هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حصلت "عربي21" على معلومات هامة تكشف خلفيات ودوافع وثيقة سربتها السلطات السعودية في اليومين الماضيين بصورة متعمدة، تتهم فيها "الفريق الركن، علي محسن الأحمر، نائب الرئيس اليمني، بتقديم هبات ورشاوي لضباط سعوديين".
وتحمل الوثيقة المسربة، التي اطلعت عليها "عربي21"، خطابا من وزارة الدفاع السعودية، ممهورة بتوقيع قائد القوات المشتركة لعملية "إعادة الأمل" في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، لنائب رئيس الجمهورية اليمنية، علي محسن صالح الأحمر، بشأن" تقديمه هبات وهدايا" لضباط سعوديين.
وكشفت مصادر مقربة من الدائرة المحيطة بالفريق الأحمر، أن تسريب السلطات السعودية للوثيقة، التي أكدت صحتها، فيها نوع من استهدافه، ومحاولة مستقبلية لإضعافه.
وأضافت المصادر لـ"عربي21"، أن الوثيقة المسربة تعد تقنينا سعوديا، في مسعى لجمع نقاط ضد نائب رئيس اليمن.
وأكد أحد المصادر أن نسبة كبيرة من الهبات المالية التي أوردتها البرقية، وقالت إنها تكررت بصورة شبه مستمرة، يطلبها الضباط السعوديون من جهات يمنية.
ولم تخف المصادر خطورة التسريب، الذي يميط اللثام لربما عن توجهات سعودية تجاه الفريق الاحمر ، الرجل الأقوى في الجيش اليمني وعلى الأرض .
لكن المصدر ذاته قلل من أهميتها، رغم أنها تأتي في سياق سياسة "الضغط الذي يمارس بحق القيادة الرسمية اليمنية".
وبحسب مصدر ثان، فإن تسريبها يثير تساؤلات كثيرة، خاصة أنها أتت بعد تصريح مثير أدلى به السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل الجابر، الشهر الماضي، يروي فيه تفاصيل "هروب علي محسن الأحمر من العاصمة اليمنية صنعاء"، في اليوم الثاني من اجتياح الحوثيين لها خريف العام 2014.
وكان السفير السعودي كشف، أواخر أيار/ مايو الماضي، عن مزاعم ما قالها إنها طريقة هروب علي محسن الأحمر من صنعاء، بعد لجوئه للسفارة السعودية، في 21 أيلول/ سبتمبر 2014، وهو يوم اجتياح المسلحين الحوثيين بدعم من قوات صالح للعاصمة.
وتحدث آل جابر، في المقابلة التي أجرتها قناة "mbc" السعودية حينها، عن دوره في قال إنه "تهريب" الأحمر، الخصم العسكري الأبرز للحوثيين، بعدما لجأ إلى سفارة بلاده في صنعاء قائلا: "أنا في وجه الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حينها" على حد تعبير السفير .
ووفقا للجابر، الذي كان آنذاك قائما بإعمال السفير، فإنه عقب ذلك تلقى اتصالا من وزير الخارجية وقتئذ، سعود الفيصل، تعهد بالحفاظ على حياة علي محسن، والعمل على إخراجه من البلاد.
رواية سفير المملكة كانت محل سخرية وتندر في الأوساط اليمنية، إلا أنه أشار إلى أنه أرسل أحد قادة القوات الجوية اليمنية مروحية عسكرية من قاعدة العند إلى دار الرئاسة في صنعاء، ومنها تم نقل الأحمر إلى جازان، وكان على متنها "زوجته وأولاده".
وقال إنه قام بالتمويه، وطلب من موكبه مغادرة السفارة، حتى يعتقد الحوثيون وحليفهم الراحل علي عبدالله صالح أنه قد غادر.
ووفقا للمصدر، فإن تسريب البرقية قد يكون نوعا من الضغط على "الفريق علي محسن"؛ للقبول ببعض الترتيبات حول معركة صنعاء، بعد إعلان قرار حسم معركة الحديدة (غربا) على ساحل البحر الأحمر.
يشار إلى أن مكتب نائب رئيس اليمن لم يرد على اتصالاتنا للتعليق حول البرقية الموجهة من وزارة الدفاع السعودي له.
وأشارت المصادر إلى أن هناك محاولة سعودية لإضعاف الفريق الأحمر، وهو ما يشير إلى وجود تباينات كثيرة بينهما.
