هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت زيارة عدد من الصحفيين المغاربة لإسرائيل، الاثنين الماضي، استجابة لدعوة وزير خارجية الاحتلال غضبا واسعا بين الإعلاميين المغاربة باختلاف منابرهم، معربين عن رفضهم لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومعتبرين الزيارة "دعاية لإسرائيل".
الزيارة دعاية لإسرائيل
اعتبرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية زيارة 5 من الصحفيين المغاربة لإسرائيل استجابة لدعوة من سلطات الاحتلال "دعاية تقوم بها إسرائيل لسياستها" وتستهدف الجسم الصحفي المغربي، بغض النظر عن حقيقة انتماء جُلّ الذين استجابوا لهذه الدعوة، لمهنة الصحافة.
وأكدت النقابة في بلاغ توصلت "عربي21" بنسخة منه، الجمعة، أنها "تستهجن هذه الزيارة، وتؤكد موقفها الثابت في مناهضة جميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي يحتل أرض شعب آخر، بالحديد والنار والمجازر والقتل والتشريد والاعتقال والتعذيب. وهو ما أدانته الأمم المتحدة، في العديد من قراراتها وتوصياتها، التي ترفض إسرائيل احترامها".
اقرأ أيضا: لتخليد ذكرى "الهلوكوست".. 5 إعلاميين مغاربة يزورون إسرائيل
وأعلنت النقابة أن هذه المبادرة التي قام بها "الصحفيون" الخمسة لا تلزم إلا أصحابها، والجهة التي توسطت فيها، "خصوصا وأن الأمر لا يتعلق بإنجاز مهمة صحافية ممولة من المؤسسات التي ينتمي إليها هؤلاء، (رغم ما يحيط بمثل هذا العمل، عادة، من التباس)، بل إنها دعوة مباشرة من سلطات الكيان الصهيوني وبتمويل منه وتتم لمباركة وتزكية السياسة العدوانية والإجرامية التي يقوم بها المحتل الإسرائيلي، وبذلك فالزيارة تدخل في خانة الدعاية السياسية لإسرائيل، ولا علاقة لها بممارسة مهنة الصحافة".
وشددت النقابة في بيانها على تنديدها بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، "كموقف مبدئي للأغلبية الساحقة للصحافيين المغاربة، والمنظمات الحقوقية والنقابية، المغربية، وتعتبر أن ما حصل هو محاولة لاختراق موقف الشعب المغربي من القضية الفلسطينية، وكذا المواقف الرسمية المغربية، الثابتة، من هذه القضية، ومن وضعية القدس".
وسجلت النقابة أنها "تظل وفية للمواقف المبدئية للصحفيين المغاربة، ولعلاقاتها الثنائية مع نقابة الصحافيين الفلسطينيين، التي تتصدى يوميا للتنكيل والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون الفلسطينيون والأجانب، أثناء قيامهم بواجبهم المهني، وكذا التزام النقابة بقرارات الاتحاد العام للصحفيين العرب، ومواقف الفيدرالية الدولية للصحفيين، التي ترفض السياسة الإسرائيلية المناهضة لحرية العمل الصحفي".
ولفت البيان إلى أن عددا من النقابات العمالية العالمية، "تطالب بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، الواردة من الأراضي المحتلة، وهو الموقف الذي تتخذه نقابات وازنة للصحفيين، في العالم، على رأسها نقابة الصحفيين في بريطانيا التي تترجم هذا الموقف في مجالها الإعلامي".
وقالت النقابة إن "المواقف الدولية والعربية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، تستند على مبادئ إنسانية وحقوقية، من أهمها احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والرأي، وهي المبادئ التي يدافع عنها أغلب الصحفيين، عبر العالم، والتي تنتهكها دولة إسرائيل، باستمرار، من خلال القمع المتواصل لكل الاحتجاجات ضد الاحتلال".
"أنا صحفي ضد التطبيع"
وانتشر هاشتاغ "أنا صحافي ضد التطبيع"، و"زيارتهم دعم لجرائم إسرائيل" و"زيارتهم رصاصة"، بشكل واسع بين عموم الإعلاميين المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، للتعبير عن رفضهم لهذه الزيارة.
انتحال صفة
البرلمانية والناشطة الإعلامية حنان رحاب، أوضحت في تدوينة لها على حسابها بـ"فيسبوك"، أن ثلاثة ممن زاروا الكيان الصهيوني لا يحملون بطاقة الصحافة المهنية حسب لوائح الصحافيين المهنيين الصادرة عن وزارة الاتصال برسم سنة 2017، لافتة إلى أن منهم من لا تجمعه أية علاقة رسمية "عمل" بأي مؤسسة صحفية، وتساءلت: "إذن كيف يتم الحديث عن زيارة وفد إعلامي مغربي؟".
واعتبرت رحاب أن الأمر فيه "انتحال صفة واضحة تضاف إلى جريمة التطبيع"، مشددة على أن "الكيان الصهيوني رمز للإرهاب والعنصرية والتطرف في العالم، وكل مساحيق التجميل لن تخفي جرائمه في حق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة".
كسر الموانع
من جانبها، قالت الصحافية المغربية بموقع قناة الجزيرة، سناء قويطي، إن "المطبع يرى أن الأرض المقدسة ليست بالقداسة المظنونة، فيستوي عنده احتلال الإسرائيلي للقدس على احتلال غيرها من الأمكنة، ويشتغل على ترويض نفسه على كسر الموانع، فكما هان عليه رفع القدسية عن القدس والمسجد الاقصى يهون عليه مستقبلا أن يرفعها عن المسجد الحرام ومكة".
