حقيقة مزاعم السلطات بمصر بعدم تأثر سد أسوان بمياه سد النهضة

شكك خبراء المياه وهندسة السدود في صحة تصريحات وزير الري المصري بشأن عدم تأثر السد العالي بأسوان خلال فترة تخزين المياه خلف سد النهضة الإثيوبي، المقدرة بنحو 74 مليار متر مكعب.

‎وأكد الوزير في تصريحات صحفية، السبت، أن "التخزين في بحيرة ناصر يعتمد على مناسيب وكمية المياه المخزنة، وملامح موسم الفيضان، وهذه العوامل هي التي تحدد مخزون السد من المياه كل عام"، على الرغم من تأكيده أنه لم يتم الاتفاق حتى الآن مع إثيوبيا على فترة ملء الخزان خلال الحوار نفسه، بالقول: "ومن المنتظر تحديد سنوات ملء خزان سد النهضة بما لا يضر بمصالح مصر المائية".

وكان الوزير حذر في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" نشرتها اليوم: "إذا نقصت المياه التي تأتي لمصر بنسبة 2 في المئة، فإننا سنفقد نحو 200 ألف فدان من الأرض الزراعية؛ لذلك فإن هذا سيؤدي إلى فقدان نحو مليون شخص لوظائفهم"، مؤكدا "أنها مسألة أمن قومي".

حقيقة تأثر السد؟

وقال أستاذ الأراضي والبيئة بمركز البحوث الزراعية، محمد نوفل، لـ"عربي21": "في حال قررت إثيوبيا تخزين المياه خلف سد النهضة وبكميات كبيرة جدا، سوف تتأثر بلا شك قدرة السد العالي على توليد الطاقة الكهرومائية؛ لأنه مرتبط بكمية مياه محددة".

وأوضح أن "أي انخفاض في معدل المياه خلف السد العالي، الذي يحتجز واحدة من أكبر البحيرات الاصطناعية في العالم، سوف تتأثر التوربينات داخل السد؛ لأنها مصممة على تلقي كميات معينة من المياه لإحداث الضغط المطلوب، وفي حال قلت كميات المياه ومعها الضغط المطلوب فستؤثر على كمية الطاقة المولدة".

ورأى أن مثل تلك التصريحات "تأتي في سياق طمأنة المصريين على وضع السد العالي، ولكن كل الدراسات الهندسية والعليمة تؤكد أنه في حال عدم التزام إثيوبيا باتفاق يلزمها بتخزين المياه بكميات ووقت معين خلال فترة ملء السد سوف تتأثر بلا شك قدرات السد التوليدية، ونأمل ألا يحدث ذلك بأي حال من الأحوال".

اقرأ أيضا: سياسي مصري: النظام يسوّف بملف النيل لتمرير الانتخابات

تناقض وزير الري

وفند أستاذ هندسة السدود، محمد حافظ، تصريحات وزير الري المصري، متسائلا: "أيهما نصدق الوزير الذي وقف الشهر الماضي أمام البرلمان رافعا شعار (أنا مش مطمئن، وأنتم أيضا يجب ألّا تطمئنوا، وإنه يخزن المياه في الجراكن بسبب نقص المياه الحالي، أم الوزير الذي نفى كل ما قاله من قبل بشأن سد النهضة، في حواره لجريدة الأخبار".

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "إثيوبيا تبني اليوم سدا جديدا يعلو سد النهضة يعرف بسد (مانديا)، وبسعة تخزينية تصل لـ27 مليار متر مكعب، فكيف لسد النهضة المعتمد كليا على تصريف سد مانديا أن يخزن 74 مليار متر مكعب ما لم يستول على كامل فيضان النهر لمدة 3 سنوات متواصلة مع حرمان مصر من أي نقطة من تدفقات النيل الأزرق، والذي يمثل 60% من إجمالي حصة مصر ذات الـ55.5 مليار متر مكعب؟".

ورهن عدم تضرر السد العالي بتخزين المياه خلف السد الإثيوبي بـ"أن يرجع تصميم سد النهضة إلى ما كان عليه قبل ثورة 25 يناير 2011 حيث كانت سعته التخزينية لا تزيد على 11.1 مليار متر مكعب، وقدرة إنتاجية لتوليد الطاقة لا تزيد على 1800 ميجاوات، وهذا هو التصميم الصحيح لسد يقع بمنتصف المجري المائي كما صممته هيئة استصلاح الأراضي الأمريكية عام 1964 ردا على بناء مصر للسد العالي".

وبين أن "السعة التخزينية لسد النهضة تصل إلى 100 مليار متر مكعب على مدار 3 سنوات لو أضفنا فواقد التبخر والرشح خلال الفوالق الجيولجية أثناء التخزين، وهذه الكمية كان من المفترض أن تصل لبحيرة ناصر أمام السد العالي؛ ما يعني ببساطة نقص حصة مصر سنويا بقرابة 33.3 مليار متر مكعب، والسؤال هنا لوزير الري المصري: هل خصم 33.3 مليار متر مكعب من الحصة المصرية؟ هل ستؤثر سالبا على أداء السد العالي أم لا تؤثر؟؟".

بدائل مصر

في المقابل نفى أستاذ اقتصاد زراعي بالمركز القومي للبحوث د.يحي متولي أن يتأثر السد العالي ببدء إثيوبيا تخزين المياه، وأكد لـ"عربي21" أن هناك اتفاقيات دولية تحكم موضوع تخزين المياه خلف السد الإثيوبي"، داعيا في الوقت نفسه إلى عدم الانجرار وراء "الإشاعات والمتشككين في هذا الصدد".

لكنه استدرك قائلا: "حتى لو تأثر السد العالي بتخزين المياه، فمصر تسير في الاتجاه الصحيح من خلال التوجه لأنواع أخرى من الطاقة، كالطاقة النووية المتمثلة في مفاعل الضبعة الذي سيعمل في غضون سنوات قليلة، والطاقة الشمسية في أسوان التي تزخر بالشمس طوال العام، وستوفر الكثير من الطاقة والمال والوقت والجهد، بالإضافة إلى حقول الغاز المكتشفة، سواء في المتوسط، أو في دلتا النيل".

اقرأ أيضا: انحسار منسوب مياه النيل رغم انتهاء السدة الشتوية (شاهد)