هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "بلومبيرغ" تقريرا أعده محمد سيرجي، يتحدث فيه التطورات في الأزمة الخليجية بعد مضي عام على فرض السعودية وثلاثة من حلفائها العرب حظرا على قطر؛ لعلاقاتها مع إيران، والتمويل المزعوم للإرهاب.
ويقول سيرجي إنه عندما تستمع للسعوديين، فيبدو لك أن الحصار الذي فرضوه على قطر كان ناجحا، لدرجة أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان صرف النظر عن جارته الخليجية، باعتبارها غير مهمة ليزعج نفسه بها، مشيرا إلى أن أحد المسؤولين في الديوان الملكي السعودي كتب تغريدة في آذار/ مارس، قائلا إن المواجهة هي من اختصاص وزير صغير، ونقل عن ولي العهد قوله: "لم نحرم من أي شيء، وقطر حرمت من كل شيء".
ويعلق التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا إن "الأمر ليس بهذه الصورة؛ لأن الحصار فشل، حيث زادت نسبة الصادرات، بحسب أرقام صندوق النقد الدولي، وستشهد ميزانية عام 2018 فائضا في البلد، الذي يعد الأثرى في العالم بالنسبة للفرد، وشهد اقتصاد قطر نموا سريعا مقارنة مع جاراتها".
وينقل الموقع عن البروفيسور المساعد في كينغز كوليج، ديفيد روبرتس، قوله: "من الصعب رؤية نجاح الحصار.. لم تستسلم قطر ولم تنضم (للحصار) أي دولة عالمية مهمة".
ويشير الكاتب إلى أن الحصار ترك في البداية آثارا خطيرة، حيث بدأت الأموال الأجنبية بالتدفق خارج البلد، وهبطت أسعار السوق المالية بنسبة 7%، وتراجع التصدير في حزيران/ يونيو بنسبة 40%، وتوقف النمو، وزادت أسعار الطعام.
ويفيد التقرير بأن الأزمة كشفت عن عرضة قطر للخطر بعدما توقفت السياحة السعودية، بحسب ما يقول الاقتصادي البازر في شؤون الشرق الأوسط في "بلومبيرغ إيكونوميكس" زياد داوود، ويضيف أن "قطر تدفع مبالغ أكثر مقابل صادراتها، لكنها تستطيع التحمل نظرا لثروتها".
ويلفت الموقع إلى أن قطر استطاعت تحقيق الاستقرار على المستوى الاقتصادي عندما حولت خطوط النقل والتصدير من خلال إيران وتركيا، واستطاع القطريون الذين تحدوا الحصار التحايل على العقوبات، حيث استوردوا الطعام من تركيا، وأحضروا الأبقار من الولايات المتحدة.
ويبين سيرجي أنه في الوقت الذي سحب فيه الإماراتيون والسعوديون 30 مليار دولار من البنوك القطرية، إلا أن هذا المبلغ لم يكن مهما في بلد تصل ثروته السيادية إلى 320 مليار دولار، مشيرا إلى أن هيئة الاستثمار القطرية في الخارج حولت مبلغ 20 مليار دولار لدعم البنوك المحلية.
وبحسب التقرير، فإن الدوحة عززت من علاقاتها مع القوى الدولية، وأعلنت عن خطط لاستثمار 35 مليار دولار في الولايات المتحدة بحلول عام 2020، وزادت من حصصها مع أكبر شركة منتجة للنفط في روسيا "روس نفط"، التي يديرها المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إيغور سيشن، لافتا إلى أن قطر أنفقت مليارات الدولارات على صفقات الأسلحة مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، حيث اشترت مقاتلات وبوارج حربية وصواريخ، واستمرت في الوقت ذاته في بناء الطرق وملاعب كرة القدم؛ تحضيرا لمباريات كأس العالم، التي ستقام في الدوحة عام 2022.
وينقل الموقع عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية لؤلؤة رشيد الخاطر، قولها: "لقد اكتشفنا أننا بحاجة للنظر أبعد من جوارنا وتجاوز محيطنا المباشر، وتقوية علاقتنا"، وأضافت: "لم يكن ذلك مجرد كلام، بل تحقق من خلال المشاريع والزيارات وعبر الاتفاقيات".
ويتحدث الكاتب عن الموقف الأمريكي من الأزمة، فيقول إنها كانت قضية صعبة، وجاءت بعد أسابيع من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية، ولهذا انقسمت الإدارة حول ذلك؛ لأن قطر تقيم تحالفا قويا مع أمريكا، ففي الوقت الذي أعرب فيه ترامب عن دعمه للحصار، حاول وزير الخارجية ريكس تيلرسون طمأنة القطريين، بأن التحالف قائم، ذلك أن أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط موجودة في قطر، وغيّر ترامب موقفه من الدفاع عن الحصار لمديح أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وجهود بلاده في مكافحة الإرهاب.
ويجد التقرير أنه مع أن السبب وراء الحصار كان اتهام قطر بالتقارب مع إيران، إلا أن الأزمة قربتها منها، فاعتمدت عليها في استخدام المجال الجوي الإيراني وحركة الطيران، منوها إلى أن الملحق المالي السابق في سفارتي الولايات المتحدة في الدوحة والكويت مايكل غرينوالد، يرى أن "إيران هي المنتصر الوحيد في هذه الأزمة"، ويقول إن "دينامية القوة الجديدة لإيران تعد من أهم التداعيات المقلقة للمواجهة".
وينقل الموقع عن مسؤول بارز في البيت الأبيض، قوله إن إدارة ترامب تتفق مع هذا التقييم، وبأن إيران هي المستفيد الأول، ولهذا حثت السعودية والدول المتحالفة معها على إعادة العلاقات الدبلوماسية، وإنهاء الأزمة ضمن رزمة واسعة، إلا أن الرباعي لم يظهر حتى الآن استعدادا للتحرك ووقفها.
ويعتقد سيرجي أن الأثر الدائم لهذه الأزمة هو ثقافي، وينقل عن مصرفي قطري، قوله إنه قرر تغيير إجازته إلى بلدة سويسرية صغيرة بدلا من لندن أو باريس؛ ليقلل من ملاقاة سعوديين أو إماراتيين.
ويختم "بلومبيرغ" تقريره بالقول إن قطر قادرة على تجاوز العجز في الميزانية حتى عام 2133، بحسب داوود من "بلومبيرغ إيكونوميست"، لكن كريستيان كوتس إرلشيسن من جامعة رايس يرى أن الرباعي "الذي تسرع للتحرك في حزيران/ يونيو الماضي، دون أي خطة بديلة، لن يتراجع إن فشلت حملة (الصدمة والترويع) الأولى؛ حتى لا يخسر السعوديون والإماراتيون ماء الوجه"، وفي المقابل أظهر القطريون أنهم يستطيعون التعامل مع الوضع القائم.