زادت سلطات الانقلاب بمصر من وتيرة فصل
أساتذة جامعيين بالجامعات الحكومية (عامة وأزهرية) بدعوى انتمائهم إلى جماعة
الإخوان المسلمين، أو حتى تأييدهم لها بالتزامن مع قرب موعد انتخابات الرئاسة المقبلة.
وأصدرت جامعة الأزهر، الأربعاء، بيانا أكدت فيه تمسكها بقرار فصل أي أستاذ أو طالب يثبت انتماؤه أو تأييده لجماعة الإخوان أو جماعات غير قانونية، على حد تعبيرها.
وفي اليوم ذاته؛ فصلت جامعة الفيوم 5 أساتذة الجامعة بزعم انتمائهم لجماعة الإخوان من بينهم العميد الأسبق لكلية الصيدلة الدكتور محمد بهاء، فيما فصلت جامعة حلوان 3 أساتذة للسبب نفسه الاثنين الماضي.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2017؛ فصلت جامعة القاهرة خمسة أساتذة بدعوى انتمائهم للإخوان، من بينهم مستشارة الرئيس مرسي السابقة، وصدور أحكام قضائية ضدهم بإدراج أسمائهم ضمن قائمة الإرهابيين.
تقنين سياسة الفصل
وطالبت لجنة التعليم ببرلمان السيسي في تشرين ثاني/ نوفمبر 2017 ، في خطاب رسمي، وزيري الداخلية والتعليم العالي، بإجراء مسح شامل لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية، ورصد المنتمين منهم لجماعة الإخوان المسلمين أو أي جماعات أو تنظيمات إرهابية أخرى.
وفند الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر، وأحد المفصولين، جمال عبدالستار، بيان الأزهر الجديد، قائلا: "هذا البيان ليس بجديد، فسياسة الفصل غير القانونية موجودة منذ الانقلاب".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "جامعة الأزهر تحاول الدفاع عن نفسها من أي شبهة، خاصة بعد تعرضها لحملات إعلامية بتبنيها أفكارا متشددة، بفصل العديد من أساتذة الكليات الأزهرية".
وفي أيلول/ سبتمبر 2014 وافق مجلس الوزراء
المصري على مشروع قرار للسيسي بشأن تعديل بعض أحكام قانون تنظيم
الجامعات، ويتضمن إضافة فقرة تنص على أنه "يُعاقب بالعزل عضو هيئة التدريس الذي يرتكب جرائم الاشتراك أو التحريض أو المساعدة على العنف أو أحداث الشغب داخل الجامعات أو أي من منشآتها".
الأمن يحكم الجامعات
بدوره؛ قال الأستاذ بجامعة الأزهر، الدسوقي العزب لـ"
عربي21": إن "جامعة الأزهر في ظل الانقلاب العسكري، وشيخ العسكر (الأزهر) أصبحت تدار من قبل الأمن، وأصبح أي تعيين أو ترقية بناء على الولاء للنظام"، مضيفا أن "هذه الإجراءات هي من أجل ترويع وتركيع أساتذة جامعة الأزهر".
ووصف سياسة الفصل بأنها "غير قانونية، وتأتي ردا على تحركات أساتذة وطلاب جامعة الأزهر ضد الانقلاب العسكري في بداياته الأولى، حيث قادوا المظاهرات في كل مكان".
وحذر من "استغلال مثل تلك الاتهامات في بث شكاوى كيدية؛ من أجل التنكيل بالأساتذة بناء على أمور لا أصل لها ولا أساس"، مؤكدا أنه لا يرى "فرصة للمفصول بالعودة مرة أخرى، إن طعن على قرار فصله، في ظل حكم العسكر؛ حتى لا يكون حافزا للآخرين في المطالبة بالعودة للعمل".
استباق انتخابات الرئاسة
المتحدث الرسمي باسم حركة "جامعة مستقلة"، أحمد عبد الباسط، أكد أنه "لا يوجد قانون يسمح بفصل أستاذ جامعي على خلفية انتمائه أو تأييده لأية جماعة أو حزب، حتى وإن صنفت بأنها إرهابية؛ لأنه لا يمكن إثبات انتماء هذا الأستاذ أو ذاك إلى جماعة الإخوان".
وأوضح أن "نظام السيسي ينتهج هذا النهج من أجل قمع أي صوت في الجامعات قبل انتخابات الرئاسة الهزلية المقبلة"، لافتا إلى أن "إدارة الجامعات عادت إلى عهدها إبان حكم مبارك عندما كانت تديرها الأجهزة الأمنية".
ووفق آخر حصر في كانون الأول/ ديسمبر 2015 فإن "عدد أساتذة الجامعة الذين قتلوا منذ الانقلاب العسكري 13، والمعتقلين 252، والمحكومين بالإعدام 9، والمحكوم عليهم بالمؤبد 5، والمعاقبين إداريا (إيقاف عن العمل وإحالة للتحقيق) 137 أستاذا، والمفصولين نهائيا 43".
رد جامعة الأزهر
في المقابل، أكد نائب رئيس جامعة الأزهر، أحمد حسني، أن كل قرارات الفصل بحق الأساتذة "بسبب مخالفاتهم للوائح والضوابط"، مضيفا لـ"
عربي21": "قمنا بفصل نحو أربعين أستاذا من جامعة الأزهر ممن ثبت انتماؤهم أو تأييدهم لجماعات غير قانونية".
وبشأن توقيت صدور بيان جامعة الأزهر، "أكد أن الأزهر ينتهج السياسة الوسطية، وإن كان هناك بعض الأشخاص الذين يتحركون بناء على أجندة مشبوهة، ويتهمون بعض الموجودين بالأخونة حتى داخل مشيخة الأزهر، وهي اتهامات لا أساس لها من الصحة".
وأكد أن "قرار الفصل هو قرار إداري من خلال ضوابط وتعليمات معروفة يقوم بها مجلس الجامعة ورئيس الجامعة، ونحن في الأزهر نعرف ونميز من هو المنتمي للأزهر من غيره، وكل من يخرج عن الأطر يحول للتحقيق، وأي تظلم من قرار مجلس الجامعة يكون أمام القضاء".
الموقف القانوني
وعلى المستوى القانوني؛ أكد مدير مركز هشام مبارك للقانون، مصطفى أبو الحسن، لـ"
عربي21" أن "القرار مخالف تماما للقانون والدستور؛ ويؤكد المسار الذي تسير فيه الحكومة المصرية، والنظام الحالي الذي يقمع أي رأي مخالف حتى لو كان من المؤيدين".
وأوضح أن "فرص قبول طعن هؤلاء المفصولين من الجامعات أمام محكمة القضاء الإداري قوية، بالرغم من محاولات التأثير عليه، وكسره كباقي الأجهزة القضائية وجعله تحت تأثيرهم المباشر".