هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" الناطقة بالألمانية مقال رأي للكاتبين الألمانيين، إلياس بيرابو وفرديناند دور، تحدثا فيه عن عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حل للحرب السورية. ولعل تردد المجتمع الدولي في وضع حد لهذه الأزمة كان من أبرز العوامل التي غذت الحرب.
وقال الكاتبان، في مقالهما الذي ترجمته "عربي21"، إن المظاهرات التي نظمها الشعب السوري ضد نظام الأسد في شهر آذار/ مارس من سنة 2011 تحولت إلى كارثة سياسية وإنسانية لم يشهد العالم مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية. وفي هذا الصدد، صرحت رئيسة الادعاء العام السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، كارلا ديل بونتي، "ما شاهدته من فظاعات في سوريا يفوق كل الوصف. فمنذ سبع سنوات، تعيش سوريا تحت وطأة الحرب الأهلية، إن هذه الحرب عار على جبين المجتمع الدولي".
اقرأ أيضا: المهندس: 60% من حدود العراق مع سوريا يمسكها "الحشد"
وأكد الكاتبان أن المجتمع الدولي خذل الشعب السوري، الذي يتعرض لأبشع الممارسات المنافية لحقوق الإنسان؛ من استعمال للغازات السامة وحملات تجويع ممنهجة، فضلا عن التعذيب الوحشي والإعدام في سجون النظام، ناهيك عن استعباد النساء من طرف مقاتلي تنظيم الدولة وقصف المستشفيات والمدارس. وما يدمي القلب أن كل هذه الممارسات الفظيعة تحدث أمام أعين الدول الغربية، التي عجزت عن التدخل.
وأشار الكاتبان إلى أن النظام السوري خرق كل المعاهدات الدولية التي تجرم استعمال الأسلحة المحرمة دوليا ضد المدنيين. والجدير بالذكر أن أربع دول من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي قد شجعت النظام السوري على المضي قدما في انتهاك القانون الدولي دون عقاب، فضلا عن تورط دول أخرى في هذه الحرب.
وأوضح الكاتبان أن أوروبا غضت الطرف عن الحرب السورية ولم تلتفت إليها إلا بعد العمليات الإرهابية التي جدت في عدد من الدول الأوروبية. وعوض البحث عن حل لوضع حد للحرب، انصب اهتمام العواصم الأوروبية على كيفية التخلص من اللاجئين. وفي الوقت الذي كان فيه الأسد يقتل شعبه، كانت دول الاتحاد الأوروبي تختزل الحرب السورية في التنظيمات المتطرفة متجاهلة الكم الهائل من الضحايا الذين سقطوا منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا.
وتابع الكاتبان أن نظام الأسد عمل منذ اندلاع الثورة السورية على تقسيم الشعب السوري إلى طوائف. وفي صائفة 2011، حذر الكاتب السوري ياسين الحاج صالح من تحول الثورة السورية إلى حرب أهلية طاحنة نتيجة الممارسات القمعية، التي كان النظام السوري ينتهجها في حق الأهالي.
ولكن، لم تلق تحذيرات الحاج صالح صدى. ومع مرور الوقت، اكتشف الجميع أن هذا المفكر السوري على حق، حيث يقوم الأسد في الوقت الراهن بتقتيل شعبه دون رحمة، ويخوض حرب تجويع ضد مئات الآلاف من المدنيين في إحدى ضواحي دمشق.
وأورد الكاتبان أن روسيا وإيران لعبتا دورا في استمرار الحرب السورية طيلة هذه السنوات، حيث لم تكتف روسيا بمساعدة النظام السوري عبر الإمدادات العسكرية والميليشيات الأجنبية، بل عرقلت كل القرارات الأممية التي تدين النظام السوري، وشنت بدورها سلسلة من الغارات الجوية على المدنيين. وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، رفضت موسكو تمديد مهمة بعثة التحقيق في الهجمات الكيميائية بسوريا.
وأفاد الكاتبان بأن روسيا وسوريا تحاولان طمس كل الأدلة التي تدينهما فيما يتعلق بجرائم الحرب التي ما انفكتا ترتكبانها في حق الشعب السوري، على الرغم من أن كل التقارير الأممية تؤكد أن هذه الجرائم حقيقة لا غبار عليها.
ورغم إدانة النظام السوري وحليفته روسيا من قبل الدول الغربية في العديد من المناسبات لارتكابهما الفظائع في حق السوريين، إلا أن تلك البيانات ظلت مجرد حبر على ورق. وحيال هذا الشأن، أفاد حقوقي سوري: "نعلم جيدا أن روسيا ارتكبت العديد من الجرائم في سوريا، لكن لسائل أن يسأل أين الغرب؟ في الحقيقة، لا نعرف ما الذي تريده الدول الغربية بالضبط".
اقرأ أيضا: العبادي يعلن انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق
وأضاف الكاتبان أنه عوض حماية المدنيين السوريين من غطرسة نظام الأسد وحليفته روسيا، غذى الغرب الحرب السورية عبر تقديم الأسلحة والأموال للمجموعات المسلحة، مما أضفى الطابع الطائفي على هذا الصراع. وتجدر الإشارة إلى أن الدول الأوروبية تنتهج سياسة واقعية حيال الحرب السورية، ورغم تشدقها بالدفاع عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، اكتفت ببيانات التنديد فقط.
وفي الختام، ذكر الكاتبان أن اكتفاء منظمة الأمم المتحدة بإدانة استخدام غاز السارين خلال الحرب السورية لا يعكس عدم نزاهة المجتمع الدولي فحسب، بل يمس من مصداقيتها فيما يتعلق بكل ما تدعيه من دفاع عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.