هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "بوليتكو" مقالا للباحثين إليوت أبرامز وزاخاري شابيرو، يتحدثان فيه عن مدى استعداد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاشتعال حرب جديدة بين لبنان وإسرائيل، في ظل الغليان على الجبهة اللبنانية.
ويذهب الكاتبان إلى القول إنه لا توجد مؤشرات كثيرة تدل على أن إدارة ترامب مستعدة لاشتعال حرب، قد تؤدي إلى تورط مواطنين أمريكيين في صراع خطير.
ويقول الباحثان إنه "خلال حرب لبنان عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل علق آلاف الأمريكيين، في الوقت الذي ضربت فيه صواريخ حزب الله إسرائيل، وردت إسرائيل بقصف أهداف في لبنان، وتجاوزت أمريكا التحديات اللوجستية لإخلاء 15 ألف أمريكي من 25 ألفا في وقتها".
ويشير الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "بعد أكثر من عقد عن تلك الحرب، فإن حزب الله وإسرائيل لا يزالان على شفير حرب أخرى، لكن لا يبدو أن أمريكا مستعدة، ما يترك آلاف المواطنين معرضين للخطر في حال وقوع صراع، والآن هو الوقت الذي على أمريكا أن تعد فيه إخلاءها القادم لرعاياها وتتعلم من أخطائها عام 2006".
ويجد الباحثان أنه "مع تواصل التوتر بين إسرائيل وحزب الله، فإن احتمال نشوب حرب أصبح يبدو أكثر احتمالا، وهناك عدد من المحللين يتوقعون صداما مباشرا، وكتبت المسؤولة السابقة في وزارة الدفاع: (وقوع حرب جديدة بين إسرائيل وحزب الله لابد منه)، محتجة بتصادم لـ (الأهداف الاستراتيجية) وأيضا بأن (شعبية حزب الله الإقليمية وصلت إلى الحضيض، وأن مؤهلاته القائمة على معاداة إسرائيل تلطخت بسنوات من قتل السوريين، وتحتاج إلى تلميع)".
ويلفت الكاتبان إلى أن حزب الله يستمر في استفزاز القوات الإسرائيلية، ويعلن عن استعداده للحرب، من خلال خطابات زعيمه حسن نصر الله، الذي يهدد إسرائيل دائما بالحرب، ويستعرض إمكانيات حزب الله، حيث قال في 2017 إن "أي قوة عسكرية إسرائيلية تدخل لبنان ستهزم"، ويهدد حتى المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا.
ويفيد الباحثان بأن "حزب الله تعززت قوته منذ حرب 2006، حيث يقدر المسؤولون الإسرائيليون بأن لديه 150 ألف صاروخ من مختلف الأنواع ونطاق المسافات، بالإضافة إلى أن الغارات الإسرائيلية على سوريا منذ عام 2006 كانت في الغالب تستهدف الجهود الإيرانية بمد حزب الله بصواريخ أكثر تطورا وأكثر دقة، حيث كانت تستهدف قوافل الأسلحة، وفي الفترة الأخيرة مواقع تخزين أو تصنيع للأسلحة، وقد تشتعل الحرب بعدة طرق، بما في ذلك عن طريق الصدفة".
ويرى الكاتبان أنه "إن نشبت الحرب فإنها ستكون أسوأ من حرب عام 2006، فترسانة حزب الله أكبر، وفيها أسلحة أكثر تقدما من ذي قبل، وهذا يعني أنها يمكن أن تلحق أذى أكبر بإسرائيل، ففي عام 2006 تسبب القتال في لبنان و4000 صاروخ بقتل حوالي 50 مدنيا إسرائيليا و120 عسكريا، وتسبب بنزوح 300 ألف نسمة عن بيوتهم، ولذلك يهدد الإسرائيليون، مثل رئيس العمليات في الجيش الإسرائيلي الجنرال نيتزان آلون، حيث قال إن إسرائيل ستستخدم (أقصى قوة ممكنة في أقصر فترة من الوقت)".
ويذكر الباحثان أن "حزب الله قام في 2006 بعبور الحدود، وقتل عدة جنود إسرائيليين، وأسر اثنين، فردت إسرائيل بأسبوعين من القصف، ثم بدأت عملية برية محدودة، وتأخر العملية البرية ساعد أمريكا على إخلاء رعاياها، لكن هذا في الغالب لن يتكرر في حرب جديدة، وكانت صحيفة (جيروزاليم بوست) أشارت في أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى أن الجيش الإسرائيلي قام بمناورات لمدة أسبوعين كانت الأكبر منذ عشرين عاما؛ استعدادا لحرب متوقعة مع حزب الله".
وينوه الكاتبان إلى أن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية حذروا من أن الحرب مع حزب الله هذه المرة ستكون أكثر دموية للجانب اللبناني، وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأنه "إذا اضطر سكان تل أبيب أن يعيشوا في الملاجئ فإن سكان بيروت سيضطرون للملاجئ"، كما حذر رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق الجنرال عاموس يادلين من أن إسرائيل لن تفرق بين حزب الله ولبنان، فيما كان رئيس الأركان غانتز حذر في 2014 بأن إسرائيل "ستعيد لبنان 70-80 عاما للوراء"، مشيرين إلى أنه في واشنطن كتب السيناتور ليندسي غراهام بعد زيارة لإسرائيل في آذار/ مارس 2018، أن حزب الله يخزن الصواريخ، وقال إن "على إسرائيل مهاجمة مواقع الصواريخ، التي أنشأها حزب الله في البنية التحتية المدنية، مثل البنايات السكنية والمدارس والمستشفيات".
