هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكك خبراء ومحللون اقتصاديون في قدرة الحكومة المصرية على الوفاء بالأرقام التي أعلنتها في الموازنة العامة للعام المالي 2018/ 2019، وقدر حجمها بنحو تريليون و412 مليار جنيه (نحو 80 مليار دولار فقط)، وتستهدف تحقيق معدل نمو يصل إلى 5.8% وخفض العجز الكلي إلى نحو 8.4%، مع الوصول بحجم الدين العام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي إلى نسبة 97%.
وقال رئيس الحكومة، في بيان الأحد، إن الموازنة الجديدة تتضمن استثمارات للعام المقبل تصل إلى 100 مليار جنيه، مقارنة بـ70 مليار جنيه هذا العام، بما يحقق الانتهاء من المشروعات القومية المتوقفة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وقال خبراء اقتصاديون لـ"عربي21" إن الحكومة المصرية عجزت عن الالتزام بالأرقام السابقة المعلنة في الموازنات العامة في الأعوام الماضية، ولم تحقق المرجو منها.
وعجزت الحكومة المصرية عن الوصول بالعجز في الموازنة العامة 2016- 2017 إلى 9.9%، ووصل إلى 10.9%.
وأخفقت في تحقيق معدل نمو 5.2% في موازنة 2016/ 2017، وحققت نموا بلغ نحو 4.1% فقط، أي بأقل من 1% بالمئة وأكثر.
كما فشلت الحكومة المصرية أيضا في خفض العجز في الموازنة إلى أقل من 9% من الناتج المحلي في 2017/ 2018، وقالت -في وقت لاحق- إنها تستهدف عجزا في الموازنة يتراوح بين 9.6% و9.8 %.
أرقام جيدة وأوضاع مروعة
وقلل المستشار الاقتصادي الدولي، حسام الشاذلي، من الأرقام التي أعلنتها الحكومة في موازنتها الجديدة، قائلا: "لا شك أن الاقتصاد المصري طبقا لكل المؤشرات يدخل في مرحلة تعاف وتحسن واضح، ولكن مع النظر إلى تدني مستويات المعيشة، خاصة محدودي الدخل، يمكننا وصف استراتيجية تعافي الاقتصاد المصري باستراتيجية 'العلاج بالسم".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "حالة القمع المستمرة وغير المسبوقة تفرض على الطبقة الكادحة تحمل أعباء كل الإصلاحات، والتي تطحن البسطاء ومحدودي الدخل في ظل عدم القدرة على الاعتراض أو المطالبة بأي حقوق"، مشيرا إلى أن "غياب أي دور حقيقي للمعارضة المصرية، ما يحدث نوعا من الاستقرار السياسي الكاذب الذي سيسمح بزيادة الاستثمارات الخارجية، ولكن على حساب الفقراء وأصحاب الدخول المتوسطة".
اقرأ أيضا: ماذا تحمل الموازنة الجديدة للمصريين؟
ووصف حالة تعافي الاقتصادي المصري بالصورة المضللة، متسائلا: "هل سيتمكن الشارع المصري من تجرع العلاج بالسم لفترة طويلة دون حدوث انفجار؟ وهل ستستمر المؤشرات الاقتصادية لتعطي صورة لتعافي اقتصاد أهم اتفاقياته الدولية في أيدي إسرائيل؟ هذا اقتصاد يخدم طبقات بعينها ولا يجد عامة الشعب فيه قوت يومه".
تراجع استثمارات الحكومة
وفيما يتعلق بالاستثمارات المعلنة بالموازنة الجديدة، التي تصل إلى 100 مليار جنيه، مقارنة بـ70 مليار جنيه هذا العام تذهب غالبيتها للمشروعات القومية، قال المحلل الاقتصادي، ممدوح الولي، لـ"عربي21"، إن "هذا الرقم يخالف ما أعلنته الحكومة في الموازنة الماضية، ويدل على تراجع المبالغ المخصصة للاستثمارات، وليس زيادتها".
وأوضح أنه "في موازنة 2017-2018 أعلنت الحكومة أنها خصصت 125 مليار جنيه كاستثمارات حكومية في المشروعات القومية، والبنية التحتية، وإذا بها في موازنة العام المقبل 2018-2019 تقول إنها رفعت حجم الاستثمارات إلى 100 مليار بدلا من 70 مليار جنيه".
مؤشرات عكسية
المحلل السياسي والاقتصادي، محمد السيد، أعرب بدوره عن عدم قدرة حكومة السيسي على تحقيق ما أعلنته في الموازنة الجديدة، قائلا: "الموازنة لن تستطع أن تتحقق بسبب عجز الموازنة في العام المالي 2017-2018، بما يقدر بنحو 375 مليار جنيه، ما يعني إضافة عبء جديد على الموازنة التي يفترض أنها تزيد بمقدار 200 مليار جنيه عن العام الماضي".
وأضاف لـ"عربي21": "السؤال من أين سيحصل على هذا المبلغ؟ ليس أمام حكومة السيسي سوى فرض مزيد من الضرائب، ورفع الدعم عن المحروقات والخدمات للحصول على هذه المبالغ، وذلك سيؤدي بالتالي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات".
وأردف قائلا: "الحديث عن تحقيق معدل نمو 5,8% في ظل المعطيات الاقتصادية الحالية هو ذر للرماد في العيون، وخفض عجز الموازنة لا يتحقق إلا بزيادة الإنتاج وخفض الإنفاق العام، كما هو معلوم للجميع، وما يحدث في حكومة الانقلاب هو العكس تماما، رغم رفع الدعم عن الكثير من السلع وفرض ضريبة القيمة المُضافة".
وعلى العكس، توقع أن تتدهور المؤشرات الاقتصادية "في ظل اللجوء للاقتراض من الخارج، ووصول حجم الدين حسب ما ذكرته وكالة فيتش إلى 100 مليار دولار، وسيزداد حجم الدين العام الكلي، فالقروض التي حصلت عليها حكومة الانقلاب تلتهم جزءا كبيرا من الإيرادات لسداد فوائد الدين". حسب قوله.