لماذا تنكر العالم العربي لفلسطين؟

نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا بينت فيه أن السعودية وحلفاءها من الدول العربية، أضحت تتعامل مع إسرائيل على أنها جزء من "الحل" لمواجهة التهديد الإيراني المتنامي في المنطقة، إلى درجة تهميش القضية الفلسطينية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه جد خلال الأسبوع الماضي مظاهرات في غزة شملت بعض الأراضي الفلسطينية، أسفرت عن مقتل 17 متظاهرا فلسطينيا على يد جند الاحتلال الصهيوني.

ورغم هذا الأسبوع الدامي، ظل الموقف العربي محتشما، ولم تعرب أي من مصر أو الأردن، اللتين تربطهما اتفاقية سلام مع إسرائيل، عن تنديدهما بأعمال العنف التي طالت الفلسطينيين العزل الذين سقطوا بالرصاص الإسرائيلي.

وذكرت الصحيفة أنه بعد مرور ثلاثة أيام على أحداث الأسبوع الدامي في فلسطين، أعلن ولي العهد محمد بن سلمان، عن اعترافه بحق إسرائيل في امتلاك أراضي في فلسطين، خلال حوار صحفي مع مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، في الثاني من نيسان/ أبريل.

في المقابل، اضطر العاهل سلمان بن عبد العزيز إلى التخفيف من حدة تصريح نجله معترفا "بحق الشعب الفلسطيني الشرعي في إعلان دولة عاصمتها القدس".

وخلال الزيارة التي أداها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التقى ولي العهد السعودي بشخصيات بارزة في مجال السياسة، والإعلام، والاقتصاد، كما عقد اجتماعات مع مجموعات اقتصادية موالية لإسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط سابقا، آرون ديفيد ميلر، أن "ممثل القيادة السعودية مستقبلا، محمد بن سلمان، خاض بشكل سطحي في موضوع القضية الفلسطينية خلال فترة إقامته في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدا مهتما بهوليوود أكثر من فلسطين".

وأضافت الصحيفة أن القادة العرب لطالما أبدوا تناقضا في المواقف بشأن "القضية الفلسطينية"؛ فهم لا يتوانون عن الإدلاء بتصاريح لفظية مؤيدة للقضية الفلسطينية، في حين أنهم يعتبرونها بمثابة العبء الثقيل.

اقرأ أيضا : حماس تجدد رفضها لكافة أشكال التطبيع العربي مع الاحتلال

ومنذ إعلان قيام دولة إسرائيل سنة 1948، وخاصة بعد حرب الأيام الستة سنة 1967، كانت القضية الفلسطينية علامة مسجلة في الخطابات الرسمية التي يلقيها القادة العرب.

في ذلك الوقت، أجمعت كل الطبقات السياسية والثقافية في المنطقة على أن إسرائيل تشكل تهديدا استراتيجيا، ما يستوجب مقاومتها ولو كان ذلك على الصعيد الظاهري فقط. أما في الوقت الراهن، يبدو أن الدول العربية قد طوت هذه الصفحة من تاريخ العلاقات العربية الإسرائيلية.


وأشارت الصحيفة إلى بروز تهديدات جديدة في المنطقة تعد أكثر خطورة من إسرائيل بالنسبة للزعماء السنة في السعودية، والإمارات، ومصر، والأردن. وتتمثل هذه التهديدات، أولا، في إيران الشيعية، والجماعات السنية المتطرفة، من بينها تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة. وتأتي، ثانيا، حركة الإخوان المسلمين التي تمتلك مفاتيح السياسة في كل من تركيا وقطر، بالإضافة إلى حركة حماس التي تدير قطاع غزة.

وبينت الصحيفة أن إسرائيل، التي تتفوق عسكريا على دول منطقة الشرق الأوسط، تخشى من الخطر الإيراني. وقد جعل هذا القاسم المشترك بين أقطار المنطقة من تل أبيب جزءا من الحل بعد أن كانت هي المشكل. في هذه الحالة، عملت الدول العربية بمبدأ "عدو عدوي هو صديقي".

وأفادت الصحيفة بأن المملكة العربية السعودية تراقب بقلق توسع المد الإيراني عبر ما يسمى "بالهلال الشيعي"، الذي ينطلق من منطقة الخليج وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط.

وخلال السنوات الأخيرة، حققت الجمهورية الإسلامية أهدافا في كل من العراق، وسوريا، ولبنان، وقطر، واليمن. في المقابل، أعلن محمد بن سلمان، عندما كان يشغل منصب وزير الدفاع، عملية عسكرية سنة 2015 على المتمردين الحوثيين المدعومين من قبل طهران في اليمن، إلا أن هذه العملية العسكرية قد باءت بالفشل.

اقرأ أيضا :  وول ستريت جورنال: لماذا تخلى قادة العرب عن الفلسطينيين؟

وحسب ما ورد في تقارير منظمة الأمم المتحدة، بلغت حصيلة القتلى في اليمن إلى قرابة عشرة آلاف مدني، كما تسببت الحرب في حدوث أسوأ أزمة إنسانية في العالم في الوقت الحاضر. ولسائل أن يسأل، هل يمكن أن يتأزم الوضع أكثر في حال دخلت الرياض في مواجهة مباشرة ضد طهران؟

وأوردت الصحيفة أنه خلال الحوار الذي أجراه مع مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، اعتمد ولي العهد السعودي في حديثه عن إيران مفردات عسكرية، حيث شبه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بالزعيم النازي السابق أدولف هتلر.

كما عبر عن عزمه شن حرب ضد إيران على الساحة "السياسية، والاقتصادية، والاستخباراتية"، مشيرا إلى "أن السعوديين يفضلون خوض حرب غير مباشرة".

وفي الختام، قالت الصحيفة إن فشل القيادة الفلسطينية يفسر تراجع اهتمام العالم العربي بالقضية. ففي قطاع غزة، يعد تقييم فترة حكم حركة حماس للقطاع على امتداد 11 سنة كارثيا. أما في الضفة الغربية، نسبت إلى السلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس، تهم الفساد.