ويفيد الباحثان بأن "حرب 2006 بدأت في 12 تموز/ يوليو، وبدأ البنتاغون عملية إخلاء الرعايا الأمريكيين في 14 تموز/ يوليو، وجعل القيادة المركزية مسؤولة عن العملية، وهي بدورها قامت بتحريك سفن من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض، من خلال قناة السويس، وخلال أيام بدأت الحكومة باستئجار سفن تجارية، والتواصل مع الرعايا الأمريكيين، وكان قد تم إخلاء أول مجموعة من بيروت إلى قبرص بالهيلوكوبتر يوم 16 تموز/ يوليو، وخلال أسبوع وصل عدد الرعايا الذين وصلوا الجزيرة إلى 10 آلاف، وتم نقل أمريكيين آخرين إلى قاعدة أنجيرليك في تركيا، وبالمجمل فإنه تم إخلاء 15 ألف أمريكي خلال ثلاثة أسابيع -مع حلول 2 آب/ أغسطس- دون أن يقتل أو يجرح أي منهم خلال العملية، ولم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار إلا في 14 آب/ أغسطس".
ويستدرك الكاتبان بأنه "مع أن عملية الإخلاء كانت ناجحة بالمجمل، لكن كانت هناك صعوبات دعت لتغييرات، وستكون أهم في حرب أكبر وأعقد، فبحسب تقرير لتقييم عملية الإخلاء نشر عام 2007، فإن وزارة الخارجية والبنتاغون وجدتا تحديات مهمة عديدة، فأولا تمت العملية خلال الحرب، حيث كانت طرق الإخلاء مغلقة، بالإضافة إلى أن استخدام البحر بشكل آمن كان يتطلب تنسيقا مع إسرائيل التي كانت في خضم حرب، ولأن الحرب لم تكن متوقعة، فإنه لم تكن هناك إمكانيات بحرية موجودة لإجراء عملية إخلاء بحرية".
ويذهب الباحثان إلى أنه "إن وقعت حرب أخرى بين إسرائيل وحزب الله هذا العام، فإن هذه المشكلات كلها، التي تم ذكرها في تقرير 2007، ستتضاعف، وركز التقرير على ثلاثة جوانب تقصير: أولا، حجم الأزمة في لبنان أظهر ضعفا في إمكانية تجاوب الدولة. ثانيا، لم تتواصل الدولة بشكل جيد مع العامة، وبينهم رعاياها في لبنان وعائلاتهم وأصدقاؤهم في أمريكا، فمثلا وضعت الدولة ابتداء قيودا على إمكانية موظفي السفارة في بيروت لنقل معلومات ضرورية من خلال الإعلام للرعايا الأمريكيين الموجودين في لبنان، الذين يرغبون في الخروج. ثالثا، وجود ثقافتين مختلفتين ونظامين مختلفين في كل من وزارة الخارجية ووزارة الدفاع جعل من الصعب التعاون بينهما، وأدت هذه الفروق إلى سوء اتصال، وربما تأخير لاستئجار السفن والطائرات لإخلاء المواطنين".
ويبين الكاتبان أنه "مع بداية الحرب كان عدد الاتصالات في السفارة الأمريكية من مواطنين يريدون الإخلاء أكبر من أن تستطيع التعامل معه وحدها، فقامت بالاستعانة بالبنتاغون، ومع أن البنتاغون استطاع إخلاء 10 آلاف مواطن، في الفترة ما بين 14-23 تموز/ يوليو إلى قبرص، إلا أنهم واجهوا مشكلة في إقامتهم في قبرص، حيث كان ذلك في ذروة موسم السياحة، وكانت مهمة البنتاغون هي إخلاء المواطنين إلى مكان آمن، قاعدة عسكرية أو سفارة، والبقية تولته وزارة الخارجية، وبسبب شدة الحرب وجدت الوزارة أن خطط الطوارئ لديها لم تكن كافية للتعامل مع الأزمة، فمثلا لم يكن بالحسبان أن إسرائيل ستقوم بقصف المطار، وهو ما فعلته من بداية الحرب".
ويقول الباحثان إنه "بالإضافة إلى ذلك، فإن الكثير من المواطنين الأمريكيين لم يسجلوا مع السفارة، وطلبوا الإخلاء عندما بدأت الحرب، ولم يكن معروفا عددهم ولا أماكن وجودهم لموظفي السفارة، كما لم يكن تم حسب حسابهم في أي خطط طوارئ".
ويتساءل الكاتبان: "هل أمريكا جاهزة للجولة القادمة في لبنان؟ فهناك ما بين 15 ألف إلى 25 ألف أمريكي في لبنان، وربما يكون العدد أكبر، فإن وقعت الحرب ثانية لن يكون أمام السفارة في بيروت أسبوعان لإخلاء المواطنين، فمن المتوقع أن تغلق الموانئ الجوية والبحرية مرة أخرى، ومن الصعب إيجاد طرق برية خلال حرب في الجو وعلى الأرض، طبعا يمكن تجريب الهدن المؤقتة ويمكن خلالها فتح الموانئ لساعات كل مرة، ويمكن أن نفترض أن على البنتاغون تحمل المسؤوليات التي تحملها خلال حرب عام 2006 ذاتها وربما أكثر".
ويختم الباحثان مقالهما بالتساؤل: "هل هناك تجهيزات لاستخدام السفن الحربية، أو استئجار عبارات لنقل الرعايا؟ وهل أصبح سجل السفارة للرعايا الأمريكيين أفضل؟ وهل هي مستعدة للتواصل مع الرعايا ربما من خلال وسائل لم تكن متوفرة عام 2006؟ وهل بحثت أمريكا مع إسرائيل المسائل المتعلقة بالإخلاء واتفقت معها من الآن على خطط للتعاون في الإخلاء إن وقعت الحرب؟".