محاولات فاشلة
فيما قال الناشط الإعلامي المغربي والصحافي بقناة الجزيرة مباشر، يوسف بناصرية، إنه "ربما لا يعلم الاحتلال الصهيوني أن الخطوات التي ينهجها للتغطية على جرائمه وتلميع صورته أمام العالم ومعها الخطوة الأخيرة بالتنسيق مع الصحافيين العرب التسعة، كلها فاشلة ولا جدوى منها أمام ممارساته الإرهابية وحربه العدوانية على شعب يقاوم لأجل أرضه وعرضه".
وأضاف: "من يزور الكيان الصهيوني لا يمثلني بتاتا ولا يمثل الجسم الصحافي المغربي ولا العربي".
الصحفي بقناة "الحرية تيفي"، حفيظ زرزان، تساءل في تدوينة له: "هل يتحرك الصحفيون ووزارة الاتصال ولجنة القدس ضد من باع فلسطين مقابل نرجيلة وطعام وتذاكر ومال بحيفا وتل أبيب؟".
لا تلتفتوا للنكرات
الصحفي بموقع "تيل كيل عربي"، الشرقي لحرش، كتب تدوينة قال فيها: "لا تلتفتوا للنكرات.. لا تصنعوا منهم أبطالا... إنهم مستعدون لبيع شرفهم لمن يدفع أكثر، فإن لم يجدوا من يدفع عرضوه ببلاش ..فإن لم يجدوا رموه في أقرب زبالة ليجتمع حوله الذباب. هكذا هم".
يذكر أن "عربي21" لا يمكنها التأكد من صحة المعلومات الواردة في مواقع التواصل الاجتماعي من مصدر مستقل.
الحكومة تدخل على الخط
في تصريح لموقع حزب العدالة والتنمية (الذي يقود الحكومة)، قال وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، إن زيارة الوفد الصحفي المغربي هو "خروج عن الموقف الرسمي والشعبي المغربي، المعروف بمساندته للقضية الفلسطينية في جميع تجلياتها"، معتبرا أن "هذه القضية هي قضية الشعب المغربي برمته".
وأكد الأعرج أن وزارة الاتصال متشبثة بمجموعة من القرارات الصادرة عن وزراء الإعلام العرب في السنوات الماضية، وكذا التوصيات الصادرة عن الجامعة العربية بخصوص الوقوف ضد مثل هاته الزيارات باتجاه الكيان الإسرائيلي.
اقرأ أيضا: وزارة الإعلام الفلسطينية تدعو لمعاقبة صحفيين زاروا إسرائيل
وكشف الأعرج عن أن الوزارة، وفي إطار المقاربة التشاركية، التي تعتمدها في التعامل مع المؤسسات الإعلامية، تفاعلت سريعا مع هذه الزيارة، حيث شرعت في الاتصال مع الهيئات الصحفية المهنية التي تضم هؤلاء الصحافيين الذين وردت أسماؤهم ضمن الوفد الذي قام بزيارة لإسرائيل لوضع ضوابط صارمة لعدم تكرار مثل هاته الزيارات.
وأكد وزير الثقافة والاتصال أن تحريات الوزارة أظهرت أن "صحفية وحيدة من ضمن الوفد المغربي هي التي تمتلك بطاقة الصحافة المسلمة من وزارة الاتصال"، مشيرا إلى أن "الضوابط التي سيتم وضعها بالاتفاق مع الهيئات المهنية، هي التي ستحدد المساطر والإجراءات وستعمل على ترتيب الجزاءات في حق من يقومون بمثل هاته الزيارات".
الوفد يشيد بـ"إسرائيل"
بالمقابل، عبرت صحفيتان ضمن الوفد الإعلامي المغربي المشارك في زيارة إسرائيل، عن افتخارهما بهذه الخطوة وإشادتهما بتعامل المسؤولين الصهاينة ومؤسساتهم، معتبرين أن زيارتهم تأتي في إطار إنساني، داعين إلى الاعتراف بإسرائيل "دولة قوية" في المنطقة.
الصحافية بيومية "الصباح" المغربية، نورة الفواري، واجهت موجة من الانتقادات ضدها بالقول: "انتمائي هو للإنسانية أولا.. التهم الجاهزة لا تعنيني بقدر ما يعنيني الاكتشاف والتعرف على الآخر الذي أعيش معه داخل قرية كونية صغيرة انتفت معها كل الحدود.. إسرائيل دولة قوية وسط “وطن” عربي منقسم ومشتت ومتخلف.. إنها أول الحقائق التي يجب الاعتراف بها.. زمن الشعارات الرنانة ودغدغة المشاعر ولى وانتهى والتاريخ يكتبه المنتصرون"، وفق تعبيرها.
اقرأ أيضا: التطبيع الإعلامي.. هل نجحت إسرائيل باختراق الإعلام العربي؟
وكشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أمس الخميس، أن صحفية مغربية تدعى "سميرة بر" لم تمانع من نشر اسمها، قائلة: "استنتاجي هو أنه حيثما يوجد يهود يكون المكان هادئا، وأنا أقف وسأقف دوما إلى جانب إسرائيل"، بينما أوضحت الصحيفة أن بعض أعضاء الوفد طلبوا عدم ذكر أسمائهم وعدم الإشارة إلى وسائل الإعلام التي يعملون فيها "خشية التنكيل بهم".
اقرأ أيضا: هكذا برر صحفيون عرب زيارتهم لإسرائيل.. ومطالب بمعاقبتهم