هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت وكالة أنباء "أسوشيتد برس" تقريرا أعدته آلاء بطراوي، تقول فيه إن حملة مكافحة الفساد التي أعلنت عنها السعودية قاربت على الانتهاء، إلا أن الأسئلة المثارة حولها لا تزال قائمة.
وتبدأ بطراوي تقريرها بالحديث عن الأمير الوليد بن طلال، الذي ذهب إلى الصحراء، بعد التحقيق معه ومساءلته واعتقاله لمدة ثلاثة أشهر في حملة مكافحة الفساد الاستثنائية.
وتقول الكاتبة إن الثري والمستثمر وعضو العائلة المالكة وضع صورا له وهو يركب الخيل مع أحفاده، ويستمتع بالراحة على بساط فارسي، وصورة صقرين ينظران بطاعة أمامه على أعواد خشب، وعشرات الناس الذين جاء بعضهم لتحيته، بالإضافة إلى آخرين جاءوا لخدمته، حيث جلس ينظر للصحراء.
وتعلق بطراوي قائلة إن "الصور التي وضعت على (تويتر) تظهر رجلا لا يزال يتحكم ويحكم إقطاعيته، ورجلا لا يزال قادرا على عقد (مجلس) يستقبل فيه طلبات الناس لمساعدتهم، إلا أن احتجاز الأمير لمدة 80 يوما يكشف عن بناء هرمي جديد في المملكة، ويظهر وبشكل حاد السلطة القليلة التي يملكها الأمراء السعوديون الأثرياء أمام الأمير السعودي الذي ينتظر تولي العرش".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 عاما، قام بالإشراف على عملية مكافحة الفساد، التي شملت 11 أميرا والعشرات من رجال الأعمال والمسؤولين، الذين مثلوا النخبة التي كانت تحيط بعائلة آل سعود الحاكمة وشبكة الرعاية التي كانت تشرف عليها.
وتستدرك الكاتبة بأن "هناك تساؤلات الآن عما إذا كان الأمير نجح في جهوده الرامية إلى مركزية السلطة والقضاء على الفساد، ومع قرب انتهاء حملة التطهير، أو التحول نحو مرحلة جديدة، فإنه تم الإفراج عن معظم المعتقلين الـ300، مع أن هناك 56 معتقلا لا يزالون في الحجز وسيواجهون اتهامات، وسيعود فندق ريتز كارلتون لفتح أبوابه من جديد في 14 شباط/ فبراير".
وتلفت الوكالة إلى أن من بين الذين اعتقلوا كان الأمير متعب بن عبد الله، الذي نظر إليه على أنه أحد المرشحين لتولي العرش، مشيرة إلى أنه في ليلة اعتقاله تم عزله عن قيادة الحرس الوطني المؤثر، وهو منصب احتله والده من قبل ولعقود طويلة، بشكل أثار أسئلة حول دوافع التطهير، وعما إن كانت سياسية.
ويكشف التقرير عن أن محققين بالزي المدني، وبإشراف بعض وزراء الحكومة، حققوا مع الأمير الوليد بن طلال ومتعب في ريتز كارلتون، حيث سألوا المعتقلين حول معاملاتهما المالية، مشيرا إلى أنه تم وضع الحرس خارج غرف المعتقلين، الذين كانوا يستطيعون مشاهدة التلفاز والقنوات الفضائية الأخرى.
وتورد بطراوي نقلا عن الحكومة، قولها إن الحملة أدت إلى استعادة مبلغ كبير يقدر بـ106 مليارات دولار، نتيجة تسويات مالية مع المعتقلين، تجنبا لفترة اعتقال طويلة، أو الإحراج بالظهور في المحاكم، لافتة إلى أن التسويات هي عبارة أموال نقدية وعقارات وأرصدة في الشركات أو الأسهم المالية، مع أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل التسويات وكيف تمت.
وتبين الوكالة أن حملة التطهير، التي قامت بها الدولة التي تعد أكبر منتج للنفط في العالم، كانت صدى حملة تطهير قامت بها دولة أخرى منتجة للنفط وهي روسيا، مشيرة إلى أن حملة التطهير التي قام بها الأمير ابن سلمان كانت انتقائية، واستهدفت شخصيات ربما انتقدته، أو ترددت في تقديم الدعم له في صعوده إلى السلطة.
