صلاح والعسكر

قديما قالوا: "رجعت ريما لعادتها القديمة"، وريما هنا هم جنرالات العسكر الذين تصوروا أن اللاعب المصري الخلوق والمرموق يجب أن يصبح ملك يمينهم. ولم لا؟ أليس لهم ملك مصر، ومحد صلاح من المفترض أن يكون من بين ممتلكات الجنرالات؟

تصور جهلاء العسكر أن وصول محمد صلاح إلى العالمية يجب أن يصب لصالحهم، ويرفع من شأنهم، ويعلي من قدرهم، ويرفع من رصيدهم في البنوك، وأن عليه (أي محمد صلاح) أن يمسي ويصبح متحدثا بفضل العسكر عليه وعلى آل بيته من بعده.

تخيل عسكر السيسي وجنرالات إعلامه ومرتزقة اتحاد الكرة أن محمد صلاح بقرة حلوب يسهل استغلالها وحلبها ليل نهار، وأن عليه الصمت والابتسام ورفع يديه مؤديا التحية العسكرية.. فالعسكر هم من منحه الموهبة، وهم من سهروا عليه ليالي طوالا حتى بلغ مبلغه من القوة في ميادين الكرة وخارجها، وبالتالي عليه أن يقبل بما يملون عليه، وإلا سيتم وصفه بناكر الجميل وبالابن العاق.

الحكاية بسيطة، لكنها مكررة تكرار وجود العسكر في السلطة، فهم يرون أنفسهم أصحاب الحق في أي انتصار أو أي إنجاز، حتى ولو كان إنجازا فرديا حققه لاعب بعرقه وصبره، كما الحال مع محمد صلاح.

القصة تعود إلى توقيع صلاح عقد دعاية مع إحدى شركات المحمول العالمية، وبموجب العقد لا يحق لصلاح أن يتعاقد مع أي شركة منافسة للشركة المعلنة وإلا فعليه غرامة مالية، وقد يتم حرمانه من المشاركة في مباريات كأس العالم المقبلة بعد شهرين لا قدر الله، فماذا فعل عسكر مصر والسيسي؟

قاموا، ومن خلال شركة محمول محلية يملكها الجيش أو يملك حصة في رأس مالها، (كما يملك بعض جنرالات الجيش المصري وحوارييهم حصصا أخرى)، بالتعاون مع الشركة الراعية لاتحاد الكرة المصري الواقع تحت سيطرة الجنرالات أيضا؛ باستخدام صور محمد صلاح المتعاقد مع الشركة الدولية حصريا، واستخدمتها للدعاية لمنتجاتها وخدماتها دون إذن من محمد صلاح، بحجة أن محمد صلاح ابن مصر البار، وأنه ما دام يلعب للمنتخب المصري فمن حق الجيش وشركاته ولواءاته وجنرالاته وإعلامه التكسب والتربح تحت شعار "ابن مصر البار".

نسي العسكر الذي أسقطوا الدستور والقانون منذ انقلابهم في 2013؛ أن العالم الحر لا يعرف ولا يعترف بهذه التصرفات الصبيانية، والتي تحمل كل معاني البلطجة، لذا فقد قام وكيل اللاعب المصري بالتواصل مع اتحاد الكرة، بعد أن وصلته شكاوى من الشركة العالمية المتعاقدة مع اللاعب المصري. ولأن اتحاد الكرة المصري يديره لواء اسمه سويلم، فلم يرد على وكيل اللاعب، ولم يعره اهتماما، فكيف يتجرأ وكيل محمد صلاح بمخاطبة هاني أبو ريدة، رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم، من دون أن يسبق اسمه بكلمة عزيزي أو السيد فلان الفلاني!

واستمر التجاهل، وحاول الجنرالات عبر أبواق الإعلام إرسال رسالة عدة لمحمد صلاح، مذكرين إياه بفضل مصر وفضلهم عليه، وكأنما يقولون له: اعقل يا صلاح.. افهم يا صلاح.. الشركة المصرية بتاعة الجيش وأنت تعلم الجيش ايده طرشة.. المهم محمد صلاح المحترف لجأ للأساليب القانونية ولم يعر أحدا منه اهتماما؛ لأنهم مجموعة من اللصوص الذين استولوا على اسمه وصورته دون إذن منه، وراحوا يتربحون من صورته دون مشاورته ولا مراجعته، حتى ولو من باب أن الصورة المستخدمة شبه صورته!!!

حين أدرك محمد صلاح أن القوم يريدون منه دفع الغرامة للشركة العالمية، والمقدرة بملايين الجنيهات، باعتبار أن الشركة المصرية ملك للجيش، وأنه كرجل وطني يجب عليه أن يدفع نيابة عن العسكر، ولم لا؟ أوليس العسكر هم من يرعون كل شيء في مصر؟.. حين أدرك صلاح ذلك، خرج على الملأ مستنكرا الطريقة الهمجية التي يتعاملون بها معه، مطالبا بطريقة أكثر تحضرا ورقيا. ويبدو أن الرسالة وصلت، وأن وزير رياضة العسكر أدرك مخاطر النصب على وباسم محمد صلاح، فخرج معلنا عن خطوات للحل قد تكون بداية الخروج من المأزق، ولكنني وبكل صراحة لدي أخبار سيئة عن نوايا سيئة للعسكر ضد محمد صلاح، وها أنذا أكتب محذرا من الاطمئنان إلى هؤلاء، فإنهم قوم لؤم لا يرضيهم سوى الخضوع التام والركوم الكامل والاستسلام لإرادتهم. وأعتقد أن درس أبو تريكة لا يزال ماثلا أمام العيون.

قاتل الله الجنرالات، ما دخلوا قرية إلا أفسدوها، ولا رياضة إلا تربحوا منها ومصوا دماء نجومها، ثم تركوها خاوية على عروشها...

وحفظ الله كل حر وأصيل ونبيل لم ينحنِ إلا لله..

#ادعم_محمد_صلاح