هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
"القدس ليست للتفاوض"، رسالة الحكومة الإسرائيلية للعالم، بعد أن صدّق الكنيست الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، على تعديل قانون "القدس الموحدة"، الذي يمنع أي تغيير على حدود القدس، أو مساحات المدينة أو نفوذها الإدارية إلا بموافقة 80 من أصل 120 عضوا، وهي أغلبية اعتبرها محللون شبه مستحيلة.
ووفقا للقانون المعدل، فإنه يشترط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان الإسرائيلي، لنقل أي أجزاء من القدس إلى الفلسطينيين في أي تسوية مستقبلية، عكس القوانين الأخرى التي تقر بـ61 صوتا فقط.
القانون سيمنع أي تقسيم للقدس، وكذلك سيمنع تقسيمها حتى بعد طرح استفتاء عام قد يوافق من خلاله الإسرائيليون على تسوية سياسية تقتضي تقسيم القدس.
يذكر أن مقترح مشروع قانون "القدس الموحدة" وإجراء الاستفتاء يعتمد بالأساس على المقترح الذي قدمه عضو الكنيست جدعون ساعر، عام 2007، وحظي بتوقيع العديد من أعضاء حزب الليكود وأيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان رئيسا لكتلة المعارضة.
وكانت الصيغة السابقة لقانون تقسيم القدس تنص على وجوب الحصول على الأغلبية العادية لا الثلثين وهي 61 عضواً في الكنيست فقط.
ويرى محللون ومختصون فلسطينيون أن القانون هو استكمال لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
اقرأ أيضا: "القدس الموحدة".. قانون يغلق باب التفاوض حول القدس
واعتبر المستشار السابق في الرئاسة الفلسطينية لشؤون القدس، المحامي أحمد الرويضي، أن ما حصل رسالة سياسية أرادت إسرائيل إيصالها لعدة أطراف، فداخليا تريد أن تقول للإسرائيليين إن القدس الموحدة لدولة الاحتلال.
وذكّر في حديثه لـ"عربي21"، بـ"قانون القدس" الذي سنه الكنيست الإسرائيلي في 30 يوليو/ تموز 1980، وجعل هذا القانون الإعلانات الحكومية الإسرائيلية عن مكانة القدس كعاصمة إسرائيل وضم شرق القدس إلى إسرائيل قانونا أساسيا.
ونوه إلى أنه في ظل عدم وجود دستور لدولة الاحتلال، فإنها تلجأ لرفع نسبة التصويت في حال أي تعديل للنظام السياسي الإسرائيلي، فكان يشترط لتعديل "قانون القدس" عام 1980، موافقة 51 عضوا من الكنيست، وفي العام 2000 تم رفع نسبة التصويت عندما بدأت قمة "كامب ديفيد" إلى 64 صوتا، والآن ترتفع إلى 80 صوتا لمنع أي تغيير على القدس في ظل حصول أي تكتل داخل الكنيست الحصول على هذا العدد وحده.
وأضاف الرويضي، أن "إسرائيل أرسلت رسالة للفلسطينيين، بأن القدس لن تكون عاصمة لكم، ورسالة للعالم بأن قرار ترامب سيمر، ولا تراجع عنه، ورسالة لأوروبا، صاحبة طرح حل الدولتين، بأن إسرائيل لن تعترف بحل الدولتين".
ولفت إلى أن ما يجعل الاحتلال يقر هذا القانون هو "النمو الديموغرافي، فأعداد الفلسطينيين في القدس تزداد، وأصبحت نسبتهم 40 بالمائة، وعددهم 360 ألف نسمة، فنلاحظ أن مساحة القدس تضاعفت حيث كانت عام 1967 نحو 6.5 كم، والآن 72 كم، ما يجعل الاحتلال يعمد إلى تعزيز سياسة الطرد".
وبالنسبة لخيارات السلطة الفلسطينية، قال إنه يلزم "إلى جانب الخيار السياسي، واللجنة السداسية، التحرك لإبراز لموقف الفلسطيني، والنظر للقرار بأنه جريمة حرب، ويمكن أن تشكل أرضية لتشكيل ملف قانوني، ومعركة القدس معركة ديموغرافية، اكتشفوا أن الوجود الفلسطيني يشكل عائقا أمام مخططاتهم، وبالتالي هناك دور مهم للموقف الشعبي لإفشال تلك المخططات".
يقضي على حل الدولتين
بدوره قال الدكتور سليمان الوعري، مدير مركز عبد الله الحوراني للدراسات، إن "القرار مقدمة لإغلاق الطريق بشكل نهائي على أي حل مستقبلي يتعلق بالمدينة المقدسة، وأي قرار لصالح تقديم أي تنازل للفلسطينيين لن يمر في الكنيست".
وبرأيه فإن القرار "عنصري بامتياز يقضي على فرص السلام وحل الدولتين، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين".
وأضاف الوعري في حديثه لـ"عربي21"، أن "الرد الفلسطيني مرتبط باجتماعات المجلس المركزي الفلسطيني قريبا لحسم الأمر في مجمل العملية السياسية".
وأشار إلى أن "القدس تشهد انتهاكات مكثفة، لكن بعد قرار ترمب، يرى الإسرائيليون أن القدس عاصمتهم باعتراف دولي، وهذا يفسر دوافع التوقيت الزمني لقرار الكنيست".
إسرائيل لن تفاوض على القدس
بدوره قال المحلل السياسي الدكتور حسن أيوب، إن "هذا القرار يعني أن إسرائيل تريد إخراج موضوع القدس من دائرة التفاوض مستقبلا، وهو ما يتناقض مع الشرعية الدولية، وأن تضع نفسها فوق كل القوانين".
اقرأ أيضا: الكنيست يقر قانون "القدس الموحدة" ويتشدد حيال "أي تنازل"
ونوه إلى أن "هذا التوجه هو الأول من نوعه في تاريخ دولة الاحتلال، وبالتالي فهو يتسم بالخطورة البالغة. وخطورة القرار تكمن أيضا بأن الاحتلال يستغل كل الظروف والأوضاع لصالحه، واستغلت 26 عاما من اتفاق أوسلو لتحقيق ما يريده دون أن تقدم للفلسطينيين أي شيء وبخاصة في موضوع الاستيطان والمس بوضعية مدينة القدس".
وأشار أيوب في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "إسرائيل عملت على فرض وضع جيوسياسي لصالحها على الأرض، ورسخت الاستيطان بقوة".
ونوه إلى "عدم الاكتفاء بالتوجه للمؤسسات والمنظمات الدولية، في ظل اختلال الموازين الاستراتيجية الصحيحة التصدي لتلك الخطوات، ولكن ما نلمسه الآن انتظار اجتماع المستويات السياسية التنظيمية التي يناط بها اتخاذ القرار، وحتى الآن لم تلتئم رغم ما جرى من إجراءات أمريكية وإسرائيلية، حيث تستغل إسرائيل كل دقيقة".
وأضاف المحلل السياسي أن "الوضع الداخلي الفلسطيني يتطلب لملمة حقيقية في ظل تغيرات إقليمية، والحالة الفلسطينية غير متقدمة في ظل عدم وجود أفق سياسي".
يذكر أن حزب الليكود الحاكم وافق الأحد، بالأغلبية الساحقة على مشروع قرار يقضي بفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات وامتداداتها في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، وضمها إلى إسرائيل.