قدّمت المحامية الفرنسية، أنغريد ميتون، بالنيابة عن مواطن ليبي، في
الثامن عشر من نيسان/ أبريل الماضي، شكوى ضد اللواء المتقاعد خليفة
حفتر لدى مكتب الجرائم
ضد الإنسانية في العاصمة الفرنسية باريس، مع تقديم نفسه طرفا مدنيا على أساس الاختصاص
العالمي، بتهمة تعرض المشتكي للتعذيب في نهاية عام 2014.
وقُدمت هذه
الدعوى ضد حفتر في الوقت الذي كان فيه الأخير يخضع للعلاج
في
فرنسا، بعد تعرضه لوعكة صحية شهر نيسان/ أبريل الماضي.
ويعدّ المشتكي وعائلته واحدا من ضحايا كثيرين تعرضوا للبطش والتعذيب
من قبل قوات حفتر، والتي كانت تخضع لأوامره خلال
عملية الكرامة التي سيطر من خلالها
حفتر على شرق
ليبيا.
وتعرضت عائلة المشتكي للاعتداء دون أي سبب خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر
2014، وقد قُتل جرّاء هذا الاعتداء عدد من أقاربه، وإثر ذلك اعتقل أفراد المجموعات
المسلحة التابعة لعملية الكرامة المشتكي، وأخضعوه للتعذيب خلال ثلاثة أسابيع تسببت له
في إصابات بليغة، نجم عنها إعاقة دائمة.
واندلع في ليبيا نزاع مسلح منذ 2011، وأدّت المواجهات الدامية بين المعارضة
السياسية والعسكرية التابعة للمجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج، وقوات عملية الكرامة
بقيادة خليفة حفتر، إلى اقتراف ممنهج للجرائم على أيدي المجموعات المسلحة التي انضمت
إلى الطرفين.
وجاء في الشكوى المقدمة أنه لطالما أدان المجتمع المدني الدولي هذه
التجاوزات من الإعدامات خارج نطاق القضاء والاستخدام الممنهج للتعذيب والاغتصاب والحجز
التعسفي والهجمات العشوائية، كما أن المجتمع المدني الليبي ما زال يبحث عن العدالة لمعاقبة
مرتكبي هذه الجرائم.
وذكرت المحامية الفرنسية أنه
منذ سبع سنوات، عاشت ليبيا في فوضى، وأصبحت الجرائم المُقترفة من أي طرف من الأطراف
تفلت من العقاب، كما أن الجرائم نفسها التي ارتكبها نظام معمر القذافي بقيت دون عقاب،
إذ إن أيّا من المحكمة الجنائية الدولية أو السلطات القضائية الوطنية لم تجبر ضرر الضحايا
من خلال تنفيذ العدالة.
وأضافت أنغريد أن هذا الوضع
الجامد سيساهم قطعا في تدمير النسيج الاجتماعي، وسيقف عقبة أمام التوصل إلى أي نوع من
المصالحة الوطنية.
وأكدت الشكوى أن فرنسا تبنّت في مجال التعذيب اختصاصا عالميا محدودا
في وجود أي جلاّد مُفترض على التراب الفرنسي.
وبينت أنه منذ أشهر عديدة، وضع خليفة حفتر قدميه على التراب الفرنسي، سواء من أجل المشاركة في المؤتمرات الدولية ذات الصلة بالوضع في ليبيا، أو من أجل الخضوع
للعلاج.
وانتهت الشكوى إلى أنه من غير المقبول استقبال جلادين مفترضين على التراب
الفرنسي بحرية، وعلى وجه الخصوص من أجل الخضوع للعلاج، بل يتعين عليهم الردّ على التهم
الموجهة ضدهم، وليس من المعقول أن تستقبل فرنسا، التي تُعرّف نفسها بصفتها الوسيط
في النزاع الليبي، جلادين مفترضين على ترابها وتركهم يفلتون من العقاب.
وصادف ذلك زيارة للواء المتقاعد خليفة حفتر إلى فرنسا بدعوة من الرئيس
إيمانويل ماكون؛ للتوقيع على مبادة لحل أزمة ليبيا تتضمن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية
على أساس دستوري نهاية العام الجاري.
يشار إلى أن المحامية الفرنسية، راشيل ليندون، رفعت في مطلع أيار/ مايو
الجاري دعوى قضائية نيابة عن كندي من أصل ليبي يعيش في كندا ضد قائد عملية الكرامة
خليفة حفتر؛ بتهمة التعذيب والوحشية، لدى محكمة فرنسية، وفقا لما نقلته وكالة رويترز.