نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية حوارا مع المخرج
الإيراني، علي صمدي أحادي، حول الموجة الاحتجاجية الإيرانية، الذي يعتقد أن الغضب الشعبي الإيراني سيستمر حتى إن تقلصت وتيرة الاحتجاجات خلال الأيام الأخيرة.
وقالت الصحيفة، في هذا الحوار الذي ترجمته "
عربي21"، إن المخرج الإيراني، علي صمدي أحادي، يعتقد أن الشعب الإيراني سيواصل احتجاجاته ضد حكومة بلاده عاجلا أم آجلا. ولا يمكن أن يخمد الغضب الشعبي إلا في حال استجابت الحكومة الإيرانية لمطالب المحتجين. ولئن بادرت الحكومة الإيرانية باتخاذ جملة من الإصلاحات الاقتصادية فيما يتعلق بالانفتاح الاقتصادي، إلا أن المشاكل الجوهرية بقيت عالقة.
وفي سؤال الصحيفة عن وضع الشباب الإيراني، أجاب المخرج الإيراني أن "الشباب الإيراني يشعر بالإهانة نتيجة عدم تمتعه بحرية التعبير عن الرأي. علاوة على ذلك، تسيطر الحكومة الإيرانية على 80 بالمائة من الاقتصاد. من جهة أخرى، تسلط الحكومة رقابة مشددة على مواطنيها فيما يتعلق باللباس والزواج".
أما فيما يخص الهوة بين الشباب الإيراني وحكومة بلاده، بين المخرج الإيراني أن مجلس صيانة الدستور الإيراني يعطي الكلمة الفصل في كل القوانين. وفي الوقت الراهن، يترأس هذا المجلس القاضي أحمد جنتي، وهو رجل في التسعين من عمره لا يواكب متطلبات الشباب الإيراني المنفتح على العالم الخارجي.
وحيال الموجة الاحتجاجية الحالية، صرح علي صمدي أحادي بأن "المطلب الرئيسي للاحتجاجات الراهنة يتمثل في سقوط النظام. وعموما، تعتبر هذه الموجة الاحتجاجية أشبه باستمرارية لاحتجاجات سنة 2009، لا سيما وأن وضع المجتمع الإيراني لم يتغير منذ سبع سنوات. على هذا الأساس، بات الإيرانيون على اقتناع بضرورة سقوط النظام الحاكم".
وفي حديثه عن الاختلافات بين الموجة الاحتجاجية الراهنة وتلك التي اندلعت سنة 2009، أورد المخرج الإيراني أن "الاختلاف بين الموجتين الاحتجاجيتين، يكمن في تعامل الحكومة الإيرانية مع المحتجين، حيث تقلصت وتيرة الممارسات القمعية في الوقت الراهن مقارنة بالاحتجاجات السابقة. أما حاليا، تفاجأت الحكومة الإيرانية بسرعة اتساع رقعة الاحتجاجات. ففي سنة 2009، كان أغلب المحتجين ينتمون إلى الطبقة المثقفة التي كانت تندد بتزوير الانتخابات، في حين يقود الاحتجاجات الراهنة الفقراء والعمال الذين يشعرون بالقلق إزاء المستقبل".
وفي استفسار الصحيفة عن موقف الشعب الإيراني من الحكومة، أفاد المخرج الإيراني بأن النظام الإيراني يعتقد أن هناك دولا أجنبية تقف وراء هذه المظاهرات، وأن الوضع في إيران على أحسن ما يرام. بالإضافة إلى ذلك، تمتنع الشركات الأجنبية عن الاستثمار في إيران نتيجة التهديدات التي ما فتئ يوجهها النظام الإيراني للدول الأجنبية. وعلى خلفية ذلك، لم يتحسن الوضع الاقتصادي للشعب الإيراني، بل ارتفعت نسبة البطالة، ناهيك عن فساد الأشخاص النافذين في النظام.
وبالنسبة لسؤال الصحيفة المتعلق بدور المرشد الأعلى للثورة الإيرانية في انتفاض الشعب الإيراني، أوضح علي صمدي أحادي أن "المطالبة بسقوط النظام بشكل مباشر يعد سابقة من نوعها في تاريخ الاحتجاجات في إيران. في الأثناء، كشفت الموجة الاحتجاجية الحالية حقيقة مفادها أن الشارع الإيراني يطالب بإرساء نظام بديل عن حكم الملالي".
وبشأن مدى ملاءمة مطالب الشباب الإيراني مع طبيعة النظام الحاكم، رد المخرج الإيراني أن الشباب الإيراني يرفع من سقف مطالبه شيئا فشيئا. فخلال الأربعين سنة الأخيرة، كانت المرأة الإيرانية تكافح من أجل الظفر بحقها في تقرير مصيرها. أما الآن، فقد أصبحت تجادل حول مسألة ارتداء الحجاب. ومن الواضح أن المبادئ الإسلامية، التي ينادي بها نظام الملالي، قد تجاوزها الزمن، وسيضطر للرضوخ للواقع في نهاية المطاف.
وفي سؤال الصحيفة عن الأسباب التي دفعت النظام الإيراني إلى فرض نظام حكم صارم يتعارض مع الدستور، أجاب المخرج الإيراني أن "النظام الإيراني يعمد إلى تطويع القانون عبر الاحتكام إلى مؤسسات قانونية أخرى. وعموما، يعتبر المرشد الأعلى للثورة الإيرانية صاحب الكلمة الفصل في كل القضايا.
كما تطرق المخرج الإيراني إلى الحركات الإصلاحية في إيران، موضحا أنه لا توجد في الوقت الحالي حركات مقاومة نظرا لأن الحكومة الإيرانية أقدمت على حظر كل منظمات المجتمع المدني، واعتقال الآلاف من المدونين والفنانين والصحفيين عقب احتجاجات سنة 2009.
وفي سؤال الصحيفة عن موقفه من الرئيس حسن
روحاني، أورد علي صمدي أحادي أن "الرئيس حسن روحاني لا يرى مانعا في تغيير النظام، لكنه لا يتمتع بنفوذ واسع مقارنة بالمرشد الأعلى للثورة الإيرانية ومجلس صيانة الدستور ومجلس خبراء القيادة".
كما تساءلت الصحيفة عن مصير الموجة الاحتجاجية الراهنة في ظل عدم وجود شخصية قيادية تؤطر الاحتجاجات. وحيال هذا الشأن، أوضح علي صمدي أحادي أن الشارع الإيراني سيتفق على جهة قيادية تؤطر الاحتجاجات في حال تواصلت.
أما فيما يتعلق بإمكانية فرض الرقابة على الإنترنت في حال ارتفعت وتيرة الاحتجاجات، أورد أحادي أن "المعلومات المتعلقة بفساد النظام الحاكم انتشرت بفضل تطبيق تلغرام. ولكن، يمكن لمسألة تشديد الرقابة على الإنترنت أن تعرقل عملية التواصل بين المواطنين الإيرانيين".
وفي الختام، نوه أحادي بأن غضب الشعب الإيراني لن يخمد، لاسيما وأن الجوع يعد من أهم دوافع اندلاع الاحتجاجات الحالية. فقد خرج الشعب الإيراني للشوارع للتنديد بتفشي الفقر وارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب.