هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع دخول حملة "ارفعوا العقوبات عن غزة" شهرها الثاني على التوالي، تبدو السلطة الفلسطينية غير آبهة بالحراك الجماهيري المتصاعد، في ظل مؤشرات تؤكد إصرارها على موقفها بعدم التراجع عن قرار رفع العقوبات عن قطاع غزة.
وانطلقت الحملة في أواخر مايو/ أيار الماضي في الضفة الغربية بعد تبنيها من قبل شخصيات عامة وممثلي منظمات المجتمع المدني قاموا خلالها بالدعوة لعدد من المظاهرات الشعبية ذات الطابع السلمي للضغط على السلطة لوقف إجراءاتها العقابية ضد سكان القطاع.
وبدأت المظاهرات تجتاح مدن الضفة الغربية في 10 من الشهر الجاري حينما دعت الحملة إلى تنفيذ أول وقفة احتجاجية في مدينة رام الله ونابلس، ثم تطورت المظاهرات لتعم مدن بيت لحم والقدس والخليل وطولكرم.
ويعتبر التطور الأبرز لهذه الحملة نجاحها في تنفيذ وقفات احتجاجية أمام السفارات الفلسطينية في العاصمة اللبنانية بيروت وعمان في الأردن، ومدينة مونبيلييه الفرنسية، وميلانو في إيطاليا.
وعي الشارع الفلسطيني
منسق حراك ارفعوا العقوبات عن غزة، هاني المصري، أوضح أن "دخول الحملة شهرها الثاني بهذا الزخم الشعبي الفلسطيني في الداخل والخارج يؤكد مدى وعي الشارع الفلسطيني بضرورة أن تعود غزة كحاضنة للمشروع الوطني من خلال دعمها ورفع كافة القيود والإجراءات العقابية التي اتخذتها السلطة بحقهم في ظل سعي الإدارة الأمريكية والإسرائيلية لطرح صفقة القرن خلال المرحلة القادمة".
وأوضح المصري في حديث لـ"عربي21" أن "العقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة تتسبب في حرف مسار المشروع الوطني من الإصرار على الثوابت الوطنية إلى قضايا إغاثية وإنسانية، فغالبية سكان القطاع تضرروا من هذه العقوبات وأصبح لزاما على السلطة أن تعيد النظر في مواقفها السياسية فيما يخص ملف المصالحة مع حركة حماس".
وفي تقييمه لنتائج الحراك مع دخوله شهره الثاني، بين المصري أن "الحراك نجح في أكثر من مستوى وأخفق في مستويات أخرى، فعلى مستوى النجاح يمكن النظر إلى الحراك بأنه أعاد الاعتبار والقوة للشارع الفلسطيني في التأثير على القرار السياسي، فعند النظر إلى السنوات الماضية لم يكن الشارع في الضفة يمتلك الجرأة في الخروج بمظاهرات تندد بسياسة السلطة ولكن ذلك تغير خلال الشهر الماضي بصورة لافتة".
اقرأ أيضا: المئات يخرجون من جديد في رام الله لرفع العقوبات عن غزة
وعلى الجانب الآخر "لم تكن استجابة السلطة لمطالب الحراك بالقدر المأمول حيث سمعنا العشرات من الوعود بوقف هذه الإجراءات ولكن دون تحقيقها، وهذا ما قد يؤسس لمرحلة جديدة قد تضطر السلطة لسنوات قادمة لتعيد الثقة التي فقدتها أمام الشارع الفلسطيني".
الاستمرار في الحملة
وفي ذات السياق أشارت ريتا أبو غوش، أحد المشاركات في إطلاق حراك ارفعوا العقوبات، إلى أن "الحراك منذ انطلاقه وهو يتبنى قضية العقوبات على غزة كأولوية بالنسبة له، ويحاول بكل ثقة تسخير كافة الجهود والطاقات الموجودة لدى القائمين عليه للتواصل مع الجاليات الفلسطينية في الداخل والخارج لتنفيذ الوقفات الاحتجاجية، على أمل أن تستجيب السلطة لمطالب الشارع الفلسطيني وتتخذ موقفا سيخلده التاريخ لوقف العقوبات المفروضة على غزة".
وأضافت أبو غوش في حديث لـ"عربي21" أن "الحراك ما زال في بداياته ولا يمكن الحكم على النتائج التي حققها خلال شهر واحد من انطلاقه"، مؤكدة أن "الحراك سيستمر دون اكتراث حتى تتحقق مطالبه برفع السلطة للعقوبات المفروضة على غزة رغم كل المعيقات التي قد نواجهها لتحقيق هذا الهدف".
تجدر الإشارة إلى أن السلطة الفلسطينية تعاملت مع الحراك منذ بداياته من خلال القوة الأمنية حيث شهد يوم الـ 13 من الشهر الجاري اعتقال السلطة لـ56 متظاهرا في رام الله بعد ساعات على مرسوم أصدره الرئيس بمنع تنظيم أي مظاهرات قد تعيق حركة المواطنين أو تتسبب في إرباكها.
محاولة لامتصاص غضب الشارع
أما على المستوى السياسي فلم يتغير موقف السلطة بشأن العقوبات على غزة حيث ما تزال نبرة تصريحات مسؤولي السلطة وحركة فتح ضمن سياسية امتصاص غضب الشارع دون تطبيق حقيقي لهذه التصريحات.
اقرأ أيضا: ردود فعل غاضبة بعد قمع السلطة الفلسطينية لمظاهرات الضفة
من جانبه نوه أستاذ العلوم السياسية، عبد الستار قاسم، بأن "الحراك الشعبي في الضفة الغربية ضد العقوبات التي يفرضها الرئيس على غزة لم يحقق أهدافه كما سعى القائمون عليه، وذلك استنادا للمشاركة الخجولة التي رافقت هذه المظاهرات رغم صدق الرسالة الإنسانية التي حملها المتظاهرون".
وأضاف المحلل السياسي في حديث لـ"عربي21" أن "غزة باتت في ذيل الأولويات بالنسبة للسلطة وقرار العقوبات عليها هو جزء من وظيفة السلطة بممارسة ضغط سياسي واقتصادي لإجبار الشارع في غزة على القبول بصفقة القرن".