هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت الحكومة المصرية، الأربعاء، أن قيمة الزيادة في الأجور والعلاوات الخاصة والاستثنائية في الرواتب والمعاشات للموظفين والعاملين بالدولة التي أقرتها الحكومة ومجلس النواب، خلال الأسبوع الجاري، تبلغ 58 مليار جنيه (3.2 مليارات دولار فقط).
وتباينت أراء المحللين والخبراء حيال تلك الزيادات التي تراوحت بين 10 و15 بالمئة؛ ففي الوقت الذي رآى فيها البعض أنها زيادة تسبق رفع أسعار الوقود والكهرباء ورسوم الخدمات، وما يتبعها من ارتفاع في أسعار جميع المنتجات، رآها آخرون أنها تأتي ضمن إجراءات الحماية الاجتماعية.
وقلل محللون وخبراء اقتصاديون في تصريحات لـ"عربي21" من أثر حزمة إجراءات الحماية الاجتماعية التي لا تقترن بخفض نسبة الفقر التي تجاوزت 28% في آخر إحصائية رسمية في عام 2015، وسط توقعات بوصولها إلى 40% بعد إجراءات التقشف الأخيرة.
الأسعار تلتهم الزيادات
وعلق الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، بالقول: "إن الحكومة استفادت من الدرس الماضي، وقررت تقديم رفع المرتبات والمعاشات عن رفع أسعار المحروقات والكهرباء، وهي بهذه الخطوة تحاول أن ترفق زيادة المرتبات مع زيادة الأسعار، لكن لا توجد مقارنة بين هذه الزيادة وتلك، فالأخيرة تلتهم الأولى؛ لأن حجم الزيادات كبير وشامل، فلا يوجد تكافؤ بين الزيادتين".
وأضاف لـ"عربي21" أن زيادة الأجور للقطاع الحكومي تشمل نحو 6 ملايين موظف في حين يوجد في مصر 28 مليون عامل، لا تنطبق عليهم تلك الزيادات، بعضهم يعمل في القطاع الخاص والبعض الآخر في أعمال حرة، سيتجهون جميعا إلى رفع أسعار الخدمات التي يقدمونها.
وتوقع الولي "حدوث موجة من الارتفاعات والزيادات في جميع مناحي الحياة في مصر"، لافتا إلى أن "التضخم في مصر يلتهم أي زيادة أيا كانت، على عكس ما يحدث في باقي دول العالم، فالاتحاد الأوروبي يحدد زيادة التضخم باثنين بالمئة سنويا وعند زيادة الأجور خمسة بالمئة مثلا، يكون هناك فرق ثلاثة بالمئة تؤدي إلى شعور المواطن بأن مستوى حياته الاقتصادي ارتفع وتحسن"، معتبرا أن الزيادة الأخيرة "مجرد مسكنات غير كافية".
جدوى الزيادة
وطرح أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية العلاقات الدولية، أحمد ذكرالله، مجموعة من الأسئلة، قال لـ"عربي21": "إنها تدور بالخاطر عند الحديث عن زيادة الأجور في دولة مثل مصر مرت بإجراءات اقتصادية شديدة العنف على مدار العام الماضي".
واستدرك بالقول: "أول هذه الأسئلة حول تناسب هذه الزيادة مع الزيادات التي حدثت للأسعار نتيجة تلك الإجراءات والتي تقارب 150 في المائة، فلا شك أن مقارنة رقم الزيادة في حدود 200 جنيه مصري تقريبا تُبرِز ظاهرية الإجراء وعدم جدواه، فهذا الرقم لا يغني شيئا خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الزيادات الوشيكة في أسعار الطاقة والتي تُقَدَر نتائجها بارتفاع الأسعار بما يقارب 70 في المائة ".
اقرأ أيضا: مفاجأة السيسي للمصريين.. ضرائب 3 أضعاف قرض "النقد"
وأضاف: "ثاني هذه الأسئلة، هو مدى عدالة الزيادات، بمعنى أن هذه الزيادة تُقَدم لكافة موظفي الدولة، ومن المعروف أن هناك وظائف وموظفين في جهات حكومية يتقاضون رواتب مرتفعة جدا، ولا يحتاجون لهذه الأرقام البسيطة؛ وبالتالي فحتى هذه الزيادات تتسم بانعدام العدالة، وثالث هذه الأسئلة، حول قدرة المواطن على احتمال رفع الأسعار مع زيادة رمزية في الأجر، ولا شك أن الغالبية العظمى من المصريين الآن تحت خط الفقر".
حماية وإصلاح
في حين اعتبر وكيل وزارة التجارة والصناعة للبحوث الاقتصادية، عبدالنبي عبدالمطلب، أن الزيادة تمثل مظلة حماية اجتماعية، قائلا: "إنها تأتي تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي، الذي كان أحد أهم اشتراطاته مقابل تحرير سعر الصرف إيجاد مظلة حماية اجتماعية تحمي الطبقات الفقيرة والأقل دخلا من الآثار السلبية التي ستنتج عن ذلك التحول".
واستبعد في تصريحات لـ"عربي21": "أن تكون الزيادات الأخيرة من أجل امتصاص غضب الجماهير بعد زيادة أسعار الوقود والكهرباء؛ لأن الحكومة لديها اعتقاد جازم بأن الشعب سار في طريق الإصلاح وتحمل تبعاته، وأنه سوف يسير فيه حتى النهاية"، مشيرا إلى أن "السيسي قال في أكثر من مناسبة أنه يفاخر بالمصريين لما تحملوه من إجراءات صعبة تتعلق بالإصلاح الاقتصادي".
اقرأ أيضا: جنون الأسعار في ولاية السيسي الأولى (إنفوغرافيك)
وفيما يتعلق بأوضاع القطاع الخاص والحر الذي يضم الشريحة الأكبر من العمال، قال إنه "عندما تقر الحكومة زيادة في الأجور والمرتبات عادة ما يتبعها القطاع الخاص في زيادة هذه العلاوة، كما تتواصل الحكومة مع أصحاب العمل للوصول إلى إدراجها، أما فيما يتعلق بأصحاب الحرف والمهن، أصحاب الأجور المتغيرة فهؤلاء أول من يرفع أسعار خدماتهم بمجرد حدوث أي ارتفاع".