نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن القدرات المتعددة للذكاء الاصطناعي، على غرار التعرف على الوجوه والتعلم الذاتي للألعاب، مثل لعبة
الشطرنج. في المقابل، تصبح الأشياء الغريبة التي يحتاج الإنسان خيالا واسعا لإدراكها، صعبة الفهم بالنسبة للذكاء الاصطناعي، لافتقاره للمخيلة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه من الواضح أن أجهزة التعلم الذاتي لم تعد في حاجة لنا، وأعلنت وسائل الإعلام في مطلع هذه السنة عن اختراع ذكاء يفوق الذكاء البشري. فقد استطاع تطبيق يطلق عليه اسم "ألفا زيرو" تعليم نفسه لعبة الشطرنج في غضون ساعات قليلة، من خلال اللعب أمام نفسه لعدد لا يحصى من المرات. وخلال فترة قصيرة، استطاع التطبيق هزيمة أفضل تطبيقات الشطرنج الأخرى على مستوى العالم.
وذكرت الصحيفة أنه تم تطوير هذا التطبيق خصيصا من أجل لعب الشطرنج فحسب، وهو لا يملك أي خبرة في مجال آخر أو لعبة أخرى. بل الأسوأ من ذلك، عند حدوث أي تغير في أحد الألوان داخل اللعبة أو في قواعد اللعبة، يقف
الذكاء الاصطناعي عاجزا عن اللعب. فأجهزة التعلم الذاتي لا تمتلك القدرة على إدراك التغيير الذي حدث. فمن الواضح أن الذكاء الاصطناعي الذي أبهرنا منذ فترة، ليس إلا شخصا أبله محدود الآفاق.
في المقابل، يستطيع الذكاء البشري التكيف مع التغييرات التي تحدث حوله، لأنه يدرك القواعد الأساسية للعب، ومن المرجح أن اللاعب لن يلاحظ وجود أي تغيير في الألوان من فرط حماسته في أثناء اللعب.
وأكدت الصحيفة أن الذكاء الاصطناعي يستطيع بالفعل القيام ببعض المهام وحده، التي تعدّ السبب الرئيسي الذي وجد من أجله. فعلى سبيل المثال، يستطيع الحاسوب التمييز بين المظلات المختلفة من خلال إدخال الآلاف من الصور على الحاسوب، ووصفها بشكل صحيح، بالإضافة إلى بعض التدريب البسيط، حتى يتمكن في النهاية من أن يخبرنا أن هذه صورة "مظلة".
بالطبع، يستطيع الإنسان العادي التعرف على المظلة بجميع أشكالها، وفي جميع الأوضاع سواء كانت مفتوحة أو مغلقة، لأن كينونة ذلك الجسم معروف بالنسبة له. بينما يتعرف الحاسوب على الأشياء من خلال درجة سطوعها وألوانها، التي أدخلت له من خلال نماذج مختلفة، ومن ثمّ يبحث بين تلك البيانات المخزنة عن النموذج الأقرب لذلك الجسم.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك مجموعة من الباحثين الأمريكيين الذين قاموا بخداع نظام التعرف على الصور عند غوغل، حيث غير الباحثون بكسل صورة لمجموعة من المدافع الرشاشة بشكل واضح. وبينما تعرف عقل الإنسان على الصورة ببساطة، أكد نظام التعرف على الصور عند غوغل أنها صورة طائرة مروحية.
لقد عدّ الباحثون أن ذلك "هلوسة"، ولكننا قد نقبل تلك الهلوسات المضحكة مع الصور الخاصة، ولكن يزداد خطرها عندما يتعرف الذكاء الاصطناعي على مواد متفجرة في أثناء فحص الحقائب في أحد المطارات على أنها دمية لدبّ.
وأوضحت الصحيفة أن أخطاء العقل البشري أهون كثيرا من هذه الأخطاء الكارثية، فهناك مبرر للأطفال عندما يلتبس الأمر عليهم في التفريق بين الكابياء الخنزيرية والهامستر، فكلاهما من الحيوانات ذات الفراء والأربعة أرجل.
وأبرزت الصحيفة أن الأخطاء الواضحة للحاسوب تشير إلى عدم قدرته على الفهم، فلا يوجد طريقة واضحة لشرح الخطأ، فالحاسوب يتعرف على الصور بطريقة عمياء، حيث يدخل المتخصصون عددا عشوائيا من الصور إلى الحاسوب. وفي أثناء كل عملية تعرف على الوجوه يقوم الحاسوب بالبحث عن نموذج مماثل داخل الصور الموجودة في بياناته.
وأضافت الصحيفة أننا نعتقد أن الحواسيب تفكر مثلنا، لكنها في الحقيقة تعمل وفقا للبيانات المتوفرة لديها، التي قام الباحثون بمعالجتها قبل إدخالها في النظام. وفي الغالب، يعدّ ذلك عملا شاقا، فضلا عن أن إنشاء الحواسيب ذاتية التعلم قد يستغرق شهورا وفي بعض الأحيان سنوات، ومجموعة عمل كبيرة من المتخصصين. فليس من قبيل الصدفة أن حققت الحواسيب ذاتية التعلم هذه الانتصارات المبهرة في لعبتي غو والشطرنج، لأنها تمكنت في النهاية من تجنب أي طريق للهزيمة في اللعبة.
وبيّنت الصحيفة أن الذكاء الاصطناعي محدود للغاية، لأن كل ما تحمله الحياة قابل للتغير ولا يوجد ثوابت. والمفيد بالنسبة للإنسان هو التقدم التكنولوجي، فالبحث السريع عن نموذج وسط كمية هائلة من البيانات أصبح ضروريا.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن الذكاء الاصطناعي فتح مجالات تطبيقية جديدة على الصعيد الطبي. لكنه لا يمكن أن يحل محل الطبيب، وجل ما فعلته هذه التطبيقات الذكية هو توفير الجهد المبذول والكثير من الوقت في التعرف على بعض المعدلات في جسم الإنسان. فالذكاء الاصطناعي لا يستطيع العمل بها وفقا لإرادته الشخصية.