وينوه التقرير إلى أن الأمير اعتقل سابقا عددا من المعارضين، الذين انتقدوا مواقفه المتشددة في اليمن وقطر، مشيرا إلى أن الحكومة لم تصدر بشكل رسمي قائمة بأسماء المعتقلين الـ380، الذين تمت مساءلتهم في قضايا مكافحة الفساد، رغم أنه تم تسريب عدد من الأسماء إلى الإعلام، كما لم تذكر الحكومة الاتهامات الموجهة للمعتقلين، أو كيفية محاكمتهم، ما أدى إلى إثارة أسئلة حول الشفافية.
وتنقل الكاتبة عن المستشارة حول الشرق الأوسط في منظمة الشفافية الدولية مروة فطافطة، قولها: "كانت العملية كلها محاطة بالسرية من البداية، والطلب من المعتقلين التخلي عن جزء من أرصدتهم هو ابتزاز، وهو ما يعد فسادا"، لافتة إلى أنه بحسب مؤشر الشفافية للمنظمة، فإن السعودية حصلت على 46 نقطة، أو ما ينظر إليه على أنه "علامة فشل".
وتورد الوكالة نقلا عن نقاد ومراقبين، قولهم إن الدوافع وراء حملة التطهير هي الضغط على القيادة التجارية والأمراء؛ لأنهم لم يدعموا رؤية 2030، التي يريد ولي العهد من خلالها تحويل البلاد من الاعتماد عن النفط إلى اقتصاد متنوع.
وبحسب التقرير، فإن أنصار الأمير يقولون إن حملة مكافحة الفساد نجحت لأنها حافظت على سرية الاتهامات وخصوصية المعتقلين.
وتنقل بطراوي عن علي الشهابي من مؤسسة الجزيرة العربية في واشنطن المدعومة من السعودية، قوله إن عددا من المعتقلين ظلوا أثرياء، وعبروا عن ولائهم للأمير، لأنهم يفهمون دينامية السلطة في البلاد، وأضاف الشهابي أن حملة التطهير أرسلت رسالة للنخب التجارية بأن طرق إدارة الأعمال القديمة لن يتم التسامح معها، مشيرا إلى أنها كانت "ناجحة والهدف منها تغيير السلوك"، حيث أعلن الوليد بن طلال قبل ساعات من الإفراج عنه عن دعمه للأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع وكالة أنباء "رويترز".
وتنقل الوكالة عن محلل شؤون الشرق الأوسط في شركة الخدمات الأمنية "ستراتفور" ريان بول، قوله إن النخبة لن تستطيع تنظيم تحركات ضد الأمير بسهولة، خاصة أن الكثير من السعوديين يدعمون حملة اقتلاع الفساد، ويضيف: "الشباب مع الأمير ليس لأنه شاب، لكن لأنه يتخذ قرارات تحظى بشعبية، وهي خطوات متأخرة".
ويلفت التقرير إلى اعتقال 11 أميرا الشهر الماضي، عندما حاولوا مداهمة واحد من القصور الملكية؛ احتجاجا على تخفيض مخصصاتهم، وتم إرسالهم إلى أحد السجون الأمنية في الرياض بانتظار المحاكمة.
وتجد الكاتبة أن هذا الحادث يكشف عن حالة التوتر المتصاعدة داخل العائلة المالكة بعد أقل من عام قام فيه الأمير بتهميش ولي العهد الأكبر منه وصاحب الخبرة، حيث تقول فطافطة من منظمة الشفافية إن الأمير استطاع "خلق ثقافة خوف" دون التأكد من وجود معايير، مثل شفافية الميزانية واستقلالية القضاء.
وتختم "أسوشيتد برس" تقريرها بالإشارة إلى قول فطافطة: "لو كنت تريد المحاسبة فإنها يجب أن تشمل الجميع، بمن فيهم ولي العهد والملك.. وفي هذه الحالة فكيف ستتأكد من أن ولي العهد لا يقوم بإساءة استخدام السلطة في وقت يحاول فيه محاسبة العائلة؟".