حدد عاملون وخبراء بقطاع
النفط، مجموعة من الشروط والمحددات التي تحافظ على استقرار صعود أسعار النفط خلال العام الجاري، متوقعين استمرار اتجاه السوق العالمي نحو مزيد من الاستقرار ولكن بشروط محددة.
أول هذه الشروط وفقا لخبير النفط المصري، رمضان أبو العلا، هي استمرار سياسة "
أوبك" في خفض الإنتاج خلال العام الجاري، خاصة مع استمرار تذبذب الإنتاج الأمريكي وعدم استقراره عند مستويات واضحة.
وتلقت الأسعار دعما من استمرار تخفيضات الإنتاج التي تقودها أوبك وروسيا، أكبر منتج للنفط في العالم. وبدأت التخفيضات العام الماضي وتستمر حتى نهاية عام 2018.
تراجع المخزونات الأمريكية
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأربعاء، إن مخزونات الخام الأمريكية انخفضت 1.1 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم 19 كانون الثاني/ يناير إلى 411.58 مليون برميل. وهذا هو أقل مستوى موسمي للمخزونات منذ عام 2015 ويقل عن متوسط خمس سنوات البالغ نحو 420 مليون برميل.
وهذا الانخفاض المطرد أثارته مشتريات قياسية من المضاربين ما دفع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات.
يضاف إلى ذلك وفقا لـ "أبو العلا" في حديثه لـ "
عربي21"، استمرار التعاون بين الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" والمنتجين المستقلين وعلى رأسهم روسيا التي تعد من أكبر الدول المحركة لأسواق وأسعار النفط عالمياً.
وخفضت منظمة البلدان المنتجة والمصدرة للنفط "أوبك" إنتاج أعضائها بنحو 1.2 مليون برميل يوميا وذلك في إطار اتفاق مع روسيا ومنتجين آخرين غير أعضاء في المنظمة يستمر حتى نهاية 2018.
التزام الأعضاء
وبداية الشهر الجاري، أظهر مسح حديث أن نسبة التزام الدول الأعضاء في "أوبك" باتفاق خفض إنتاج النفط بلغ نحو 128 بالمئة خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، مقابل نحو 125 بالمئة في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
أما الشرط الثالث حسب "أبو العلا" فيتمثل في استمرار ضخ مزيد من الاستثمارات في مشروعات الطاقة، خاصة وأن غالبية الدول سواء المنتجة دخل "أوبك" أو من خارجها كانت قد أعلنت منذ بداية أزمة تهاوي أسعار النفط عن تجميد عدد من المشروعات، ولكن حتى يحافظ السوق على استقراره يجب عودة هذه الاستثمارات بل وزيادتها خلال العام الجاري.
وكانت "أوبك" قد أشارت في بداية العام الماضي وربما في ذروة الخسائر التي تكبدها النفط، إلى أن انخفاض الإنفاق العالمي على التنقيب والإنتاج أدى إلى استثمارات متراجعة تبلغ أكثر من 300 مليار دولار، في حين يحتاج القطاع إلى 10 تريليونات دولار من الاستثمارات المتعلقة بالنفط خلال الفترة الزمنية حتى عام 2040، لتلبية الطلب العالمي على الطاقة في المستقبل.
تراجع الاستثمارات
وأوضحت المنظمة أن الإنفاق العالمي على التنقيب والإنتاج انخفض بنسبة 26 في المئة خلال عام 2015، وانخفض بنسبة إضافية بلغت 22 بالمئة في عام 2016. وإجمالا يصل ذلك إلى أكثر من 300 مليار دولار من الاستثمارات المتراجعة.
وخلال التداولات الأخيرة قفز سعر خام برنت متجاوزا مستوى 71 دولارا للمرة الأولى منذ عام 2014، وربما يدفع هذا الصعود العديد من دول النفط إلى التقاط أنفاسها خصوصاً مع الأزمات الصعبة التي خلفتها الخسائر الناجمة عن تهاوي أسعار النفط من مستوى 146 دولارا في نهاية العام 2013 إلى مستوى 26 دولارا بنهاية العام 2014.
