هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لقد كان العام المنصرم (2017م) من أسوأ الأعوام التي مرت على مصر في تاريخها الحديث، وليست تلك هي المشكلة، بل المشكلة هي أن العام القادم مرشح لأن يكون أسوأ من سابقه بكثير... فالانهيار الاقتصادي يتوقع له أن يستمر، وتفكك المنظومة الأمنية الجنائية والسياسية يتوقع له أن يزداد، والاستبداد السياسي من المرجح أن يستفحل، والفوضى مرشحه للتضاعف، والفتنة الطائفية لا يتوقع لها أن تجد عقلاء لكبحها، وقس على ذلك كل عناصر بقاء الأمم... كالصحة والتعليم والرياضة والثقافة والفن والإعلام... الخ، مصر - باختصار - تسير بخطى ثابتة في طريق الفوضى والانهيار... أو الانفجار!
***
فزع وترويع
ليس من الصعب أن ترى الفزع في عيون المصريين، فقد وصل الحال بأن ما يسمى "الإرهاب" كان يهدد سيناء؛ واليوم أصبح يقتل المدنيين في الكنائس، ثم يتمشى بالبنادق الآلية في شوارع القاهرة، فتقابله مدرعة الشرطة فتهرب منه، ولا يجد في النهاية من يردعه سوى أهالي حلوان!
لقد ارتكبت جرائم مروعة في حق أهلنا في سيناء باسم محاربته هذا الذي يسمونه الإرهاب، وهُجِّر الآلاف من المواطنين الشرفاء من بيوتهم ومزارعهم، وقتل مئات من الأبرياء رجالا وشيوخا ونساء وأطفالا بالطائرات، أو في الكمائن، أو بطلقة في الرأس في الخلاء، ثم كانت النتيجة في نهاية الأمر أن تُضرب طائرة وزير الدفاع بصاروخ موجّه وهي رابضة على الأرض؛ في مطار عسكري حصين داخل سيناء نفسها، قبل أن يركبها وزيرا الدفاع والداخلية بثوان معدودة.
من يجرؤ على أن يحدثنا عن الدولة المستقرة، وعن الرئيس العسكري الحازم الذي يسيطر على كل شيء، قاهر الإرهاب، ناشر الأمن والأمان؟!
القضاء الشامخ!
لم ينته هذا العام قبل أن ينتقم النظام من خيبته؛ بإعدام بعض الأبرياء الذين حكم عليهم نظامه القضائي العسكري المنحط بالإعدام بتهم ملفقة! هم أبرياء دون نظر في أي أوراق قضايا، هم مدنيون حوكموا محاكمة عسكرية، في نظام لا يملك قضاؤه المدني أهلية الفصل في أي قضية، بسبب قلة الكفاءة المهنية، وبسبب انعدام الأمانة الأخلاقية.
نحن أمام نظام قضائي معطوب إلى أقصى درجة، نظام تعفن من داخله، حتى أصبح معروضا للبيع في كل قضية كبيرة أو صغيرة... يشتري الناس القضاة من أكبرهم إلى أصغرهم، وتشتريهم الدولة بالمناصب، وكل المناصب القضائية العليا ليست إلا مكافآت يوزعها الجنرالات على أقذر القضاة (إلا ما رحم ربي وقليل ما هم).
نحن أمام نظام قضائي معطوب إلى أقصى درجة، نظام تعفن من داخله، حتى أصبح معروضا للبيع في كل قضية كبيرة أو صغيرة
كومبارس؟
في هذا العام الذي نبدأه حدث هام هو الانتخابات الرئاسية؛ التي من المفترض أن يفتح باب الترشح فيها خلال أسابيع، وهذا الحدث هو ما يحرك كل أجهزة الدولة ومؤامراتها وعلاقاتها الخارجية ومراكزها البحثية!
الدولة كلها تبحث عن مخرج للسفاح القابع في قصر الاتحادية لكي لا يدخل هذا الاختبار، بتعديل دستوري، أو بإثارة الفوضى لإلغاء الانتخابات أصلا، أو بتدبير أمر أي "كومبارس
هؤلاء الذين سلطهم الله على مصر سوف يلجأون كلما ضاقت عليهم ساحات الإنجاز في عالم السياسة أو الاقتصاد أو الأمن
لا يهين القضاء سوى من يوظفه لخدمة أغراضه الدنيئة