طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، جميع
أطراف النزاع في مدينة درنة الالتزام باحترام قوانين الحرب وتجنيب المدنيين
والبنية التحتية المدنية للأذى.
وقالت "رايتس ووتش" : إن سكان درنة
الذين يعانون من حصار عسكري امتد قرابة عامين، يستعدون لمعركة طويلة محتملة
للسيطرة على مدينتهم"، مطالبة كبار القادة "بضمان اتخاذ المقاتلين تحت
قيادتهم جميع التدابير الممكنة لتجنيب المدنيين الأذى".
وأوضحت المنظمة في تقريرها اليوم الإثنين، أن
القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة
حفتر بدأت عملية برية وجوية لانتزاع مدينة
درنة شرق
ليبيا من تحالف جماعات مسلحة، وفي 3 أيار/مايو شن مقاتلو الجيش التابع
لعملية الكرامة هجوم بريا على جنوب المدينة، بحسب ما أفاد قاطنان من درنة لـ"رايتس
ووتش" عبر الهاتف.
ووفقا لتقرير المنظمة، فقد امتدت رقعة القتال
منذ 3 أيار/مايو إلى الجزء الشرقي من المدينة، وشمل هجمات برية وغارات جوية،
معظمها ليلا، ضد مواقع مجلس شورى درنة ، وتحدثت تقارير عن وفيات بين المقاتلين دون
ضحايا مدنيين.
وأكدت "رايتس ووتش" ان قوات اللواء
المتقاعد خليفة حفتر ألحقت أذى كبيرا بالمدنيين أساءت معاملتهم.
حصار المدينة
وأشارت المنظمة، أن قوات عملية الكرامة تدير
نقاط تفتيش، ما يحد بشدة من قدرة المدنيين على مغادرة المدينة ودخولها، وأكد اثنان
من سكان درنة، أن الحصار يتسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتزايد ندرة
بعضها، وأن النفايات تتراكم في مناطق مختلفة بسبب القيود المفروضة على استقدام
الوقود اللازم إلى المدينة لقيام السلطات البلدية بتوفير خدمات النظافة الملائمة.
ودعت المنظمة، جميع الأطراف السماح بـ"المرور
السريع دون عوائق" للمساعدات الإنسانية وللعاملين في المجال الإنساني للوصول
إلى المدنيين المتضررين وتيسير ذلك، بما يشمل المناطق المحاصرة كدرنة، مؤكدة أن
جميع أطراف النزاع ملزمون بالسماح بمرور حر وآمن للمدنيين الراغبين بمغادرة درنة.
الأعمال العدائية
وقالت المنظمة، إن جيش التابع لعملية الكرامة
وجهات أخرى تدعمه كالحكومة المصرية، شنوا غارات جوية ضد أهداف الجماعة المسلحة منذ
2014، ما تسبب بمقتل مدنيين وأضرار بالبنية التحتية المدنية، وقد تسببت غارات
شنتها قوات مجهولة في 30 تشرين أول/أكتوبر 2017 بمقتل 16 مدنيا، بينهم 12 طفلا،
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها، ولم تحقق السلطات الليبية أو غيرها في الحادثة.
وناشدت "رايتس ووتش"، بموجب قوانين
الحرب، جميع الأطراف المتحاربة بتوجيه هجماتها ضد أهداف عسكرية فقط، وحظر شن هجمات
متعمدة أو عشوائية أو غير متناسبة ضد المدنيين والبُنى المدنية، مطالبة من كافة
الأطراف المتحاربة "اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة" لتجنب أو تقليل
الأذى بين المدنيين والإضرار بالأعيان المدنية.
التدقيق في المدنيين الفارين
وشددت المنظمة الحقوقية في سياق تقريرها، على
أطراف النزاع افتراض أي شخص يغادر منطقة النزاع هو مدني، ما لم يثبت عكس ذلك، وأن
عملية التحقيق يجب أن تستغرق ساعات فقط، لا أيام أو أسابيع، مطالبة بضرورة السماح
للوكالات أو الموظفين المخولين بتنفيذ مثل هذه الإجراءات، وضرورة معاملة أي شخص محتجز
لأكثر من بضع ساعات كمعتقل ومنحه جميع الحقوق الواجبة للمحتجزين وفق القانونين
الليبي والدولي.
كما طالبت المنظمة، بضرورة معاملة الأطفال
المشتبه بتجنيدهم واستخدامهم لارتكاب أفعال تنتهك القانون الدولي، كضحايا في
المقام الأول، لا مجرمين، ومحاولة إعادة تأهيلهم وإدماجهم، لا عقابهم، داعية
السلطات للبحث عن بدائل لإخضاع الأطفال للإجراءات القضائية، مطالبة سلطات التحقيق
والاحتجاز عدم افتراض انتماء الشخص إلى جماعة مسلحة فقط بناءً على جنسه أو عمره أو
عائلته أو انتمائه القبلي، وفق نص التقرير.
كما ناشدت "رايتس ووتش"، سلطات
الاعتقال بالإعلان عن عدد المقاتلين والمدنيين القتلى أو المعتقلين نتيجةً للأعمال
العدائية، وفق ما نقل التقرير.
القتل خارج القضاء
ووثقت المنظمة، منذ عام 2016 سلسلة من عمليات
القتل خارج نطاق القضاء شملت مدنيين والإعدام بإجراءات موجزة (أي دون احترام
الإجراءات الواجبة) بحق المقاتلين المحتجزين، معظمهم في شرق ليبيا وطرابلس
والمنطقة الجنوبية.
وفي يناير 2018، قام القائد من قوات الكرامة
محمود الورفلي، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية منذ 2017 بتهمة ارتكاب جرائم
حرب، بإعدام 10 أشخاص، ردا على تفجير مسجد في بنغازي أسفر عن وفيات، ولم تحمّل
قوات الكرامة أي شخص المسؤولية عن الجرائم ورفض تسليم محمود الورفلي إلى
"المحكمة الجنائية الدولية"، بحسب ما ذكرت المنظمة.
النزوح القسري الجماعي
وحذرت "رايتس ووتش" من أن تؤدي
الأعمال العدائية المسلحة في درنة إلى نزوح جماعي للمدنيين، ما ينطوي على خطر عدم
السماح للأشخاص بالعودة إلى منازلهم، بحسب التقرير.
ولفت التقرير، إلى أن قوات عملية الكرامة
والجهات التابعة له منعت منذ 2014، آلاف العائلات من العودة إلى ديارها، واتهمها
"بدعم الإرهاب"، مطالبا السلطات ضمان تمكّن المدنيين المهجّرين قسرا من
العودة إلى منازلهم بأمان وحمايتهم من الأعمال الانتقامية.
يذكر أن المحكمة الجنائية الدولية مختصة بجرائم
الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال الإبادة الجماعية المرتكبة في ليبيا منذ 15
فبراير 2011، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1970.