هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكلت نتائج أول انتخابات بلدية تشهدها تونس
بعد الثورة جدلا في الشارع التونسي بين من
اعتبرها "مخيبة للآمال" بالنظر لنسبة المشاركة التي لم تتجاوز 33.7 في المئة، وبين من وصفها بالخطوة الجيدة نحو تكريس مسار الانتقال الديمقراطي في
البلاد،لكونها أول تجربة انتخابات بلدية بعد الثورة.
وبانتظار النتائج النهائية والرسمية، أكد عضو الهيئة المستقلة
للانتخابات، عادل البرينصي، لـ"عربي21"، أنه بعد فرز تقريبا 95 بالمئة من الأصوات، تصدرت القوائم المستقلة -مجتمعة- المرتبة الأولى بنسبة 33 بالمئة من الأصوات، مشكلة بذلك المفاجئة في هذه الانتخابات البلدية، تلتها حركة النهضة بحوالي 29 في
المئة، ثم نداء تونس بـ22 في المئة..
فقدان الثقة في الطبقة السياسية
وفي قراءته لنتائج الانتخابات البلدية، اعتبر
المحلل السياسي شكري بن عيسى أن أهم ما يميز الانتخابات هو انخفاض نسبة المشاركة لا سيما من الشباب، "وهي
رسالة مضمونة الوصول تؤكد فقدان هذه الشريحة الثقة في الأحزاب السياسية التي أخلفت
بجميع وعودها الانتخابية، وفي مقدمتها التنمية والتشغيل، ولم تجد خيرا من سلاح
المقاطعة لمعاقبة هذه الطبقة السياسية".
وتابع بن عيسى في حديثه لـ"عربي21": "دخول المستقلين على خط التنافس
الانتخابي أمام أحزاب كبرى يعد مشهدا
جديدا لم تشهده الحياة السياسية في البلاد، وبالرغم من أنهم لا يشكلون كتلة سياسية
متجانسة، فقد وجد الناخبون فيهم بديلا
حقيقا عن القوائم الحزبية".
وشدد أن حزبي النهضة ونداء تونس، اللذين روجا لبقائهما في أعلى
هرم التنافس الانتخابي، خسرا مقابل ذلك من
خزان الأصوات الداعمة لهما، ومن قاعدتهما الشعبية الكثير،
مضيفا: "النهضة خسرت قرابة 450 ألف
من قرابة 950 ألف صوتوا لها في انتخابات 2014، والنداء فرط في قرابة 870 ألفا صوتا
من جملة مليون و280 ألفا، ولولا الاعتماد التكتيكي (غير المبدئي) من هذه الأحزاب
على المستقلين في قوائمها لكانت نتائجها أكثر انهيارا".
الخيار الأمثل
من جانبه، اعتبر القيادي في حزب النهضة، نوفل
الجمالي، "أن من يروج لخسارة النهضة قاعدتها الشعبية وأصوات أنصارها خلال هذه
الانتخابات لم يفهم جيدا طبيعة هذا الحزب".
وتابع في تصريح لـ"عربي21": "لو افترضنا أن هناك عزوفا عن الانتخاب، رغم أني أرى نسبة الاقتراع محترمة جدا بالنظر
لأول تجربة بعد الثورة، هل يضمن من يروج لذلك أن المقاطعين كانوا سيصوتون لحركة
النهضة دون غيرها، وأنهم عاقبوها اليوم؟".
وأقر الجمالي مقابل ذلك بفقدان جزء كبير من
الشباب التونسي الثقة في الأحزاب السياسية يمينا ويسارا، مشددا في سياق آخر على "تواصل حركة النهضة في سياسة التوافق في الحكم مع منافسها حزب نداء تونس، مؤكدا أن
نتائج الانتخابات البلدية لن تغير شيئا في نهج التوافق الذي أقرته أعلى قيادات
الحركة منذ الانتخابات التشريعية".
وختم بالقول: "مشهد التوافق الذي فرضه
حزب النهضة ونداء تونس هو الخيار الأمثل لضمان استقرار البلاد، ومحاولة الخروج من
الأزمات الاقتصادية والاجتماعية".
خسارة متوقعة للنداء ودعوة للمراجعة
من جانبها، اعتبرت النائبة في البرلمان عن
كتلة "نداء تونس"، هالة عمران، أن خسارة حزبها في الانتخابات البلدية أمام
النهضة كان متوقعا.
وتابعت في حديث لـ"عربي21": "في ظل ما تعيشه البلاد من عزوف نسبة هامة من الشعب
التونسي عن الحياة السياسية بشكل عام والانصراف نحو مشاكل الحياة اليومية كارتفاع الأسعار وتواصل مشاكل البطالة، فإن مقاطعة جزء هام من التونسيين للانتخابات هي رسالة مضمونة الوصول لكل الطبقة السياسية، وعلينا في حزب نداء تونس أن نقوم
بمراجعات عميقة".
بدوره، أوضح الإعلامي ورئيس تحرير موقع "الجريدة"، باسل ترجمان، أن نتائج
الانتخابات البلدية أظهرت تراجع ثقة التونسيين في الأحزاب، وبالخصوص حزبي نداء تونس
والنهضة، محذرا من سلاح المقاطعة الشعبية، ومدى تأثيره على مسار الانتقال
الديمقراطي في البلاد.
وأضاف لـ"عربي21": "التجربة الديمقراطية حين تفقد
الدعم الشعبي لها تفقد معناها وجوهرها، والغرب يقيسون مدى نجاح الانتخابات بمستوى
التصويت وليس بالأحزاب الرابحة
والفاشلة".
اقرأ أيضا: كيف تفاعل المثقفون والسياسيون بتونس مع نتائج "البلديات"؟