ومؤخرا أظهر استطلاع فصلي لآراء خبراء الاقتصاد، أن ارتفاع أسعار النفط يحد من المخاوف بشأن أزمة مالية في منطقة الخليج لكنه يبدو من غير المرجح أن يحدث انتعاشا اقتصاديا آخر في المنطقة.
وارتفع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات عند نحو 71 دولارا للبرميل مقارنة مع نحو 55 دولارا قبل ثلاثة أشهر بنسبة ارتفاع تقترب من 30 بالمئة. وهذا يعني زيادة في فاتورة صادرات النفط لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي البالغ عددها ست دول.
ووفق تقديرات "كابيتال إيكونوميكس"، فإن كل دولار زيادة في متوسط سعر النفط هذا العام سيميل إلى تحسين وضع الموازنة السعودية بنحو 2.1 مليار دولار.
دول تحقق فائضا
وقال محللون وفقا لوكالة "رويترز" إن أسعار النفط عند مستواها الحالي تجعل ثلاث دول، هي الإمارات والكويت وقطر، من المحتمل أن تتجه إلى تحقيق فائض في ميزانياتها هذا العام.
ومن المتوقع أن تحقق السعودية نموا نسبته 1.5 بالمئة بدلا من 1.3 بالمئة في توقعات تشرين الأول/ أكتوبر. لكن التوقعات الخاصة بالكويت وقطر أقل من ذلك.
في الوقت ذاته، فمن المتوقع أن ينكمش العجز في موازنات بعض الدول بمعدل بسيط هذا العام. حيث من المتوقع أن تحقق السعودية عجزا في الموازنة نسبته 7.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي انخفاضا من 8.9 بالمئة في عام 2017، لكن الرقم يمثل تحسنا طفيفا فقط عن التوقعات التي جاءت في استطلاع الرأي السابق لعام 2018 بعجز نسبته 7.5 بالمئة.
ردود سريعة
وفي ردود فعل سريعة على التحسن الحاصل في أسواق النفط، فقد تكبد الدولار خسائر قاسية خلال الجلسات الماضية، فيما صعد الروبل الروسي أعلى مستوى في عامين ونصف العام مقابل الدولار، مدعوما بوصول أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ 2014 وتراجع العملة الأمريكية أمام العملات الرئيسية.
وارتفع الروبل 0.8 بالمئة مقابل الدولار إلى 55.67 بعد أن سجل في وقت سابق من الجلسة 55.59 وهو أعلى مستوى منذ أوائل تموز/يوليو 2015.
وتلقى الروبل دعما من تخطي أسعار خام برنت القياسي العالمي في وقت سابق من الجلسة مستوى 71 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ كانون الأول / ديسمبر 2014.
أسواق الأسهم تصعد
وعربيا، ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية مدعومة بصعود خام القياس العالمي مزيج "برنت" لأعلى مستوياته في ثلاث سنوات فوق 70 دولارا للبرميل، حيث واصلت بورصة قطر ارتفاعها القوي وزادت أسهم أكبر شركة منتجة للبتروكيماويات في السعودية بعد أنباء عن استحواذ.
وصعد مؤشر بورصة قطر 1.1 بالمئة، محققا مكاسب لرابع جلسة على التوالي. وتشير النتائج المالية للشركات إلى أن الضرر الذي ألحقته المقاطعة التي تفرضها أربع دول عربية أخرى بالاقتصاد القطري أقل مما كان يخشاه البعض، والمؤشر الآن في نطاق 5 بالمئة من مستواه قبل المقاطعة في حزيران / يونيو الماضي.
وقفز سهم مسيعيد للبتروكيماويات 5.5 بالمئة وسهم الخليج الدولية للخدمات، التي تورد منصات الحفر النفطي، 3.2 بالمئة في تداول نشط.
وارتفع المؤشر الرئيسي للسوق السعودية بنسبة 0.6 بالمئة، مع صعود سهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" 2 بالمئة، مسجلا أعلى مستوياته منذ أوائل 2015. وارتفع مؤشر سوق دبي بنسبة 0.2 بالمئة.