أعلن رئيس الجامعة العليا للدفاع الوطني
الإيرانية العميد أحمد وحيدي؛ عن مناورات عسكرية بحرية إيرانية
عُمانية خلال الأيام القليلة القادمة، أثناء استقباله وفدا يضم نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة العمانية العميد حمد بن راشد البلوشي.
الإعلان جاء في توقيت شديد الحساسية بالنسبة لكل من إيران وسلطنة عُمان. فإيران رغم الجهود الأمريكية لعزلها، إلا أنها لا زالت قادرة على أحداث خروقات كبيرة بتوثيق علاقتها بالجار
الخليجي العربي بالطلاق مناورات بحرية مشتركة، والأهم من ذلك أنها تمكنت من تحقيق ذلك في ذروة الحملة الأمريكية التي ترافقت مع جولة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى المنطقة، وقبيل إعلان الرئيس الأمريكي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني بأيام.
فالإعلان عن المناورات المشتركة تبع جولة بومبيو، وكان بمثابة ماء بارد يصب على الرؤس الحامية في المنطقة العربية، والمندفعة وراء خطاب إعلامي وعمليات تحشيد وتعبئة تقودها إدارة ترامب والكيان الإسرائيلي، في حين تواجه معارضة أوروبية وروسية وصينية.
المناورات لا تعني طهران وحدها رغم الرسائل القوية التي تتضمنها. فمسقط بدورها تود تقديم رسائل قوية لدول الإقليم وللإدارة الأمريكية؛ إذ استضافت سلطنة عُمان جولات الحوار الأولى بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما وإيران، وبذلت جهودا كبيرة لتعزيز دورها كوسيط في الأزمة اليمنية قبيل حادثة اغتيال صالح الصماد، رئيس المجلس السياسي لتحالف الحوثيين في صنعاء، ما يعني أن مسقط لا ترغب بقطع صلاتها بطهران أو الانضمام لجهود محاصرتها واستهدافها عسكريا وأمنيا.
المناورات حملت رسائل قوية للرياض وأبو ظبي في ظل القلق العُماني من تصاعد وتنامي النفوذ الإماراتي في مناطق الجنوب اليمنية، قرب محافظتي المهرة وحضرموت وفي جزيرة سوقطرة. فتجاهل مصالح سلطنة عُمان في اليمن والخليج العربي يفاقم من أزمة البيت الخليجي، ويعمق أزمته ويفسر السلوك السياسي للسلطنة.
رسائل مسقط لا تقل أهمية عن الرسائل التي تحاول طهران إرسالها من خلال المناورات البحرية المشتركة. فكل من البلدين يستشعر خطرا كبيرا يهدد استقراره وأمنه ودوره في الإقليم، ما يدفعهما لمزيد من التعاون، فضلا عن وجود مصالح اقتصادية متنامية ومتعاظمة بين البلدين. فمسقط تتخذ إجراءات وقائية إلى جانب طهران؛ تحمل في باطنها رسائل قوية لكل من الرياض وأبو ظبي تحديدا، بل والولايات المتحدة الأمريكية. فمسقط غير معنية إلى حد كبير بالعقوبات الأمريكية التي جاءت بعد اتفاق أشرفت عليه الإدارة الأمريكية السابقة وتخلت عنه إدراة ترمب، مضعفة مصداقية السياسية الأمريكية واستقراراها وجدوى الاعتماد عليها في المرحلة الحالية.
المناورات في المحصلة النهائية كشفت عن عنصر مهمل آخر؛ يكشف تشرذم وهشاشة جهود الإدارة الأمريكية لإنشاء تحالف صلب ضد إيران، يضاف إلى العناصر المتعلقة بالحلفاء الأوروبيين والقوى الدولية، كالصين وروسيا. فجهود الإدارة الأمريكية تقوم على قاعدة دبلوماسية رخوة وجهود مجزوءة وغير متماسكة؛ بإهمالها مصالح القوى الإقليمية في الخليج العربي وحقائق الأزمة في البيت الخليجي، لتضاف إلى العناصر المتراكمة المثبطة للسياسة الأمريكية التي تقف على رأسها ضعف المصداقية السياسية والالتزام بالاتفاقات التي تعقدها مع الدول.