صحافة دولية

الغارديان: كيف تبدو حروب أمريكا الجوية تحت إدارة ترامب؟

الغارديان: الحروب الجوية تحت إدارة ترامب أكثر عشوائية وأكثر ضبابية- أ ف ب
الغارديان: الحروب الجوية تحت إدارة ترامب أكثر عشوائية وأكثر ضبابية- أ ف ب

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للصحافي جوليان بورغر، حول الحرب الجوية التي تشنها أمريكا في مناطق مختلفة، يقول فيه إن التصعيد في الحرب الجوية في الصومال هو جزء من صورة عالمية لاستخدام غير مقيد للقوة الجوية، تعود جذوره لإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وحفزه ووسعه الرئيس الحالي دونالد ترامب

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب بذل جهدا كبيرا خلال عامه الأول من الرئاسة؛ لينسب لنفسه الانتصار على تنظيم الدولة، حيث عزا ذلك إلى تخفيفه من القيود على جنرالاته، فقال في تشرين الأول/ أكتوبر: "لقد غيرت قواعد الاشتباك بالكامل، وغيرت جيشنا بالكامل".

 

ويعلق بورغر قائلا: "من الصعب فصل الحقيقة عن المبالغة والغطرسة في ادعاء ترامب، وتفضيل استخدام القوات الجوية والطائرات دون طيار ضد العدو أبعد من جبهات أفغانستان وسوريا والعراق ليس جديدا، حيث وسعت إدارة أوباما إلى التقليل من عدد الضحايا المدنيين من مثل تلك الأسلحة، عن طريق الإبقاء على الضبط السياسي لتلك العمليات من البيت الأبيض، لكن في الأسابيع الأخيرة من الإدارة المنتهية تم رفع تلك الضوابط".  

 

وتلفت الصحيفة إلى أن الجيش العراقي عانى من إصابات كبيرة حين كان جنوده يقاتلون تنظيم الدولة في شرق الموصل، واشتكى قادتهم من أن التحالف الذي تقوده أمريكا يتأخر في توفير الدعم الجوي، وبناء على ذلك فإنه تم جعل القواعد أكثر مرونة، بحيث يمكن للضباط الصغار في الجبهة طلب دعم جوي مباشر، مشيرة إلى أنها بقيت كذلك خلال المعركة ضد تنظيم الدولة في معقله في غرب الموصل خلال شهر شباط/ فبراير 2017، وكان الدور بعد سقوطها على الرقة، معقل التنظيم في سوريا.

 

وينوه التقرير إلى أن ترامب ورث تلك القواعد المرنة، وادعى بأنه جعلها أكثر مرونة، وحث جنرالاته على تكثيف الحرب ضد تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، مشيرا إلى أنه بحسب الإحصائيات التي تجمعها مجموعة الرصد "إيرويز"، فإن الغارات الجوية في العراق وسوريا زادت عام 2017 بنسبة 50% عن العام الذي سبقه. 

 

ويذكر الكاتب أن التحالف، ومعظم طائراته أمريكية، ألقى حوالي 20 ألف قنبلة على الرقة، لافتا إلى أن الأمم المتحدة أعلنت بعد انتهاء المعركة عن أن 80% من المدينة غير صالح للسكن، وأنه تم قتل حوالي 1800 مدني، فيما قدرت "إيرويز" بأن 1400 من تلك الوفيات تسببت بها طائرات التحالف وقصف المدفعية.  

 

وتنقل الصحيفة عن مدير "إيرويز" كريس وودس، قوله: "لطالما توقعنا أن يشكل المدنيون النسبة الكبرى من الإصابات في تلك المرحلة من الحرب، وهذا بالضبط ما حصل.. وحتى لو فازت كلينتون فإننا كنا، دون شك، سنحصل على عدد أكبر من الإصابات في تلك المرحلة الأخيرة؛ لأن كلا من الموصل والرقة كانتا تحت القصف، لكن ما لا نعلمه حتى الآن هو كم عدد الإصابات الإضافية بين المدنيين بسبب التغييرات التي تقول إدارة ترامب إنها أدخلتها".

 

ويضيف وودس أن "الجيش الأمريكي لم يشرح بشكل كامل كيف غيّر قواعد الاشتباك، لكن ما تغير بالتأكيد هو لهجة القيادة العسكرية، حيث بدأ وزير الدفاع جيمس ماتيس وغيره من المسؤولين بتسمية الحملة ضد تنظيم الدولة بـ(حرب إبادة)، وهكذا تم تنفيذها حتى في مدينتين مكتظتين بالسكان، حيث استخدمت قنابل تزن 500 رطل بشكل روتيني".

 

ويفيد التقرير بأنه لم تكن في أفغانستان معارك نهائية في مدن مكتظة، إلا أن عدد الإصابات بين المدنيين تضاعف عام 2017، مقارنة مع العام الذي سبقه، لافتا إلى أن ترامب قام بتوسيع الحرب لتجاوز تلك القيود التي وضعتها إدارة أوباما خارج مناطق القتال، فأعلن أن اليمن والصومال منطقتي "أعمال قتالية نشطة"، ونتيجة لذلك كانت هناك غارات جوية أمريكية على اليمن خلال عام 2017، أكثر من الأعوام الأربعة التي سبقته مجتمعة، بحسب مكتب الصحافة الاستقصائية.  

 

ويبين بورغر أن استخدام الطائرات دون طيار كان جزءا من توسيع مكافحة تنظيم الدولة على مستوى العالم، مشيرا إلى أن هذا توجه بدأ في ظل حكم أوباما، وقام ترامب بتوسيعه، لكن بطرق أخرى، وعلى مقياس لم تقم الإدارة بإيضاحه.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن أندريا بارسو من "هيومان رايتس ووتش"، قولها: "لقد قامت هذه الإدارة بتغييرات، بحسب التقارير، لكنها لم تؤكد ذلك علنا، ولذلك فإن هذه خطوة للخلف من ناحية الشفافية"، وتضيف: "إن الطائرات دون طيار تستخدم بشكل أكبر من بين الأدوات التي تتسبب بالإصابات بين المدنيين، ومن الصعب تقدير حجم تلك الإصابات، وهل هي قانونية أم لا دون أي معلومات عن هجمات قتل المستهدفين". 

 

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن "الاعتماد المتزايد على الطائرات دون طيار، وتوسيع ساحة المعركة ضد الإرهاب إلى مناطق نائية جديدة، حيث التقارير الإخبارية في أدنى مستوى أو منعدمة تماما، إضافة إلى قواعد اشتباك مرنة، ولهجة متحمسة، تهدد مجتمعة بخلق حرب على مستوى العالم أكثر عشوائية وأكثر ضبابية، ويتوقع أن تكون نسبة الضحايا المدنيين فيها أعلى من سابقاتها". 

التعليقات (0)