وحذر مصدر ثالث من خطورة الدوافع السعودية من وراء هذا التسريب، فعلى الرغم من أنها تكشف قدرة الجنرال الأحمر على إقامة جسور تواصل مع الضباط السعوديين، عبر "الهبات المالية"، كما تفعله سلطات المملكة بحق القادة والضباط اليمنيين، إلا أن خطورتها تكمن أولا في توقيت تسريبها، وثانيا في حساسية الوضع الداخلي بالمملكة.
وحذر المصدر من أنها قد تكون مقدمة لإلصاق تهمة "قيام الأحمر بشراء ولاءات ضباط سعوديين، ضمن خطة عمل مع أمراء سابقين لقلب نظام الحكم"، وذلك نظرا للعلاقة التي تربطه بالقادة السعوديين السابقين.
وقال إن "الأحمر يواجه ضغوطا من السلطات السعودية. ولربما تصنف هذه البرقية المسربة، والتصريح السابق للسفير الجابر، ضمن مساعي الضغط عليه، وربما قد تدفعه للاستقالة، لعدم قبوله بمطالب الرياض لدخول صنعاء".
ورفض المصدر الإدلاء بأي تفاصيل إضافية حول هذه المطالب.
تفاصيل البرقية
البرقية المرسلة من وزارة الدفاع، التي يتولاها ولي عهد المملكة، محمد بن سلمان، والمعنونة بـ"سري للغاية"، بتاريخ 23 أيلول/ سبتمبر 2017م ، إلى الرجل الثاني في الحكومة اليمنية الشرعية، تتهمه بتقديمه هبات مالية لضباط سعوديين متواجدين في مناطق حدودية أو في العاصمة الرياض.
وتشير البرقية إلى ضبط حالتين لضابطين في القوات السعودية، تلقيا أموالا مقدمة من الفريق الأحمر، إحداهما تمت عبر مدير مكتبه، والأخرى عبر مندوبه في العاصمة الرياض.
في الحالة الأولى، تفيد البرقية بأن ضابطا سعوديا (لم تسمه) يعمل في المنفذ في الجانب اليمني، أثناء قيامه بتسليم مبلغ مليوني ريال سعودي (أكثر من نصف مليون دولار أمريكي) للفريق الأحمر، مقدمة من سلطات بلاده، بتاريخ 9 أيلول/ سبتمبر2017، عن طريق مدير مكتبه، قام الأخير بإخراج مبلغ 100 ألف ريال، بما تساوي (26 ألف دولار تقريبا)، ووضعها بالشنطة (الحقيبة) الخاصة بالضابط السعودي.
وعند استفسار الضابط السعودي، وفقا للبرقية، من مدير مكتب الأحمر عن أسباب إعطائه المبلغ، أفاد بأنه "مقابل أتعاب الطريق".
أما الحالة الثانية، فتورد البرقية أن مندوب الفريق محسن الأحمر، "علي سليمان"، قام بتاريخ 18 من الشهر ذاته، بالاتصال بالعميد السعودي، فلاح بن محمد الشهراني، طالبا مقابلته. مؤكدة أنه وعند لقاء "سليمان" بالعميد الشهراني في حي النخيل في الرياض، سلّمه "هدية" من الأحمر، اتضح أنها عبارة عن مبلغ 300 ألف ريال سعودي (79ألف دولار أمريكي تقريبا).
وعقب سرد تفاصيل الحالتين، خاطبت الوزارة في برقيتها بالقول: لا يخفى علينا الجود والكرم العربي المتأصل بكم وبالقبائل اليمنية، كما لا يخفى على فخامتكم اختلاف العادات والتقاليد لتقديم هذه الهبات والهدايا، خصوصا خلال الظروف الراهنة".
ونبهت البرقية نائب الرئيس اليمني إلى "المحاذير في إعطاء مثل هذه المبالغ" للعسكريين السعوديين أثناء تأدية مهامهم العملية والوطنية، والمكلفين بإيصال هذه المبالغ للفريق علي محسن.
وأشارت إلى أن ما تم ضبطه من هبات مالية ليست الأولى، بل سبق أن تكرر بصفة شبه مستمرة إعطاء مثل هذه المبالغ، وأبلغنا الكثير منهم بذلك، علما أن جميع ما يتم صرفه من مبالغ لمساندة العمليات في الداخل اليمني". مطالبة إياه بالتوقف عن تقديم مبالغ لمنسوبي القوات السعودية، والتأكيد على المرتبطين بالفريق محسن التقيد بذلك.
وأبلغت برقية وزارة الدفاع السعودية الأحمر بأن المبالغ تمت مصادرتها، وتم تخصيصها لشهداء الواجب من الجيش والمقاومة"، في إشارة إلى قوات الجيش والمقاومة اليمنية.