هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فتح إعلان اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن تأجيل دخول قافلة المساعدات للمناطق المحاصرة في الغوطة، الخميس، الباب أمام تساؤلات حول دوافع النظام وروسيا من وراء ذلك، لا سيما أن النظام منع من قبل إدخال جزء من المواد الطبية، فيما لم يتسن تفريغ بعض الشاحنات في القافلة السابقة، يوم الاثنين، بسبب تلقي القافلة أوامر بالتحرك الفوري.
وبينما أرجع محللون تحدثت إليهم "عربي21" ذلك إلى حرص النظام وروسيا على حرمان المعارضة المحاصرة من عوامل الصمود، تحدث البعض عن خلافات روسية- إيرانية بهذا الشأن.
صراع أجنحة
وفي هذا السياق، تحدث رئيس وحدة الأبحاث والدراسات في "مركز برق للاستشارات والدراسات المستقبلية" محمود إبراهيم، عن صراع داخل أجنحة قوات النظام بحسب المرجعية لروسيا أو لإيران، يعيق دخول القافلات إلى الغوطة المحاصرة.
وأوضح الباحث لـ"عربي21" أن قوات النظام على جبهات الغوطة مقسومة إلى قسمين، الأول يتلقى الأوامر من قيادة عمليات "حميميم" وعلى رأسها الحرس الجمهوري وما يسمى بـ"قوات النمر"، أما الثاني هي عبارة عن مليشيات غير منضبطة وتتمتع بوتيرة هجوم كثيفة وعالية، وتتلقى أوامرها بشكل مباشر من قيادة أركان النظام في دمشق التي يقودها الأدميرال الإيراني علي شامخاني، ومن غرفة عمليات "الكسوة" الإيرانية التي تجهز نفسها لتسلم ملف الغوطة.
وتابع إبراهيم أنه نتيجة لهذا الصراع ما بين الجناحين، تفشل جهود روسيا بإدخال المساعدات، الجهود الهادفة إلى تجميل صورة الأخيرة البشعة دوليا، على حد تعبيره.
وقال، إن "المليشيات غير المنضبطة تعرقل إدخال المساعدات من باب التمرد على أوامر ورغبات روسيا التي تحاول الترويج لنفسها، على أنها مهتمة بمعاناة المدنيين في الغوطة المحاصرة".
شركاء
من جانبه، خالف الكاتب الصحفي المتخصص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد ما ذهب إليه محمود من حديث عن صراع أجنحة ورغبات إيرانية، حيث اعتبر أن "موسكو ودمشق وطهران شركاء في ما يجري".
وأضاف لـ"عربي21" أن المسألة بغاية البساطة، هم يدركون أن دخول مواد غذائية وطبية تشكل عوامل صمود للمدنيين بالدرجة الأولى، ولذلك يحاولون بذرائع واهية منع تحرك المساعدات الإنسانية.
وأشار عبد الواحد إلى أن موسكو تحمي نفسها حين تزعم أن القافلة كانت جاهزة، وتقول إن المعارضة تستهدف الطريق؛ لذلك تعذر تحرك القافلة، واستدرك: "إنما هناك ممثلون عن الصليب الأحمر ويرون الحقيقة وهذا لن يساعد موسكو".
وقال: "ربما على الأرض تظهر روسيا الأمر وكأن النظام خلف منع القافلة كي لا توجه لها الاتهامات مباشرة، لكن باعتقادي أن روسيا ما عادت مكترثة في الوقت الراهن برد الفعل الدولي".
وأردف أن روسيا تسعى لتشكيل أكبر ضغط على الغوطة وتأمل بأن يستسلم الناس ويخرجون، وهي تسعى جاهدة لكسر صمود الغوطة، وبالدرجة الأولى من خلال الضغط على المدنيين، تحت أي ثمن.
وأضاف، أن كل يوم صمود في الغوطة يقرب هزيمة مخطط النظام والأطراف الداعمة له، لذلك ليس من مصلحة كل هذه الأطراف إدخال المساعدات.
حرب نفسية
وفي تعليقه على ذلك، قال الباحث في مركز "جسور للدراسات" عبد الوهاب عاصي، لـ"عربي21" إن "الأمر لا يخرج عن السياسة الروسية في استهداف السكان المدنيين بالشكل الذي يساهم في إخضاعهم".
ولفت إلى قصف روسيا المراكز الحيوية والمنشآت الطبية والوحدات السكانية بأسلحة محرمة فتاكة، وأضاف: "هذا الأمر مؤشر مهم على أن موسكو غير آبهة بأي حديث يتعلق بسمعتها".
واستدرك عاصي بقوله: "لكن هذا لا يعني ألا تكون المليشيات الشيعية تعمد على التدخل في هذا الملف بالغوطة، كما جرى في حلب أواخر العام 2016، حين عرقلت المليشيات الإيرانية عبور الباصات التي كانت تجلي سكان الأحياء الشرقية، ما أدى لتدخل روسي في النهاية".