هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع مجلة "ذا أتلانتك" مقالا لرئيس مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل، ومنسق شؤون الشرق الأوسط والخليج في حكومة باراك أوباما، ومستشاره في الحملة ضد تنظيم الدولة روبرت مالي، يقول فيه إن الأزمة الخليجية وصلت إلى القرن الأفريقي، وباتت تهدد استقرار الصومال.
ويقول مالي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن الحصار الذي تقوده السعودية ضد قطر بات يهدد الإنجازات التي تم تحقيقها في الصومال، الذي يشهد أطول حرب أهلية في العالم.
ويشير الكاتب إلى "التحديات الضخمة التي تواجه البلد حتى يتخلص من آثار الحرب الأهلية، فملفات، كالمصالحة وتوزيع السلطة والمصادر بين القبائل الصومالية وبين مقديشو والأقاليم أو الولايات الفيدرالية، لا تزال مهمة صعبة، بالإضافة إلى بناء قوات الأمن، التي عادة ما تتشكل من المليشيات التي تقسم الولاء أولا لقبائلها، وليس القيادة الرسمية، وأثبتت حركة الشباب أنها أكثر تصميما وقدرة على توفير الخدمات، وتوليد الموارد المالية أفضل من الحكومة التي يستشري فيها الفساد".
ويرى مالي أن "مسار البلد يبدو بشكل عام إيجابيا، بالإضافة إلى أن انتخاب الرئيس محمد عبد الله محمد، المعروف بفارماجو عام 2017، كان أيضا مدعاة لأمل آخر".
ويستدرك الكاتب بأن "أزمة الخليج، التي بدأت في حزيران/ يونيو العام الماضي، جلبت معها طبقة جديدة من التعقيد، وقد سيطرت على محادثاتي مع المسؤولين في القرن الأفريقي، سواء مع رئيس الوزراء، أو وزير التخطيط الوطني، أو الدبلوماسيين الغربيين في العاصمتين الأثيوبية والكينية، حيث كان الموضوع السائد هو الخلاف بين قطر ودول الخليج، وبشكل محدد الإمارات العربية، وآثاره على الصومال والقرن الأفريقي بشكل عام".
ويقول مالي إنه "في أعقاب الأزمة، وبضغط من القوى الخليجية لاختيار طرف، فإن فارماجو أعلن الحياد في الأزمة وعدم تدخل الصومال فيها، لكن الإمارات لم ترض عن الموقف، واعتبرت عددا من التعيينات التي قام بها قريبة من قطر، وتتناقض بالتالي مع حياديته، وردت أبو ظبي، على ما يبدو، بمضاعفة دعمها، ليس للفصائل الصومالية المتنافسة فقط، لكن الحكومات الفيدرالية أيضا، وردت حكومة فارماجو، الغاضبة على محاولات تقويض سلطتها بقمع منافسيها، مستخدمة في معظم الأحيان علاقتهم مع الإمارات".
ويلفت الكاتب إلى أن "الأزمة وصلت إلى ذروتها عندما صادرت الحكومة الصومالية 9 ملايين دولار من طائرة إماراتية في مقديشو، وقدمت الحادث على أنه دليل على تدخل أبو ظبي في شؤونها الداخلية، ونفت الإمارات هذه التهم، وقالت إن الأموال هي رواتب موظفي الأمن التي تدفعها منذ وقت".
ويعلق مالي قائلا: "مهما كان الأمر، فإن الخلاف ترك آثارا مدمرة وصاخبة، حيث قطعت الإمارات برامج المساعدات، وسحبت موظفيها من العاصمة، ما فاقم الصدع من الخلافات الداخلية بين حكومة فارماجو والولايات الفيدرالية، وعمق الخلاف من عجز الحكومة، الذي كان سببا في ظهور حركة الشباب، وهناك مخاطر من عودتها بسبب هذه الخلافات، رغم مليارات الدولارات والخسائر البشرية التي دفعت لمواجهتها".
ويجد الكاتب أن "التحديات الصومالية كلها لا يمكن إلقاؤها على باب الخليج، حيث كانت المساعدات الخليجية واستثمارات حكامها شريان حياة للكثير من الصوماليين، ولا يمكن اعتبار النخبة الصومالية، التي كانت ماهرة في التعامل مع المحسوبيات الأجنبية، ضحية لا حول لها ولا قوة، فقد كانت هذه النخبة بارعة جدا في التلاعب في الأجانب مثل مهارة هؤلاء في التلاعب فيها".
ويستدرك مالي بأن "التنافس بين القوى الخليجية، الذي ظهر بشكل واضح في السباق على التأثير حول البحر الأحمر والقرن الأفريقي، منح بعدا خطيرا لحالة عدم الاستقرار في الصومال".
ويعتقد الكاتب أن "الوقت لم يفت لإصلاح الوضع، من خلال التزام حكومة مقديشو بالحيادية في الخلاف بين قطر والإمارات، وإصلاح علاقتها مع الحكومات الفيدرالية، وعندها ستتوقف دول الخليج عن التدخل في السياسة الداخلية الصومالية، ويتوقف اللاعبون الكثر عن استغلال المصالح الاقتصادية والاستراتيجية لدول الخليج وتكييفها لخدمة مصالحهم".
ويختم مالي مقاله بالقول إن "هذه الخطوات لن تؤدي إلى وضع حد للنزاع الطويل، فحتى دون التدخل الخليجي، فإن تحديات المصالحة، وتحقيق الاستقرار، ومواجهة تهديد حركة الشباب، وتجاوز التوتر بين المركز والهامش تواجه عقبات كبيرة، لكن إن استمرت الدول القوية والغنية في التعامل مع البلد على أنها ساحة حرب يمكن التخلي عنها، ولو تعاملت هذه الدول والفصائل الصومالية مع التنافس من خلال معادلة صفرية غير مناسبة للسياسة المتشرذمة وذات القطبيات المتعددة، فإن سفك الدم والخلاف الذي تسبب بالشقاء للصومال سيأخذان منعطفا أكثر قتامة".