هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلها في موسكو أندرو روث، يتحدث فيه عن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمنطقة الشرق الأوسط.
وتقول الصحيفة إن بوتين استعرض نفوذه الدبلوماسي في زيارة خاطفة للشرق الأوسط يوم الاثنين، مفاجئا القوات الروسية في أول زيارة له لقاعدة جوية روسية في سوريا قبل أن يسافر إلى القاهرة وأنقرة ليناقش العلاقات الثنائية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن بوتين أعلن خلال الجولة عن بدء سحب قواته من سوريا، وأشرف على توقيع خطة لإنشاء محطة للطاقة النووية في مصر بقيمة 21 مليار دولار، ووصف قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بأنه "يأتي بنتائج عكسية" ويزعزع الاستقرار، موجها الانتقاد دون ذكر ترامب بالاسم، وقال خلال مؤتمر صحفي بعد لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن القرار قد "يثير صراعا".
ويقول روث إن "بوتين، الذي أعلن الأسبوع الماضي بأنه سيترشح لدورة رئاسية رابعة، يراهن على دوره في إحياء روسيا لتعود قوة عسكرية إقليمية مسيطرة، وتحقق توازنا مع الدول الغربية في الشرق الأوسط، وتأتي زيارته لتقوية العلاقات الثنائية في وقت تمر فيه السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط في حالة تقلب، في ظل قرار ترامب بالنسبة للقدس، والدعم الظاهر لصعود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في السعودية، بالإضافة إلى التساؤلات الكثيرة حول الدور المستقبلي للقوات الأمريكية في سوريا".
وتذكر الصحيفة أن الرحلة بدأت بزيارة مفاجئة لقاعدة حميميم الجوية في سوريا، حيث أعلن بوتين عن انسحاب وشيك للقوات الروسية عقب إعلان الانتصار في تدخل موسكو في الحرب السورية، مشيرة إلى أن الطائرات الروسية طارت إلى سوريا سرا في أواخر عام 2015، وكانت تلك زيارة بوتين الأولى المعلنة لسوريا.
ويلفت التقرير إلى أن بوتين أمر في القاعدة الجوية وزير الدفاع سيرغي شويغو بالبدء "بسحب وحدات الجيش" إلى قواعدها الدائمة، لكنه ترك الباب مفتوحا أمام بقاء الوجود الروسي في سوريا، قائلا إن القاعدة الجوية الروسية في حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس ستبقى تعمل، منوها إلى أنه وعد بالمزيد من الغارات الجوية "إن رفع الإرهابيون رؤوسهم مرة أخرى"، في إشارة إلى الحرب الأهلية السورية الطويلة التي سعت لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، وقال للعسكريين في القاعدة الجوية، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام الروسية: "سنقوم بشن غارات مماثلة ضدهم لم يروا مثلها بعد".
ويفيد الكاتب بأن التدخل العسكري الروسي دعم حكومة الأسد، وساعد القوات السورية أن تتقدم ضد فصائل الثوار التي تدعمها القوى الغربية وحلفاؤها في الشرق الأوسط، لافتا إلى أن إيران، وهي حليف آخر للأسد، قدمت الاستشارات العسكرية والمساعدات الأخرى.
وتبين الصحيفة أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين شككوا في إعلان بوتين يوم الاثنين حول انسحاب قواته، حيث كانت له تصريحات مشابهة في الماضي -بما في ذلك تصريح في آذار/ مارس 2016 وآخر في كانون الثاني/ يناير- "لم تتبع بتخفيض حقيقي في القوات"، بحسب ما قاله العقيد روب ماننغ، وهو متحدث باسم وزارة الدفاع.
وينوه التقرير إلى أن خطاب بوتين للقوات المسلحة كان أحيانا يحمل نفس حملة انتخابات، وقال بوتين للطيارين في القاعدة: "أنتم منتصرون وستعودون لعائلاتكم، لوالديكم ولزوجاتكم وأطفالكم وأصدقائكم.. أرض الآباء تنتظركم يا أصدقائي، أتمنى لكم رحلة آمنة إلى الوطن. أنا ممتن لخدماتكم".
ويشير روث إلى أن نشر القوات الروسية في سوريا كان أول عملية عسكرية كبيرة في الخارج منذ غزو أفغانستان في أواخر عام 1979 في زمن الاتحاد السوفييتي، لافتا إلى أن روسيا قامت في تموز/ يوليو بتمديد استئجارها لقاعدة حميميم الجوية لمدة 49 عاما، ما يعطي روسيا موطئ قدم في المنطقة لأجيال قادمة.
وتذكر الصحيفة أن بوتين التقى في القاعدة الجوية مع الأسد، الذي كانت قواته على وشك الهزيمة في صيف 2015 قبل التدخل الروسي، وكان في وقتها يبدو أن الأسد سيضطر للتنازل، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي أشاد فيه بوتين بهزيمة تنظيم الدولة، فإنه وبخ الخطط الغربية للمنطقة، وقال للأسد: "أتيت كما وعدت.. وبقيت سوريا دولة مستقلة ذات سيادة".
ويلفت التقرير إلى أن بوتين كانت حريصا على إعلان انتصار التدخل العسكري، وكان إعلانه عن الانسحاب في شهر آذار/ مارس 2016 بعد قيام القوات السورية، بدعم من الطيران الروسي والقوات الروسية الخاصة باستعادة مدينة تدمر.
ويقول الكاتب إن "الزعماء الغربيين متشككون في إمكانية سحب القوات الروسية، حيث أدت القوات الروسية دورا رئيسيا في سباق القوات الحكومية لاستعادة الأراضي قبل انهيار تنظيم الدولة، وخدم التدخل في استعراض القوة العسكرية الروسية: الطائرات الجديدة والطائرات العمودية والسفن الحربية والصواريخ المسيرة (كروز) التي تم إطلاقها من بحر قزوين, وقد خسرت القوات الروسية 40 جنديا بحسب الإحصائيات الرسمية، كما قتل عدد مشابه من المتعاقدين العسكريين، بحسب تقارير الصحافيين الروس".
وتنوه الصحيفة إلى أن بوتين التقى في القاهرة بالسيسي، وناقشا الصراع في سوريا وليبيا واحتمال استئناف الرحلات الجوية المباشرة، التي توقفت بعد التفجير الإرهابي في 2015 لطائرة روسية، بالإضافة إلى قرار ترامب بخصوص القدس.
ويكشف التقرير عن أن العقد الذي تم توقيعة خلال الاجتماع بين بوتين والسيسي يتعلق ببناء محطة الضبعة للطاقة النووية وإمدادها بالوقود النووي، حيث أنه من المتوقع أن تبدأ المحطة بإنتاج الكهرباء عام 2026، مشيرا إلى أن روسيا وقعت عقودا لبناء محطات طاقة نووية في كل من تركيا والأردن، وأنهت بناء محطة بوشهر النووية في إيران، وهو مشروع بدأته شركة ألمانية تحت حكم الشاه، وقد تم فتحها عام 2011.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن بوتين وصل إلى أنقرة في تركيا يوم الاثنين مساء؛ للتباحث مع الرئيس رجب طيب أردوغان، وناقش الرئيسان التطورات في سوريا وغيرها في المنطقة، بالإضافة للعلاقات بين البلدين، بحسب المسؤولين الأتراك.