى أن "المفاوضات المتفرقة في الفترة البينية لم توصل إلى أي انفراج، ومع حلول عام 2013، عندما جلسنا مرة أخرى للتفاوض -وهذه المرة مع أمريكا أيضا- كانت إيران قد زادت من عدد أجهزة الطرد المركزي إلى 20 ألفا من أقل من 200 عام 2005ـ ولم يكن هناك حديث عن إنهاء تخصيب اليورانيوم في إيران".
ويرى الوزير أن "الاتفاقية النووية كانت انتصارا كبيرا للدبلوماسية على المواجهة، وتقويض ذلك سيكون خطأ، ويجب على أوروبا ألا ترضخ لعزم واشنطن على نقل التركيز إلى أزمة أخرى غير ضرورية -سواء كان ذلك برنامج إيران الصاروخي الدفاعي أو نفوذنا في الشرق، وسيكون هذا إعادة لما سبق الاتفاقية النووية".
ويقول ظريف: "دعوني أكرر: إن إمكانيات إيران العسكرية تتماشى مع القانون الدولي، وهي دفاعية بالكامل، وموقفنا الدفاعي ناجم عن حساباتنا الجيوستراتيجية الواعية، بالإضافة إلى التزاماتنا الدينية والأخلاقية، وعقيدتنا العسكرية هي أيضا قائمة على التجربة التاريخية: فخلال الحرب الإيرانية العراقية قام صدام حسين بإمطار المدن الإيرانية بالصواريخ السوفيتية الصنع، بعضها كان يحمل الأسلحة الكيميائية المقدمة من الغرب، ولم يبق العالم صامتا فحسب، بل امتنعت البلدان كلها عن بيع إيران أسلحة لتتمكن من ردع المعتدي على الأقل".
ويضيف الوزير: "تعلمنا الدرس، وطورنا الصواريخ كأداة للردع، وكان قرارنا هو التركيز على دقة أكثر من المدى، وذلك سمح لنا بالرد على الاعتداءت بدقة، والأسلحة النووية لا تحتاج إلى دقة، لكن الرؤوس التقليدية تحتاج لذلك".
ويمضي ظريف إلى القول: "التزامنا بالدفاع عن أنفسنا ليس شعارا، فقد نشرنا صورايخنا ضد عدد من الخصوم الشنيعين: نظام صدام حسين وحلفائه الإرهابيين وما يسمى تنظيم الدولة، وجاءت ضرباتنا لهم ردا على قتلهم الإيرانيين دون رحمة".
ويواصل الوزير قائلا: "لن تترك أي إدارة إيرانية شعبنا عاجزا عن الدفاع عن نفسه، وعلى المجتمع الدولي –خاصة أوروبا- أن يدرك هذا، وبدلا من تركيز جهودها على التعامل مع المخاطر الحقيقية للعالم، مثل الحروب التي تجتاح الشرق الأوسط".
ويقول ظريف: "تفتخر إيران في ريادتها لمحاولة إنهاء سفك الدماء في سوريا، وكنت قدمت خطة عام 2013 لإنهاء الصراع، من خلال هدنة، وتشكيل حكومة وطنية، وإصلاحات دستورية، وانتخابات حرة ونزيهة، لكن الخطة لم تلق آذانا صاغية، ومع ذلك استمررنا في جهودنا، وقام رئيسنا حسن روحاني الشهر الماضي بالاجتماع مع نظيريه الروسي والتركي؛ لاتخاذ خطوة مهمة نحو السلام، في اجتماع قمتهم في سوتشي، ممهدين الطريق أمام المزيد من المساعدات وتهدئة الوضع، وعقد مؤتمر للشعب السوري".
ويلفت الوزير إلى أنه في "حالة اليمن، وبعد أسبوعين من بداية حملة القصف السعودية الغاشمة في نيسان/ أبريل 2015، وضعت إيران خطة تشدد على وقف مباشر لإطلاق النار ومساعدات إنسانية يتبعها حوار وطني لتشكيل حكومة شاملة، لكن المتسببين بالأزمة الإنسانية وحلفاءهم الغربيين اختاروا الحرب بدلا من ذلك".
ويبين ظريف أنه "في الوقت الذي تحاول فيه إيران وشركاؤها إطفاء النيران، فإن مشعلي النيران يزدادون جنونا، إنهم غير مكترثين بالحاجة للتفاعل مع الجميع، ومع ذلك، وبالرغم من الرهانات الكبيرة فإن أصحاب المصالح لا يحاسبون من يشعلون الحرائق".
ويخلص الوزير إلى القول: "نحث الأطراف المسؤولة لإدراك الحاجة للنظر إلى الأمام، ولنحاول إيجاد الأمل في رؤية مشتركة لمستقبل أكثر سلاما، وأن يكونوا من الجرأة بمكان لاتخاذ خطوات عملية، وفي تلك الصفحات عام 2015 قدمت مقترحا لقيام منتدى حوار إقليمي، في محاولة لجلب إيران وجاراتها نحو السلام، ونأمل أن تركز الأطراف المؤثرة خارج منطقة الشرق الأوسط جهودها لحث حلفائها الإقليميين أن يأخذوا هذه المقترحات على محمل الجد، نحن نعتقد أن ذلك سيشكل بداية جيدة، ومرة أخرى ندعو جيراننا كلهم للمشاركة".