يشهد قطاع
غزة منذ ساعات الصباح الأولى تصعيدا إسرائيليا هو الأعنف منذ سنوات، حيث استهدفت الطائرات والمدفعية
الإسرائيلية عشرات الأهداف في قطاع غزة كان من أبرزها تدمير نفق عسكري يتبع للمقاومة الفلسطينية جنوب قطاع غزة يمر بإسرائيل عبر الأراضي المصرية.
ويأتي الرد الإسرائيلي بعد قصف المقاومة في غزة لمواقع عسكرية على الحدود الشرقية لقطاع غزة بـ (25) قذيفة هاون، كرد على استهداف الجيش لنقاط رصد تابعة للمقاومة ما أدى لارتقاء شهيدين من سرايا القدس الأحد الماضي.
وتصاعدت حدة التوتر في الساعات الماضية حيث أفادت مصادر إسرائيلية عن وصول عدد من صواريخ المقاومة لداخل العمق الإسرائيلي لمسافة 20 كيلومترا، في حين ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية عن تخطي عدد قذائف الهاون والصواريخ التي أطلقت منذ الصباح حاجز 80 قذيفة.
ويشهد قطاع غزة منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 من آذار/ مارس الماضي سياسة إسرائيلية تقوم على استهداف مواقع عسكرية وتدمير البنى التحتية للمقاومة في خرق لقواعد الاشتباك المعمول بها منذ الحرب الإسرائيلية صيف العام 2014.
ويرى مراقبون أن التصعيد الإسرائيلي قد يكون مقدمة لمواجهة عسكرية شاملة في حال استمر الطرفان بالقصف المتبادل، خصوصا وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد هدد برد قوي إذا استمرت الفصائل بقصف العمق الإسرائيلي.
مواجهة محدودة
إلى ذلك أوضح الخبير والمختص بالشؤون الإسرائيلية، سعيد بشارات، أن "جولة التصعيد الإسرائيلي الحالية ستبقى محدودة في إطار القصف والقصف المتبادل ما لم يحدث أي تطور من قبيل سقوط ضحايا من الطرفين، وهذا نابع من شعور الجانب الإسرائيلي بعدم الرغبة في الدخول بمواجهة عسكرية شاملة مع حماس لأن من شأن ذلك التأثير على سير خطة الرئيس دونالد ترامب فيما بات يعرف بصفقة القرن التي من المقرر أن تعرض تفاصيلها منتصف الشهر القادم".
وأضاف بشارات في حديث لـ"
عربي21" أن "المستوى السياسي في إسرائيل تفاجأ من ردة فعل المقاومة الفلسطينية، حيث كانت القناعات المترسخة لديه بأن قواعد الاشتباك قد تغيرت لصالح إسرائيل تحديدا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة وأن حركة حماس لا ترغب في الدخول بمواجهة عسكرية، ولكن ما جرى اليوم أثبت فشلا إسرائيليا في إدراك وتصور ردة فعل المقاومة".
وأكد بشارات أن "تهديدات نتنياهو ما هي إلا محاولة لطمأنة الجمهور الإسرائيلي بأن الأمور تحت السيطرة، منوها إلى أن ترجمة هذه التهديدات على أرض الواقع ستبقى مرهونة بحصول نتنياهو على دعم من قادة الأحزاب الإسرائيلية وقادة الجيش من إمكانية توسيع رقعة المواجهة مع حماس أو إبقائها ضمن السقف الحالي مع إعطاء فرصة للجانب المصري بالتدخل لفرض تهدئة أو العودة إلى الوضع الذي كان معمولا به قبل دخول هذا التصعيد على أرض الواقع".
يشار إلى أن حركتي حماس والجهاد أصدرتا بيانا مشتركا قبل قليل تؤكد فيها مسؤوليتهما عن القصف الذي طال المستوطنات الإسرائيلية مؤكدتين في نص صريح في البيان أن القصف بالقصف والدم بالدم وسنتمسك بهذه المعادلة مهما كلف ذلك من ثمن. وهو ما يعطي إشارة إلى وجود رغبة لدى فصائل المقاومة بفرض قواعد جديدة للاشتباك تقوم على مبدأ المعاملة بالمثل.
سيناريوهات المرحلة القادمة
من جانبه أكد الكاتب والمحلل السياسي، محمد مصلح، أن "ما قامت به المقاومة الفلسطينية صباح اليوم يؤكد أننا دخلنا مرحلة جديدة من الصراع مع الجيش الإسرائيلي، وهي تأتي بمثابة رسائل شديدة اللهجة موجهة لإسرائيل بأن مرحلة القصف من طرف واحد لم تعد قائمة منذ هذا التاريخ وعلى إسرائيل أن تدرك أن الكلمة الأولى والأخيرة باتت بيد المقاومة التي لن تقف بموقف المتفرج إذا التصعيد الإسرائيلي".
وأكد المحلل السياسي في حديث لـ"
عربي21" أن السيناريوهات المتوقعة ستنحصر في احتمالين أساسيين أولها استمرار المقاومة بضرب الأهداف الإسرائيلية بشكل محدود دون توسيع رقعتها الجغرافية لتحقيق سياسة الردع الأمنية مع إسرائيل، والسيناريو الثاني هو توسيع رقعة المواجهة دون أن تتطور إلى حرب شاملة وهذا السيناريو هو الأقرب للتطبيق ولكن نجاحه سيكون مرهونا بردة الفعل الإسرائيلي في حال قررت استهداف قيادات الفصائل وهنا ستكون المقاومة مطالبة بالرد على هذا الاستفزاز".
قواعد جديدة للاشتباك
من جانبه أكد الخبير العسكري، إسلام شهوان، أن "المقاومة في غزة نجحت في هذه المواجهة في فرض معادلة جديدة مع إسرائيل رغم أن الضربات العسكرية التي وجهتها للعمق الإسرائيلي ما زالت محدودة وجميعها انحصرت في حدود مستوطنات غلاف غزة".
وأضاف شهوان في حديث لـ"
عربي21" أن "المواجهة الحالية ربما تكون قد شارفت على الانتهاء حتى هذه اللحظة والدور الآن للوساطات السياسية التي قد تقودها مصر لإقناع الفصائل بالتهدئة، ولكن ردة فعل الجيش الإسرائيلي في الساعات القادمة قد تقلب الموازين في حال قرر توسيع رقعة القصف داخل القطاع وهو ما قد يدخل الطرفين في مواجهة مفتوحة كما جرى في الحروب الثلاث الأخيرة".