هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يسبق للعرب في العصر الحديث أن التأموا كجرح يمتد بين محيط وخليج كما حدث هذه الأيام في موقفهم من الولايات المتحدة، فهم بلا استثناء ضد مواقفها خصوصا في العمليات العسكرية الثلاثية على سوريا، وقد يبدو هذا الكلام حلم يقظة أو ضربا من الهذيان السياسي، لكن الأمر يتطلب على ما يبدو فك اشتباك بين مفاهيم تداخلت، وإليكم التفصيل.
فالعرب الذين غضبوا من أمريكا وشجبوا عدوانها وتظاهروا وأحرقوا أعلاما، كان سبب غضبهم هو استباحة أوطانهم وانتهاك سماواتها والنيل مما تبقى على قيد التاريخ من سيادتهم، ولدى هؤلاء من الأسباب والدوافع الوطنية ما يشهرونه كالسيوف في وجوه خصومهم الذين يقفون على الشاطىء الآخر.
والعرب الذين انتظروا بفارغ الصبر حملة عسكرية على غرار تلك التي أعادت العراق إلى القرن التاسع عشر، كما قال الجنرال شوارتسكوف، غضبوا من أمريكا لأنها اكتفت بعملية عابرة دامت أقل من ساعة فقط، والمطلوب بل المرجو من واشنطن ومايسترو التغريدات الطريفة والكوميدية أحيانا هو تكرار ما حدث في العراق وفي الموعد ذاته، فالولايات المتحدة وبريطانيا تتمتعان بذاكرة تحفظ التقاويم بدقة، أما العرب فقد أصابتهم نوبة من الزهايمر السياسي؛ لهذا لم يربطوا بين التاسع من نيسان عام 2003 والتاسع منه وما أعقبه من الأيام الثلاثة عام 2018، ولم يربطوا أيضا بين موعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في الرابع عشر من أيام هذا العام، وبين هذا التاريخ عام 1948 .
إن ما يحدث لنا هو تنكيل بعد القتل، وسلخ للشاة والبعير معا بعد الذبح، لهذا فالحصانة ضد الألم بلغت حد التّمسحة!!
الدستور الأردنية